رفض أمريكي رسمي لاتفاق منظمة الصحة، هل يواجه العالم أزمة دولية جديدة؟
السبت، 19 يوليو 2025 12:43 م

منظمة الصحة العالمية
ميرنا البكري
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية رفضها الرسمي للاتفاق الدولي الذي أقرته منظمة الصحة العالمية في مايو المنصرم، والمتعلق بتعزيز التعاون العالمي لمواجهة الجوائح الصحية المستقبلية.
كما جاء هذا الاتفاق بعد 3 سنوات من المفاوضات، بهدف تفادي التكرار الكارثي الذي حدث أثناء جائحة كوفيد-19، خاصةً فيما يتعلق بتأخر الاستجابة وغياب العدالة في توزيع اللقاحات والأدوية بين الدول.

خلفية تاريخية عن منظمة الصحة العالمية
مع انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، كانت الدول خارجة من أزمة كبيرة، واعتبروا الصحة أولوية، ولذلك عند اجتماع الدبلوماسيين في مؤتمر تأسيس الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو، صدر اقتراح من ممثلين البرازيل والصين لإنشاء منظمة صحية عالمية تهتم بصحة الأفراد في كل الدول.
كبرت الفكرة، وتم تأسيس مؤتمر كبير عام 1946 في نيويورك، شاركت فيه دول كثير، وهناك اتفقوا على "دستور" للمنظمة، وقعت عليه 61 دولة.
وكان هناك شرط، لا يدخل الدستور حيز التنفيذ إلا بموافقة 26 دولة منهم رسميًا، وذلك حدث بالفعل يوم 7 أبريل 1948، والذي أصبح بعد ذلك "يوم الصحة العالمي".
من وقتها، أصبحت منظمة الصحة العالمية (WHO) تعمل تحت مظلة الأمم المتحدة، وهدفها الأساسي هو تحسين صحة الشعوب ومحاربة الأمراض، خاصةً في الدول الأضعف.
اتفاق عالمي لتوزيع اللقاحات والعلاجات بعد أزمة كوفيد
كان يهدف هذا الاتفاق إلى توحيد جهود العالم إذا حدث وباء جديد، كما يضمن أن 20% من إنتاج أي لقاح أو دواء يتوزع للدول الفقيرة عن طريق منظمة الصحة، أي بناء نظام عالمي أكثر عدالة واستعداد.
تولد الاتفاق من قلب أزمة كوفيد التي فضحت خلل رهيب في توزيع الموارد، وتركت دول كاملة دون لقاحات أو حتى ماسكات طبية، في وقت كانت فيه الدول الغنية تخزن الكثير.
معارضة أمريكية للاتفاق، مخاوف من فقدان السيادة في إدارة الأوبئة
جاء القرار الأمريكي بقيادة ماركو روبيو (وزير خارجية أمريكا) وروبرت كينيدي جونيور(وزير الصحة في أمريكا)، الذي يُعرف بمواقفه المتشددة ضد اللقاحات، لعدة أسباب منها، الاعتقاد بأن الاتفاق يعطي "سلطات غامضة ومقلقة" لمنظمة الصحة في إعلان الأوبئة، كما يرون أن إدارة الأوبئة لابد أن تكون "قرار سيادي أمريكي" وليس تحت غطاء أممي، وأيضًا تم الوصول إلى هذا الاتفاق دون مشاركة مجتمعية كافية "، مما يعتبروه خطر ديمقراطي.
أسباب اقتصادية واستراتيجية أعمق
تمتلك أمريكا شركات عملاقة في مجال الأدوية (فايزر، موديرنا، جونسون آند جونسون)، وكان الاتفاق يجبرهم للتنازل عن 20% من الإنتاج لمنظمة الصحة، وهذا يعني أن خسارة أرباح بمليارات الدولارات في أي جائحة قادمة.
الخوف الشديد من انتقال التكنولوجيا، فالتوزيع العادل يعني أن الدول الفقيرة ستكون قادرة على التصنيع محليًا، أو أخذ نسخة من التراخيص، مما يشكل خطرًا على هيمنة أمريكا على براءات الاختراع والتكنولوجيا الحيوية.
بدأ ترامب الانسحاب، ودعمه كينيدي وروبيو، والرؤية هنا ان أمريكا لابد أن تكون لديها اليد العليا في أي أزمة عالمية، ولو هذا يعني أن الدول الأخرى تنتظر في الطابور؟ فليكن.
التأثير العالمي، ضربة قوية للعدالة الصحية والاقتصاد العالمي
انسحاب أمريكا ليس مجرد رفض رمزي، بل أكبر دولة ممولة لمنظمة الصحة (تمول حوالي 15% من ميزانيتها)، وهذا يعني ضعف قدرة المنظمة على توزيع الموارد وقت الأزمات، ورجوع سيناريو "سباق اللقاحات" مثل كوفيد، الذي رأينا فيه الدول الغنية تسبق، وأيضًا زيادة الفجوة بين شمال غني وجنوب فقير، وبالتالي يؤثر على الاستقرار الاقتصادي العالمي.
هل شركات الأدوية ستكون الرابح الأكبر؟
يعطي انسحاب أمريكا حرية أكثر لشركات الدواء الأمريكية للبيع حسب الطلب والأسعار، دون أن يكونوا ملتزمين بأي نسبة مجانية أو دعم للدول النامية، وهذا يعني أسعار أعلى، احتكار أكثر، مكاسب بمليارات.
لكن أيضًا قد يخلف هذا غضب عالمي، ويمكن دول أخرى (مثل الهند، جنوب أفريقيا) تدفع لإنشاء نظام بديل لتصنيع الأدوية واللقاحات، بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية.
اقرأ أيضًا:
انسحاب أمريكا من اتفاق «الصحة العالمية» ضربة مباشرة لتمويل مواجهة الأوبئة
الولايات المتحدة ترفض تعديلات اللوائح الصحية الدولية لمنظمة الصحة العالمية

توقعات، إلى أين يتجه العالم بعد هذا القرار؟
1. تراجع دور منظمة الصحة العالمية، فقد يفتح انسحاب أمريكا الباب لدول أخرى للخروج، مما يضعف المنظمة أكثر.
2. تزايد النزاعات وقت الأوبئة، قد تتصرف كل دولة بمفردها حتى لو على حساب الجيران، أي سنرى جائحة وفوضى سياسية وفوضى اقتصادية.
3.قد نجد تحالفات إقليمية مثل تحالف اللقاحات الأفريقي أو الآسيوي، لكي يكون هناك "بديل" عن الاعتماد على الغرب وقت الأزمات.
ختامًا، انسحاب أمريكا من الاتفاق ليس قرار سياسي فقط، بل مؤشر على شكل المستقبل، ويُضعف هذا الانسحاب التعاون الدولي في مواجهة الجوائح، ويعيد سيناريو غياب العدالة في توزيع اللقاحات، وإذا تكررت أزمة صحية جديدة، سيدفع العالم كله الثمن، وليس الدول الفقيرة فقط.
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تغلق مشاريع المياه، أزمة مستمرة وتأثيرات كارثية
20 يوليو 2025 05:18 م
ترامب VS ماسك.. هل تهدد السياسة مستقبل ناسا الفضائي؟
20 يوليو 2025 03:45 م
صفقات تحت المجهر.. كيف يغير ترامب قواعد الدمج والاستحواذ في أمريكا؟
20 يوليو 2025 12:35 م
أكثر الكلمات انتشاراً