الإثنين، 14 يوليو 2025

10:20 ص

معركة التريندات، حين يتحول الوعي إلى سلعة في السوق الرقمي

الإثنين، 14 يوليو 2025 05:52 ص

التريندات على مواقع التواصل الاجتماعي

التريندات على مواقع التواصل الاجتماعي

في زمن باتت فيه التريندات على مواقع التواصل الاجتماعي تتحكم في مسارات الرأي العام وتعيد توجيه بوصلة القضايا المجتمعية، لم تعد الظاهرة تقتصر على كونها تعبيرًا لحظيًا عن رأي جمهور، بل أصبحت جزءًا من منظومة اقتصادية متكاملة تُدار بحسابات دقيقة، تخضع للعرض والطلب، وتتغذى على التفاعل الجماهيري المتزايد.

اقتصاد اللانتباه

اقتصاد الانتباه.. الوعي في قبضة الخوارزميات

في خضم زحام المعلومات، تنشأ التريندات كجزء من ما يُعرف بـ"اقتصاد الانتباه"، وهو مفهوم اقتصادي حديث يعترف بأن الانتباه البشري سلعة نادرة وثمينة. 

ومع تزايد عدد مستخدمي الإنترنت في مصر والذين بلغوا 71.9% من السكان مطلع عام 2022، أصبحت هذه السلعة هدفًا رئيسيًا للشركات، وصناع المحتوى، وحتى الحكومات.

التريندات لا تتشكل عشوائيًا، بل غالبًا ما تصنع بشكل احترافي لجذب المستخدمين والبقاء في دائرة الضوء لأطول فترة ممكنة، حتى وإن كانت مدة حياة التريند، كما تشير الملاحظة، لا تتجاوز الأسبوع. 

ففي تلك الأيام المعدودة، تُباع الإعلانات، وتُحجز المساحات الترويجية، وتُحقق القنوات والصفحات معدلات وصول (Reach) ومشاركة (Engagement) تُترجم إلى أرباح حقيقية.

اقرأ أيضًا:

خبر يُزعج صناع التريند، يوتيوب تغلق «المحتوى الرائج» في هذا الموعد

تريندات تغذي السوق وتربك القرار

في مصر، حيث تجاوز عدد مستخدمي فيسبوك 44.7 مليون شخص، ويوتيوب 46.3 مليون، أصبحت هذه المنصات أسواقًا حيوية ليس فقط لعرض المنتجات، بل لطرح الأفكار والتوجهات أيضًا، ومع كل تريند جديد، تتحرك شركات الدعاية والإعلان وفق البيانات الجديدة لتحقق أكبر استفادة من الموجة.

ولكن على الجانب الآخر، تتسبب هذه التريندات في إرباك السوق الحقيقي أحيانًا، إذ تعكس التريندات اهتمامات قد تكون غير واقعية أو غير تمثل الاحتياجات الاقتصادية الفعلية للمجتمع، مما يؤدي إلى تحولات مؤقتة في سلوك المستهلكين، كما حدث في تريندات مرتبطة بالاستهلاك، أو الدعوات لمقاطعة منتجات معينة على خلفيات سياسية أو اجتماعية.

صناعة المحتوى

تأثيرات سوق العمل والعلاقات الإنتاجية

لا تقتصر التريندات على التأثير في قناعات الأفراد، بل تتسلل إلى عمق العلاقات الإنتاجية وسوق العمل، إذ أدى تضخم الخطاب النسوي المعزز ببعض التريندات إلى تحولات في مفهوم التوظيف، وظهور فجوات بين الجنسين على خلفية صراع حقوقي غير محسوب التبعات، مما انعكس سلبًا على معدلات الاستقرار الأسري وزيادة نسب الطلاق.

كما أدى اتساع الحديث عن ثقافة الشهرة والربح السريع من الإنترنت إلى تراجع جاذبية بعض الوظائف الحقيقية أمام وعود النجاح الرقمي، فبات كثير من الشباب يفضل صناعة المحتوى على دراسة جادة أو وظيفة دائمة، دون ضمانات.

التريندات 

التريندات كأداة ضغط اقتصادي

في حالات أخرى، استخدم الجمهور التريند كأداة ضغط ذات فعالية اقتصادية، كما حدث في فضح قضايا الابتزاز الإلكتروني أو دعم سلوكيات مجتمعية إيجابية مثل استرداد أموال مفقودة. 

هنا تحول التريند من ظاهرة عبثية إلى أداة رقابية شعبية، تحفز مؤسسات الدولة على التحرك وتعيد التوازن إلى ميزان العدالة الاجتماعية، بشكل غير مباشر.

 

اقرأ أيضًا:

دراسة لـ "إيجي إن": ضجة من لا شيء.. استراتيجية التريند المزيف بمصر

صناعة الوعي من الاستهلاك إلى التحليل

ما تبرزه الأرقام ليس مجرد تفاعل جماهيري، بل سوقًا ضخمة لبيع الوعي الجاهز، حيث يستهلكه المستخدم دون تفكير، ويعيد تدويره على هيئة قناعات شخصية. 

ومع سيطرة المحتوى السطحي والمتحيز، تتحول التريندات إلى أداة تهديد للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل، إذا لم يُقابل ذلك بمحتوى مؤسسي جاد، يعزز الوعي النقدي ويحفز سلوكيات إنتاجية.

تريندات مواقع التواصل الاجتماعي

بين التهديد والفرصة

تمثل التريندات ظاهرة مزدوجة الأثر، فهي من جهة تمكن المواطن من التعبير عن رأيه ومحاسبة المتجاوزين، ومن جهة أخرى تُسهم في خلق وعي مشوه واستقطاب عاطفي، قد يهدد النسيج الاجتماعي والاقتصاد المعرفي الناشئ.

التحدي اليوم لا يكمن فقط في ضبط التريندات، بل في تحويلها إلى أدوات وعي حقيقية تساهم في بناء اقتصاد أكثر وعيًا واستدامة، لا مجرد موجة رقمية تنتهي في ظرف أيام.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search