الإثنين، 14 يوليو 2025

06:30 ص

«إفريقيا على مفترق طرق»، تحالفات جديدة وسياسات جريئة وفرص غير مسبوقة

الإثنين، 14 يوليو 2025 12:55 ص

اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية AfCFTA

اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية AfCFTA

تشهد القارة الإفريقية، تحولات سياسية واقتصادية متسارعة تضعها عند مفترق طرق حاسم، تقف فيه بين تاريخ استعمار طويل ومتشعب، ومستقبل واعد يستند إلى تكامل اقتصادي غير مسبوق، وفي قلب هذا التحول، تبرز اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، كإطار طموح يسعى إلى إعادة تشكيل ملامح التجارة والتنمية في إفريقيا، عبر إزالة الحواجز الجمركية، وتعزيز التكامل الصناعي، وتفعيل حرية حركة السلع والخدمات والاستثمارات بين أكثر من مليار نسمة. 

إلا أن طريق النجاح ليس مفروشًا بالورود، إذ يقابله واقع سياسي هش في بعض الدول، وتحالفات إقليمية غير تقليدية تطرح تحديات وفرصًا في آنٍ واحد.

 

AfCFTA

تحالف الساحل، ضجيج الانقلابات أم بداية عهد جديد؟

وربما لم يكن العالم ليلتفت إلى بوركينا فاسو ومالي والنيجر، إلا من بوابة الأزمات الأمنية والانقلابات العسكرية، لكن هذه الدول الثلاث اختارت قلب الطاولة، ففي يوليو 2024، دشنت تحالفًا إقليميًا جديدًا تحت اسم تحالف دول الساحل، ككيان كونفدرالي يضع بين عينيه فك الارتباط مع القوى الاستعمارية القديمة، وتحديدًا فرنسا، ويطرح رؤية بديلة للسيادة الاقتصادية. 

وهذه الرؤية تشمل خططًا طموحة لتأسيس بنك وصندوق للاستقرار، وتنشيط الاستثمارات بقيادة إفريقية، هدفها وضع القارة السمراء على بداية الطريق، فالتحالف الذي يحظى بدعم شعبي لا يُستهان به في الداخل، بل ينطلق من انتقاد جذري للفرنك الإفريقي، ويطمح إلى التحرر من وصاية اقتصادية، اعتُبرت لسنوات أداة هيمنة.

يأتي ذلك وسط تصاعد خطاب مناهض للغرب في الخطاب السياسي والإعلامي المحلي، وبينما يرى البعض هذه التحركات عودة إلى السياسات الانعزالية، يرى آخرون فيها بداية لنموذج إفريقي بديل في الحكم والاقتصاد.

AfCFTA

 

هل يتصادم تحالف الساحل مع مشروع AfCFTA؟ أم يكمله؟

في ظاهر الأمر، قد تبدو مشاريع مثل تحالف الساحل، متعارضة مع مسار التكامل القاري، فغياب الاستقرار السياسي الناتج عن الانقلابات، والعقوبات الاقتصادية المفروضة من "إيكواس"، يمكن أن يعرقل تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة.

لكن في العمق، توفر هذه التحالفات الإقليمية-إذا ما أحسن توظيفها- منصات حيوية لتعزيز التكامل المحلي وتفعيل التعاون العابر للحدود، كما تشير معطيات السوق في دول الساحل، إمكانية خلق سلاسل إقليمية قيمة وفاعلة، حيث أن مالي تمتلك ثروات معدنية هائلة، والنيجر تنتج اليورانيوم والنفط، بينما تتمتع بوركينا فاسو بقطاع زراعي قوي. 

ويمكن لهذا التنوع أن يتحول إلى ميزة تنافسية في سوق قارية موحدة، إذا ما تمت إزالة العقبات السياسية والبيروقراطية، ومن الجانب الأخر، نجاح تحالف الساحل لا يناقض AfCFTA، بل قد يكون نقطة انطلاق قوية لها من الأطراف المهملة.

اقرأ أيضًا:-

بنك الاستثمار والتنمية التابع لمجموعة "إيكواس" يرصد 200مليون دولار لدعم اقتصاد غانا

 

PAPSS.. منصة رقمية تفك أسر العملات الإفريقية

وفي تطور نوعي يعكس رغبة إفريقيا في تجاوز الإرث النقدي الاستعماري، تم إطلاق سوق العملة الإفريقية الموحدة عبر منصة "PAPSS" بالتعاون مع شركة Interstellar للتكنولوجيا المالية، وهذه المنصة، التي شهدت في مرحلتها التجريبية تنفيذ عشرات المعاملات باثني عشر زوجًا من العملات المحلية، تمثل اختراقًا حقيقيًا في مجال تحويل العملات والتسوية المالية.

وفي قارة تخسر أكثر من 5 مليارات دولار سنويًا بسبب الرسوم والتأخيرات الناتجة عن تحويل العملات عبر الدولار أو اليورو، حيث تشكل PAPSS خطوة إستراتيجية في دعم التجارة البينية، وتعزيز سيادة العملات الإفريقية، وتقليل الاعتماد على النظام النقدي الغربي. 

كما توفر بنية تقنية قابلة للتوسع، وتفتح المجال أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة لتداول عابر للحدود بأقل التكاليف، وهو ما يخدم أهداف AfCFTA بشكل مباشر.

البريكس

 

البريكس.. تحالف الجنوب العالمي ينتصر لإفريقيا؟

وفي ظل تعثر النظام المالي العالمي التقليدي، تتجه أنظار الدول الإفريقية نحو تكتلات جديدة مثل مجموعة البريكس، التي توسعت مؤخرًا بانضمام دول رئيسية إفريقية مثل مصر وإثيوبيا، وقد شكلت المجموعة منذ نشأتها صوتًا معارضًا لهيمنة الغرب، وطالبت بإصلاح شامل للنظام الاقتصادي الدولي، متخذة لنفسها وضعًا إقليميًا ودوليًا لا يٌستهان به.

وبالنسبة لإفريقيا، تقدم البريكس فرصة تاريخية لخلق توازن في علاقاتها الدولية، والانفتاح على شراكات أكثر عدلًا، وإذا ما تم تفعيل تعاون ثلاثي بين AfCFTA والبريكس وتحالف الساحل، فقد نشهد تحولات جذرية في موقع القارة من الاقتصاد العالمي، تتجاوز دورها الحالي كمصدر للمواد الخام لتصبح لاعبًا صناعيًّا منتجًا، وهو ما يتسق مع تطلعات أجندة 2063.

اقرأ أيضًا:-

مصر تبحث تعزيز الربط اللوجيستي ومشروعات البنية التحتية مع الدول الأفريقية

الفرص والتحديات، سيناريوهات مستقبلية

الفرصة الأكبر:- ربط تحالفات مثل تحالف الساحل بمنصات مثل PAPSS، مع تعزيز التعاون مع مجموعة البريكس، ويمكن أن ينتج عنه نظامًا تجاريًا إفريقيًا متكاملًا ومستقلًا إلى حد كبير عن الهيمنة الخارجية.

الخطر الأعظم:- استمرار العقوبات الإقليمية، وتصاعد النزاعات المسلحة، وغياب التنسيق بين المبادرات القارية والمحلية، قد يحول AfCFTA إلى حلم مؤجل جديد.

الحل الواقعي:- تعزيز الحوكمة الشاملة، وتمكين المجتمع المدني، وتحفيز الحكومات الانتقالية على المضي قدمًا في الإصلاحات الاقتصادية، بدلًا من عزلها.

إفريقيا 

 

إفريقيا ليست مجرد قارة

إفريقيا الآن ليست مجرد قارة تبحث عن مخرج من الفقر، بل ساحة كبرى لإعادة تعريف السيادة الاقتصادية، وإنشاء شراكات بديلة، وإنتاج نموذج تنموي مستقل، وبين طموحات AfCFTA، وتحديات الانقلابات، تقف إفريقيا على أعتاب تحول هيكلي قد يغير وجهها الاقتصادي والسياسي إلى الأبد.

إذا نجحت القارة في اجتياز هذا الاختبار، فقد يكون القرن الإفريقي بكل ما يحمله من فرص وتناقضات، هو قرن التحول العالمي الحقيقي.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search