ترامب والطاقة النظيفة، كيف تؤثر سياسات الرئيس الأمريكي على مستقبل الصناعة الخضراء؟
الجمعة، 11 يوليو 2025 10:56 ص

صناعة الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة
كريم قنديل
تعيش صناعة الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة لحظة فارقة، وسط رياح سياسية واقتصادية معاكسة تهدد بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء بعد سنوات من النمو المدفوع بالحوافز الخضراء.

فمع عودة دونالد ترامب إلى واجهة المشهد السياسي، وانقلاب المزاج التشريعي في الكونجرس لصالح الجمهوريين، تتعرض شركات الطاقة المتجددة، وعلى رأسها شركات الطاقة الشمسية، لهزة قوية تهدد أسس وجودها.
نهاية العصر الذهبي؟
لسنوات، استفادت صناعة الطاقة النظيفة من سياسة داعمة خلال إدارة الرئيس جو بايدن، التي ربطت مكافحة تغير المناخ بالتحفيز الاقتصادي.
شكل قانون خفض التضخم حجر الأساس لتلك المقاربة، مانحًا إعفاءات ضريبية واستثمارات فدرالية ضخمة في البنية التحتية للطاقة المتجددة، مما ساعد في خفض التكاليف وتسريع التبني.
لكن مع تصاعد نفوذ ترامب، بدأت مرحلة مضادة تتسم بالتشكيك في التغير المناخي، والانحياز الواضح للوقود الأحفوري، وتقييد الدعم التشريعي والمالي للطاقة المتجددة.
الهجوم لم يقتصر على الجانب الخطابي، بل تجسد في سياسات جمركية جديدة حارقة، وقرارات تعمل على تقييد الحوافز التي قامت عليها شركات الطاقة الخضراء.
اقرأ أيضًا:
«قانون ترامب الضريبي» يهدد مستقبل «الطاقة النظيفة» في أمريكا بإلغاء الحوافز
أزمات متداخلة.. تمويل مكلف وسوق محاصرة
ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، نتيجة السياسة النقدية المتشددة لمواجهة التضخم، زاد الطين بلة، فتكاليف الاقتراض ارتفعت، سواء على مستوى الشركات أو المستهلكين، ما أضعف شهية الاستثمار.
وأجبر العديد من الأسر الأمريكية على تأجيل أو إلغاء خطط تركيب الألواح الشمسية، خصوصًا في السوق السكنية التي تشكل حجر الزاوية للقطاع.
انعكاس هذه الأزمة كان سريعًا، حيث أعلنت شركة "سونوفا إنرجي إنترناشونال" إفلاسها، بالرغم من أنها واحدة من أكبر الشركات العاملة في مجال الطاقة الشمسية السكنية.
تبعتها شركة "سولار موزاييك"، وهي واحدة من أكبر المقرضين لتمويل أنظمة الطاقة الشمسية، بإعلان مماثل، وتم تجميد وإلغاء استثمارات بقيمة تجاوزت 14 مليار دولار منذ بداية العام.

من واشنطن إلى بكين.. الطابع الدولي للأزمة
تعقد المشهد أكثر بسبب التوترات التجارية مع الصين، الشريك المهيمن على سلاسل التوريد الخاصة بالطاقة الشمسية.
فالصين تنتج أكثر من 85% من الخلايا الشمسية عالميًا، و79% من مادة البولي سيليكون المستخدمة في تصنيعها، ما يمنحها ميزة تنافسية ساحقة.
الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب والتي ضاعفها بايدن لاحقًا في بعض المنتجات على واردات الطاقة الشمسية من الصين، تسببت في رفع الأسعار محليًا، حيث يصل سعر الألواح الأمريكية إلى 30 سنتًا للواط، مقارنة بـ10 سنتات للمنتجات الصينية، هذا التفاوت جعل السوق الأمريكي أقل قدرة على المنافسة، رغم محاولات توطين الصناعة.
اقرأ أيضًا:
دعم تسلا على المحك، هل ينجح ترامب في إيقاف قطار الطاقة النظيفة؟
بين التصعيد الجمهوري والتراجع الاستثماري
الكونجرس الأمريكي، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، يضع الآن معولاً جديدًا في جسد هذه الصناعة عبر مشروع قانون يُنهي الإعفاءات الضريبية التي نص عليها قانون خفض التضخم.
وإذا ما أقر هذا التشريع، فستفقد شركات الطاقة المتجددة أهم عوامل الجذب المالي، في وقت تعاني فيه بالفعل من نقص السيولة وتراجع الطلب.
إن الشركات الأمريكية تجد نفسها في بيئة عدائية سياسيًا واقتصاديًا، ومع وجود السياسات الحمائية، وغياب الإيمان السياسي بالتغير المناخي، وتضخم التكاليف، زاد المشهد تعقيدًا، وكلها عوامل تُسهم في تسريع وتيرة الانهيار، خاصة لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا تملك القدرة على امتصاص الصدمات.

السوق السكنية في مهب الريح.. وكاليفورنيا أكبر المتضررين
من أكثر القطاعات تضررًا، سوق الطاقة الشمسية المنزلية، التي كانت تمثل قصص النجاح المتكررة خلال العقد الماضي.
استحوذت كاليفورنيا وحدها على نحو 80% من أنظمة تركيب الألواح الشمسية للمنازل والشركات، لكنها الآن تشهد انسحابًا جماعيًا للشركات، وإلغاء آلاف المشاريع، وتسريح موظفين بنسبة تصل إلى 55%.
إن ما يجري لا يعني نهاية الصناعة، لكنه يشير إلى مرحلة تصفية مؤقتة لشركات غير قادرة على التكيف مع الظروف الجديدة، وبالرغم من أن الطلب الأساسي لا يزال موجودًا، لكن البيئة التنظيمية والاستثمارية الحالية لا تساعد على تحفيزه.

صناعة على مفترق طرق
صناعة الطاقة النظيفة الأمريكية، التي لطالما اعتبرت رمزًا للمستقبل، تجد نفسها اليوم في قلب صراع سياسي واقتصادي معقد.
سياسات ترامب، مقرونة بارتفاع الفائدة وتوترات التجارة مع الصين، أعادت خلط الأوراق، مهددة بانكماش حاد، لا سيما في قطاع الطاقة الشمسية المنزلية.
ما لم يتم التوصل إلى حلول وسط تشريعية، أو تظهر إرادة سياسية جديدة لتحديث سلاسل الإمداد وتوطين الصناعة بشكل فعال، فإن هذا القطاع قد يفقد زخمه ويعود إلى الوراء بعد أن قطع شوطًا كبيرًا نحو الاستدامة.
لكن الفرصة لا تزال قائمة، فالأزمات الكبرى قد تفتح المجال لإعادة هيكلة أكثر نضجًا، وكما في كل سوق حرة، فإن القادرين على التكيف والابتكار قد يكونون هم من يقودون المرحلة التالية من التحول إن كُتب لها أن تعود.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
توجهات التجزئة 2025.. التجارة عبر وسائل التواصل تدفعان عجلة النمو
10 يوليو 2025 01:02 ص
رسائل نصية تهدد أموال الملايين.. موجة تصيد إلكتروني تضرب خمس ولايات أمريكية
09 يوليو 2025 11:07 م
رسوم ترامب الجمركية "ابتزاز اقتصادي" أم ورقة ضغط استراتيجي للمنافسين
09 يوليو 2025 08:39 م
أكثر الكلمات انتشاراً