الإثنين، 28 يوليو 2025

06:43 م

من التنبؤ بالأوبئة إلى دعم القرار الطبي، كيف يمكن تسخير الذكاء الاصطناعي لعالم أكثر صحة؟

الإثنين، 28 يوليو 2025 12:31 م

بينما لا تزال آثار جائحة "كوفيد-19" تلقي بظلالها على أنظمة الصحة العالمية، واجه العالم تحديًا صحيًا جديدًا تمثل في تفشي مرض “الجدري المائي”(Mpox) بين عامي 2022 و2023.

انطلق التفشي من مناطق تعدين نائية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ثم امتد إلى الدول المجاورة، ليصل لاحقًا إلى أوروبا وآسيا، متجاوزًا الحدود الجغرافية المعتادة لهذا المرض النادر.

في ظل هذه التحديات، أظهر الذكاء الاصطناعي (AI) قدرات واعدة في دعم الاستجابة الصحية السريعة وتحقيق العدالة في الوصول إلى الرعاية الصحية، خصوصًا في البيئات ذات الموارد المحدودة، وفقًا لتقرير حديث نشره موقع منتدى الاقتصاد العالمي.

"الجدري المائي Mpox " وانتقاله خارج نطاقه التقليدي

وأشار التقرير إلى أن يعتبر "الجدري المائي Mpox " مرضًا شديد العدوى وقد يكون قاتلًا، ويتنشر المرض في المناطق، مثل الكونغو، حيث تعاني من تقاطعات معقدة بين النزاعات المسلحة، وتغير المناخ، ونزوح السكان، إلى جانب ضعف البنية التحتية الصحية.

وفي ظل استمرار تفشي المرض في هذه المناطق، أصبحت الفحوصات السريعة داخل المجتمعات وعند المعابر الحدودية أداة حيوية لحماية الأمن الصحي العالمي.

دور الذكاء الاصطناعي في مواجهة تفشي "الجدري المائي Mpox "

في رواندا، طورت الحكومة بالتعاون مع شركاء تقنيين أداة قائمة على الذكاء الاصطناعي لاكتشاف مرض "الجدري المائي Mpox " من خلال تحليل صور الجلد.

وهو ما يمكن العاملون الصحيون في استخدام هذه الأداة عبر الهواتف المحمولة على المعابر الحدودية مع أوغندا وبوروندي والكونغو، بهدف الكشف المبكر عن الحالات والحد من انتشار المرض، وتكمل هذه الأداة الفحوصات الجزيئية، مما يعزز فعالية التدخلات الوقائية ويقلل من المخاطر على الفئات الأكثر عرضة.

الذكاء الاصطناعي قابل للتطبيق على أمراض أخرى

يظهر هذا النموذج أن تدريب الخوارزميات على دعم عمليات المراقبة الصحية قابل للتوسيع والتطبيق في أمراض معدية أخرى، وفقًا للخصوصيات السكانية والسياقية.

وبدأت الدول التي يمولها "الصندوق العالمي" بدأت في استخدام الذكاء الاصطناعي منذ عام 2018، لا سيما في مكافحة السل، مما أدى إلى توسيع نطاق الاختبارات وتحسين توجيه العاملين الصحيين نحو المناطق الأكثر احتياجًا.

التحول الرقمي يبدأ من البنية الأساسية

لكي تكون أدوات الذكاء الاصطناعي فعالة ومستدامة، يجب أن تقوم على بنية رقمية قوية، وتشمل هذه الأسس أنظمة بيانات صحية مؤمنة، وسجلات مرضى رقمية، وربط فعال بين المستويات الصحية المختلفة.

في هذا السياق، يعمل "الصندوق العالمي" مع الحكومات لطرح أسئلة جوهرية حول قابلية تطبيق الذكاء الاصطناعي في كل سياق محلي، مثل ما التحديات التي نواجهها؟، وما التطبيقات المناسبة للذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن؟، وكيف يمكن استخدامها لتسريع التقدم؟، وما الطرق الممكنة لتوسيع نطاقها؟.

دمج أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن الأنظمة الصحية الوطنية

وأكد التقرير، أن نجاح هذه المبادرات التجريبية، يتوقف على دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في المنصات الوطنية الرقمية للصحة من البداية، وأن تبنى بشكل قابل للتطوير باستخدام بنى مفتوحة وقابلة للتعديل حسب الحاجة.

كما يجب أن تستند هذه الأدوات إلى بيانات موثوقة، وتخضع لمعايير المساءلة ذاتها المعتمدة في الاستثمارات الصحية الأخرى.

اعتماد تدريجي يراعي الواقع المحلي

وأشار التقرير إلى أن يمكن للدول التي تمتلك بنية تحتية رقمية أساسية، مثل الكهرباء المستقرة، والاتصال بالإنترنت في المرافق الصحية، والسجلات الرقمية، أن تبدأ في استخدام أدوات بسيطة تعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل روبوتات المحادثة للفرز المبدئي للأدوية، وتنبيهات عبر لوحات تحكم في حال نقص الأدوية، ورسائل تذكير للمرضى عبر الهاتف المدعومةبالذكاء الاصطناعي.

ومع تطور الأنظمة الرقمية، يمكن الانتقال إلى تطبيقات أكثر تعقيدًا مثل أنظمة التنبؤ بالأوبئة، والتشخيص التلقائي عبر الصور الطبية، وتحسين إدارة الموارد وكفاءة القوى العاملة الصحية.

ضرورة اعتماد نهج تدريجي وقابل للتوسعة

وأكد التقرير أن يضمن التدرج في إدماج الذكاء الاصطناعي التوسعة المستدامة، فعلى سبيل المثال تمكنت رواندا من استخدام أداة تشخيص "الجدري المائي Mpox" القائمة على الصور بفضل توفر بنية تحتية رقمية موثوقة على مستوى الدولة.

ولكن، لا تزال البلدان منخفضة الدخل تواجه تحديات كبيرة في التمويل، حيث تعاني من ارتفاع كلفة الاقتراض وضيق في الميزانيات، وهنا يأتي دور التمويل التيسيري والدعم المقدم من المؤسسات متعددة الأطراف من خلال آليات تمويل جماعية، وأسعار تفضيلية للأجهزة والبرمجيات، وتنسيق التمويل مع الخطط الوطنية والمعايير الرقمية.

التمويل المشترك والبنية التحتية المشتركة لتعزيز الاستدامة

من خلال تمويل البنية التحتية المشتركة مثل خوادم تعمل بالطاقة الشمسية، ومراكز تحليل إقليمية، شبكات رقمية في المناطق النائية، تتحمل هذه المؤسسات جزءًا كبيرًا من المخاطر المالية الأولية، مما يمنح البلدان القدرة على دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمتها الصحية دون أن تتحمل كامل العبء المالي.

وفي الوقت نفسه، يجب أن تحتفظ هذه الدول بملكية هذه المشاريع وتضمن استدامتها مستقبلاً.

أربعة مبادئ رئيسية لتفعيل الذكاء الاصطناعي في الصحة

وأوضح التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، توظيف الذكاء الاصطناعي بفعالية في قطاع الصحة العالمي، يجب على الممولين والحكومات الالتزام بأربعة مبادئ أساسية، وهي:

 1. تقييم الجاهزية مقابل النضج الرقمي

لا بد من دراسة كل مبادرة في ضوء مستوى النضج الرقمي والجاهزية المالية للدولة المعنية.

2. مرحلة الطموح

يجب مواءمة تعقيد الحلول مع مستوى التطور الرقمي، ونبدأ بالأدوات البسيطة ثم ننتقل إلى الحلول المتقدمة تدريجيًا.

3. تمويل مشترك بين القطاعين العام والخاص

يجب أن تشارك الحكومات والمؤسسات الدولية والشركات الخاصة في التكلفة والمخاطر والخبرة، بما يضمن سوقًا رقمية صحية ومستدامة.

4. التخطيط للملكية المحلية في كل مرحلة

من الضروري وضع خارطة طريق واضحة للانتقال من المشاريع التجريبية إلى أنظمة وطنية موسعة، بما يتماشى مع مراحل تطور البنية التحتية في الدولة.

نحو أنظمة صحية أكثر ذكاء وعدالة

عندما تتوافق استثمارات الذكاء الاصطناعي مع قدرات كل دولة، وتتم مشاركة المخاطر وتطوير البنى التحتية بشكل جماعي، يمكن حينها إطلاق العنان للإمكانات الحقيقية للتكنولوجيا.

الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية، بل ضرورة لبناء أنظمة صحية أذكى، أكثر عدالة، وأكثر قدرة على الصمود ومكافحة الأمراض الكبرى دون أن يترك أحدًا خلف الركب.

اقرأ أيضًا:

وداعًا جوجل، الذكاء الاصطناعي يدخل عصر ما بعد محركات البحث

اقرأ أيضًا:

الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، صديق وفي أم خصم مرعب؟

الذكاء الاصطناعي السبب، قفزات مزدوجة لصناديق التحوط الصينية

لتحسين الكفاءة، استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة مؤسسات الدولة

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search