الإثنين، 14 يوليو 2025

11:50 م

الموازنة الخضراء، عندما تتحد السياسة المالية مع أجندة الكوكب

الإثنين، 14 يوليو 2025 09:25 م

ثورة الموازنة الخضراء

ثورة الموازنة الخضراء

لم تعد البيئة مجرد بند تجميلي في جداول الحكومات، ولا قضية تخص وزارات البيئة وحدها، اليوم، تفرض تحديات تغير المناخ والتدهور البيئي إعادة تعريف شاملة لأولويات الإنفاق العام، حيث بدأت تظهر ملامح ثورة هادئة في قلب وزارات المالية، إنها ثورة الموازنة الخضراء.

التحول الأخضر

من وثائق محاسبية إلى أدوات لتحقيق الاستدامة

لسنوات، كانت الميزانيات الحكومية أشبه بخرائط للسياسات الاقتصادية، وكان هناك أسئلة متداولة، ما الذي ستموله الدولة؟ من أين ستأتي الإيرادات؟ وما هي أولوياتها في النمو والتشغيل؟

لكن مع اشتداد أزمة المناخ، بات واضحًا أن النمو الاقتصادي لم يعد كافيًا إذا لم يكن مستدامًا، وهنا ظهر مفهوم الموازنة الخضراء كاستجابة ذكية تدمج البيئة في صميم عملية تخصيص الموارد.

الموازنة الخضراء لا تعني مجرد زيادة الإنفاق على المشروعات البيئية، بل تتجاوز ذلك نحو إعادة صياغة شاملة لآليات الإنفاق والتحصيل، بحيث تصبح الاعتبارات البيئية جزءًا لا يتجزأ من كل قرار مالي، من دعم الطاقة إلى سياسات الضرائب.

اقرأ أيضًا:

التكامل الاقتصادي الخليجي.. حين يتحول الحلم إلى بنية تحتية للنفوذ الإقليمي

هل تنجح المالية الخضراء في موازنة الأهداف الثلاثية؟

تكمن قوة الموازنة الخضراء في قدرتها على موازنة ثلاثة أهداف متداخلة، الاستقرار المالي، النمو الاقتصادي، والاستدامة البيئية.

وتؤدي هذه المقاربة إلى تغيير جذري في طريقة تقييم المشاريع والسياسات، فمشروع البنية التحتية لم يعد يقيم فقط بناءً على جدواه الاقتصادية، بل أيضًا على بصمته الكربونية وتأثيره البيئي طويل الأجل.

فمثلًا، لا تكتفي الموازنات الخضراء بتصنيف الإنفاق البيئي، بل تدمج أدوات مثل تحليل الأثر البيئي، وقياس البصمة الكربونية للسياسات، ومواءمة الضرائب والدعم مع الأهداف المناخية، إنها آليات تعزز المساءلة البيئية وتمنع الغسل الأخضر الذي قد تلجأ إليه بعض السياسات.

الاقتصاد الدائري

فوائد مزدوجة في زمن الندرة

في عالم يشهد شحًا في الموارد وارتفاعًا في الديون السيادية، توفر الموازنة الخضراء إطارًا لتخصيص أكثر كفاءة للموارد العامة.

فبدلاً من إنفاق غير فعال على قطاعات قد تفاقم أزمات التلوث أو تغير المناخ، تتيح الموازنة الخضراء توجيه الإنفاق نحو مشروعات عالية الأثر، الطاقة المتجددة، النقل النظيف، برامج كفاءة الطاقة، ومبادرات الحفاظ على التنوع البيولوجي.

وفي السياق ذاته، فإن مواءمة السياسات المالية مع الأجندة البيئية لا يحقق فقط التزامات الدول باتفاقيات مثل باريس، بل يفتح أيضًا المجال أمام تدفقات مالية دولية خضراء، مثل القروض الميسرة من مؤسسات التنمية، والسندات الخضراء.

اقرأ أيضًا:

العناقيد الصناعية 2.0، كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي والتحول الأخضر رسم خريطة العالم؟

تحديات التطبيق بين الكم والكيف

ورغم أن العديد من الدول بدأت في تصنيف إنفاقها الأخضر، فإن التحدي الأكبر يبقى في قياس الأثر الفعلي لهذا الإنفاق، فوجود بند في الموازنة يحمل صفة أخضر لا يعني بالضرورة أنه يحدث فرقًا بيئيًا ملموسًا.

من هنا، يبرز دور أنظمة التقييم البيئي والمتابعة الدقيقة، مثل قياس خفض الانبعاثات، أو التأثير على كفاءة استخدام الموارد، ودون هذا التقييم النوعي، تصبح الموازنة الخضراء مجرد عملية محاسبية لا تنعكس على الواقع البيئي أو المناخي.

الموازنة الخضراء

المالية العامة في خدمة كوكب هش

الانتقال إلى موازنات خضراء ليس ترفًا ولا مجرد استجابة لضغوط المنظمات الدولية، بل هو استثمار طويل الأجل في استقرار الدول نفسها.

فعندما تتكرر الكوارث المناخية، من فيضانات وجفاف وحرائق، تتحمل الحكومات كلفة مالية باهظة للتعويض والإصلاح، ما يفاقم العجز والدين، لذا فإن الوقاية من خلال دمج البيئة في السياسات المالية أرخص وأكثر فعالية.

اقرأ أيضًا:

الحزام الصناعي الجديد يقلب الطاولة، من هامش الصناعة إلى قلب التحوّل الأخضر

هل تصبح وزارات المالية حماة للبيئة؟

في عالم تتسارع فيه التحديات المناخية، لم يعد من الممكن الفصل بين الاقتصاد والبيئة، وإذا كانت وزارات البيئة ترفع رايات التحذير، فإن وزارات المالية تملك مفاتيح الحل.

فبناء موازنات خضراء متكاملة لا يحمي فقط البيئة، بل يعزز المرونة الاقتصادية والسيادة المالية في وجه أزمات المستقبل، والسؤال لم يعد هل نستطيع تحمل تكلفة الموازنة الخضراء؟ بل هل نستطيع تحمل تكلفة تجاهلها؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search