ملاجئ تحت الأرض، من فكرة دفاعية إلى استثمار يجتاح العالم
الأربعاء، 09 يوليو 2025 07:04 م

إحدى الملاجىء تحت الأرض
تحليل/ ميرنا البكري
في عالم يتقلب من حرب، لأزمة مناخية، لكارثة صحية، أصبح السؤال ليس "متى تاتي الكارثة؟" إنما كيف سنواجهها؟، ووسط القلق والضربات الصاروخية والمخاطر النووية، تعود فكرة "الملاجئ تحت الأرض" للواجهة، ليس فقط كتحصين عسكري، بل كجزء من حياة الناس التي أصبحت تبحث عن الأمان تحت الأرض بدل من التعرض للسماء المفتوحة، وسط التهديدات التي يشهدها العالم من اندلاع حروب في أكثر من بقعة في العالم.
لكن هل صناعة الملاجىء رفاهية؟ أم تحول لضرورة؟ وهل بالفعل هناك جدوى اقتصادية من الاستثمار في إنشاء الملاجئ؟ أم مجرد حالة "هلع جماعي" جديد كما حدث في أزمة كورونا؟ سنوضح في هذا التحليل لماذا لم يعد الاستثمار في الملاجئ مجرد احتمال، بل اتجاه قادم بقوة.

الملاجئ ليست رفاهية، بل اقتصاد كامل يتوسع تحت الأرض
ما حدث في الحرب العالمية الأولى والثانية كان نقطة تحول في مفهوم الأمان، حينما بدأ المدنيون الهروب لمحطات المترو، وتبني فكرة "الاختباء تحت الأرض"، لم يتخيل أحد أن يصبح هذا اللجوء “بزنيس” في المستقبل.
أصبحت الملاجىء اليوم قطاع اقتصادي متكامل، يشمل شركات تصميم وبناء، وتوريد أجهزة تهوية وتنقية هواء، ونظم إمداد بالطاقة والمياه، وحتى خدمات رفاهية للأثرياء الذين يريدون ملاجئ 5 نجوم.
والأرقام تقول أن السوق الأمريكي سيصل وحده لـ 175 مليون دولار بحلول 2030، أي معدل نمو واضح وسط توترات عالمية لن تقف.
من الأمان النووي لرفاهية الطبقة الثرية
في الماضي كنا نتحدث عن ملاجىء من القنابل النووية، الآن نتحدث عن ملاجئ بها، حمام سباحة، سنيما، ومخزون طعام يكفي عام.
سويسرا وفنلندا، عندما يصبح الأمان “مبدأ وطني”
سويسرا ليس بلد الشوكولاتة والساعات، بل الدولة الوحيدة التي تمتلك ملاجئ تغطي أكثر من 100% من سكانها، تليها فنلندا بـ تغطية 87% من السكان، ولكن لماذا؟
لأن لديهم مبدأ واضح وبسيط: لكل مواطن الحق في وجود ملجأ قريب من منزله، تمامًا كما يملك عنوانًا أو بطاقة هوية، ويعني هذا أن وجود ملجأ لم يعد خيار، بل بنية تحتية أساسية، مثل الصرف الصحي والكهرباء، فهو يعزز جودة الحياة.
أين تكمن الجدوى الاقتصادية؟
1. حماية الأرواح، مما يقلل تكلفة على الدولة في الطوارئ.
2. رفع قيمة العقارات، وبالتالي عائد مباشر للمستثمر والمطور.
3. إعادة استخدام الملاجئ وقت السلم كـ مواقف سيارات، مخازن، متاحف، حمامات سباحة.
4. نمو سوق عالمي، أي شركات تصدر تكنولوجيا ملاجئ متطورة للدول الأخرى.
هل بدأت الدول العربية الاستعداد أم ما زالت غائبة عن الصورة؟
رغم التوترات الإقليمية، لايزال الاستعداد العربي على استحياء، فبدأت الكويت في تجهيز ملاجئ في الوزارات بعد ضربات إيران، وتمتلك البحرين 33 ملجأ، وعمان تبني أيضًا 3 ملاجئ جديدة، وتمتلك السعودية نظام إنذار وإنقاذ قوي، لكن الملاجئ مازالت غير منتشرة.
أما الإمارات فلديها منظومة إنذار فقط، لكن لا يوجد مشاريع ملاجئ جديدة بعد توتر إيران، أما قطر ومصر والأردن، فهي تكاد تكون خارج إطار المنظومة، حيث لا توجد ملاجئ مدنية مؤهلة بالمعنى الحقيقي.
هل تكون الملاجئ معيار لجودة الحياة؟
لا تعتبر جودة الحياة مجرد مدارس ومستشفيات ونقل، ففي عصر الأزمات، أصبح المأوى الآمن جزء من مفهوم التحضر، وفي تقارير "المدن الآمنة" التابعة للإيكونوميست، أصبحت البنية التحتية للاستجابة للكوارث عنصر أساسي.
ومن الممكن أن نرى قريبًا مؤشر جديد، "المدن الأكثر استعداداً للكوارث"، ووقتها الذي لا يمتلك الملاجئ سيتراجع في التصنيف، وهذا يعني ان الاستثمار في الملاجئ ليس لحظة ذعر فقط، بل استثمار في استقرار الدولة والمجتمع ككل.
اقرا أيضًا:
من أفلام نهاية العالم إلى واقع أوروبا، ملاجئ تحت الأرض بمليارات الدولارات

توقعات، السوق سينفجر تحت الأرض
1.يتضاعف الطلب على ملاجئ شخصية وسط طبقة الأثرياء في أوروبا والخليج.
2.تبدأ شركات التطوير العقاري في إضافة الملاجئ كـ ميزة تسويقية في المشاريع الجديدة.
3.قد تضطر الدول العربية للدخول في "سباق تحت الأرض" خحتى إذا استمرت التهديدات الإقليمية.
4.ستتحول السوق العالمية للملاجئ من " niche" لقطاع ضخم يشبه صناعة الأمن السيبراني.
ختامًا، في عالم يجري بسرعة تجاه احتمالات مرعبة، من حروب نووية لتغير مناخي لكوارث صحية، أصبحت الملاجئ ليس مجرد فكرة جنونية، بل ضرورة وطنية واستثمار مستقبلي.
وإذا كانت الدول العربية جادة في حماية مواطنيها، وتسعى فعلاً للمنافسة في مؤشرات الأمان وجودة الحياة، فعليها أن تبدأ بالتفكير من الآنن ليس فقط في سؤال “بماذا سنحارب؟”، بل أيضًا في "أين سنحمي الناس؟".
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
رسوم ترامب الجمركية "ابتزاز اقتصادي" أم ورقة ضغط استراتيجي للمنافسين
09 يوليو 2025 08:39 م
الشرق الأسيوي يعيد تشكيل تحالفاته، فيتنام في قلب الصراع الامريكي الصيني
08 يوليو 2025 02:53 م
ترقب لـ«قرار المركزي» المقبل تثبيت أم خفض جديد؟
08 يوليو 2025 08:36 ص

أكثر الكلمات انتشاراً