أشهرها "الصقر الأسحم"، هجرة الطيور نحو السعودية في رحلة صيفية

الأربعاء، 09 يوليو 2025 08:51 م

هجرة الطيور

رغم الصورة النمطية المرتبطة بالصيف السعودي، كفصل قاسٍ بارتفاع درجات حرارته التي تصل إلى 50 درجة مئوية، إلا أن المملكة باتت في السنوات الأخيرة، وجهة مفضلة لعدد كبير من الطيور المهاجرة، بل وحتى بيئة خصبة للتكاثر لبعض الأنواع المهددة بالانقراض، مثل الصقر الأسحم.

وهذه الظاهرة الطبيعية التي تتكرر سنويًا، تعكس واقعًا بيئيًا أكثر تعقيدًا مما يبدو، كما تقدم من زاوية أخرى، مؤشرات اقتصادية وبيئية بالغة الأهمية.

الطيور من مؤشر بيئي إلى معطٍ اقتصادي

الطيور لا تمثل فقط ثروة طبيعية أو مشهدًا بيئيًا جميلًا، بل هي أيضًا مؤشر مباشر لحالة التنوع الحيوي في أي منطقة، ووجودها أو اختفاؤها يعكس جودة البيئة، وتغيراتها يمكن رصدها بتكاليف منخفضة، ما يجعلها أداة غير مباشرة لرصد تأثير السياسات البيئية والمناخية، ومع استمرار التغير المناخي، تصبح هذه المؤشرات، مهمة في التقييم الاقتصادي طويل المدى لأي مشاريع بيئية.

اتفاقيات تمويل بـ 5 مليارات ريال، شراكة ذكية تُعيد رسم خريطة التنمية في السعودية

وفرة الغذاء.. جوهر المعادلة

إن مفتاح جاذبية البيئة السعودية الصيفية للطيور هو وفرة الغذاء، في ظل درجات حرارة مرتفعة، تتكاثر الأسماك الصغيرة، وتنتشر الحشرات، وتسقط بذور النباتات، ما يوفر بيئة غذائية غنية لصغار الطيور، وهذا يعني أن المنظومة البيئية، رغم قسوتها الظاهرية، متكاملة بدرجة تُحدث توازنًا طبيعيًا، يسمح بالاستيطان والتكاثر.

كما أن وفرة الغذاء الحيوي هذا الصيف، تعني وجود دورة حياة بيئية نشطة، تساهم في الحفاظ على توازن الأحياء الدقيقة، ما يُقلل من تكلفة المكافحة البيئية أو الزراعية، ويرسخ مفهوم الخدمة البيئية التي تقدمها الطبيعة مجانًا.

الاستدامة.. دروس من الطيور

وطورت الطيور الصحراوية تكيفات مذهلة لمواجهة الجفاف والحرارة، من بينها تقليل العمليات الحيوية لتوفير الطاقة، والاحتماء بجحور الضب، وحتى سلوكيات تبريد البيض بريش مبلل من البحر، وهذه الحلول الطبيعية، تلهم المختصين في مجالات الطاقة والبناء والبيئة.

ونُشرت دراسة في الإيكونوميست (The Economist) عام 1999م، حول طيور القبرات التي تلجأ للجحور، ألهمت توجهًا عمرانيًا نحو إنشاء مبانٍ تحت الأرض، وهو ما بدأت بعض الدول تطبيقه، لتقليل استهلاك الطاقة في المناطق الحارة.

واقتصاديًا، يعزز ذلك فكرة “الهندسة الحيوية” أو biomimicry، حيث تُستوحي حلول من الكائنات الحية، للتقليل من التكاليف البيئية والمادية في مشاريع التنمية، بما يتماشى مع خطط الاستدامة المستقبلية.

الحوكمة البيئية تفتح آفاق 38 مليار دولار في عقارات السعودية

الطيور المهددة واستثمار في التنوع الحيوي

ومن أبرز الطيور التي تتكاثر صيفًا في السعودية “الصقر الأسحم”، الذي يتم رصده حاليًا في العلا ونيوم ومحمية الوعول، ويُعد هذا الصقر من الأنواع المهددة عالميًا، ويتبع خطة حماية دولية، وهذا لا يعني فقط نجاحًا بيئيًا، بل يفتح فرصًا للاستثمار في سياحة الحياة الفطرية، خصوصًا في ظل توجه السعودية، نحو تنويع اقتصادها غير النفطي.

فمشاريع مثل السعودية الخضراء ونيوم، يمكن أن توظف هذه الظواهر البيئية في جذب السياحة البيئية، كما تحقق عوائد اقتصادية طويلة الأمد، من خلال محميات طبيعية مدعومة بتجارب علمية وسياحية.

السعودية الخضراء.. مناخيًا واقتصاديًا

ومع التوقعات بارتفاع درجات الحرارة بين 3 إلى 5 درجات مئوية خلال القرن الحالي، تأتي مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، كاستجابة إستراتيجية بيئية، وتهدف هذه المبادرات لزيادة الرقعة الخضراء، وخفض انبعاثات الكربون، ما يقلل من آثار التغير المناخي.

واقتصاديًا، فإن تقليل الانبعاثات، وتحسين جودة الهواء، سيقلل من تكاليف الرعاية الصحية، ويحسن مناخ الاستثمار طويل الأجل، خصوصًا في القطاعات المرتبطة بالبيئة والطاقة المتجددة.

بيئة قابلة للاستثمار

والطيور التي اختارت صيف السعودية للتكاثر، قدمت للبشرية ما يشبه درسًا تطبيقيًا في التكيف، والتناغم مع الطبيعة، واستغلال الموارد دون استنزافها، كما أنها أيضًا مؤشر على إمكانيات غير مرئية للاستثمار البيئي في المملكة، سواءً من خلال الحفاظ على التنوع الأحيائي، أو تبني الابتكارات الحيوية في مجالات التشييد والطاقة والسياحة البيئية.

وفي زمن ترتفع فيه درجات حرارة الكوكب، قد تكون الحلول ليست في مكيفات أكثر، بل في مراقبة طائر يبحث عن الظل، أو يحفر جحرًا في الرمل، ليبني مستقبلًا بيئيًا واقتصاديًا.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.