"مشروع Ubin"، كيف تُعيد سنغافورة ابتكار النظام المالي من خلال البلوك تشين؟

الإثنين، 07 يوليو 2025 10:08 م

الأموال الرقمية

في وقت ما زال فيه العالم يناقش جدوى العملات الرقمية، كانت سنغافورة قد بدأت فعليًا في رسم ملامح الجيل الجديد من الأنظمة المالية عبر مشروع رائد، يُعرف باسم “Ubin”، الذي أطلقته السلطة النقدية في البلاد، ولا يكتفي المشروع، متعدد المراحل، باستكشاف تقنيات البلوك تشين، بل يسعى لتحويلها إلى بنية تحتية مالية وطنية قابلة للتطبيق.

من إثبات المفهوم إلى نموذج التشغيل.. ثلاث مراحل تمهد التحول

وفي مرحلته الأولى عام 2021، تعاونت السلطة النقدية مع شركة R3، وعدد من المؤسسات المالية العالمية الكبرى، مثل بنك أمريكا وكريدي سويس وميتسوبيشي، وإتش إس بي سي HSBC، في تجربة لإجراء المدفوعات بين البنوك باستخدام دفتر الأستاذ الموزع DLT.

ونجاح هذه المرحلة لم يكن مجرد إنجازًا تقنيًا، بل شكل إثباتًا فعليًا لإمكانية رقمنة أنظمة التسوية المالية، التي طالما وُصفت بأنها معقدة وبطيئة ومكلفة، أما في المرحلة الثانية، فقد تم الانتقال من التجريب إلى تصميم حلول تشغيلية، طور الاتحاد المصرفي في سنغافورة، ثلاثة نماذج مختلفة للدفع والتسوية اللامركزية، مزودة بآليات مرنة لتوفير السيولة، وهو ما يعكس إدراكًا عميقًا لتحديات النظام المالي العالمي، خاصةً في أوقات الضغط أو التقلبات السوقية.

وفي المرحلة الثالثة، ارتقت سنغافورة بطموحاتها، إلى مستوى دمج الأصول الرقمية الرمزية، وبالتعاون مع بورصة سنغافورة وشركات مثل "ناسداك" و"ديلويت"، نجح المشروع في تقديم حل فعَّال لمشكلة التسليم مقابل الدفع، وهي واحدة من أكبر التحديات في سوق الأصول.

النتيجة؟ تسوية متزامنة ونهائية للأوراق المالية، والعملات الرقمية عبر منصات بلوك تشين مختلفة، مع تقليل مخاطر التسوية، وتحسين الكفاءة التشغيلية.

المغزى الاقتصادي.. لماذا يهم مشروع Ubin؟

من منظور اقتصادي، يُشكل مشروع Ubin نقطة انعطاف في تصور العلاقة بين المال، والبنية التحتية، والسيادة النقدية، فهو يمهد الطريق لاعتماد عملات رقمية صادرة عن البنوك المركزية CBDCs، ولكن ليس كمجرد أدوات للدفع، بل كبنية تحتية متكاملة، تربط بين المؤسسات المالية، وتُبسط عمليات التسوية، وتُقلص تكاليفها.

وفي هذا السياق، يتحول دور البنك المركزي من مجرد مُصدر للنقد إلى مُصمم لبروتوكولات تسوية رقمية، قادرة على التعامل مع أصول هجينة نقدية ورقمية في بيئة منفتحة وعابرة للحدود.

سوق يتخطى 100مليار ريال، البلوك تشين بوابة استثمارية واعدة في قلب الاقتصاد الرقمي السعودي

سنغافورة كمختبر عالمي للتمويل الرقمي

ما يُميز تجربة سنغافورة هو قدرتها على تحويل التجريب إلى سياسة عامة، فمشروع Ubin لم يُبنى على نماذج نظرية، بل انطلق من اختبارات واقعية بمشاركة فاعلين ماليين كبار، وقد أصدر حتى الآن ستة تقارير تحليلية، تمثل دليلًا حيًّا على الالتزام بالشفافية والمعرفة التراكمية، ما يجعل سنغافورة مختبرًا عالميًا مفتوحًا، لتطوير التمويل الرقمي.

وفي ظل التوجه العالمي نحو تنظيم العملات الرقمية والمخاوف المتعلقة بالمخاطر السيبرانية وغسل الأموال، يوفر المشروع نموذجًا عمليًا لكيفية بناء نظام رقمي أكثر أمانًا ومرونة، دون التضحية بمتطلبات الرقابة والحوكمة.

ما الذي ينتظر مستقبل البنوك؟

من خلال مشروع Ubin، تبدو سنغافورة وكأنها تُعلن عن نهاية زمن التسويات التقليدية، وتفتح الباب أمام جيل جديد من البنوك، حيث بنوك لا تعتمد فقط على النقد، بل على بروتوكولات تواصل مالي قائمة على البلوك تشين، وهذا التحول قد يكون مشابهًا، لما فعلته الإنترنت بالإعلام أو التجارة الإلكترونية بقطاع التجزئة.

«MIT تدق ناقوس الخطر»، الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي يهدد النشاط الذهني

من الابتكار إلى إعادة تشكيل الاقتصاد

مشروع Ubin، هو أكثر من مجرد مبادرة تقنية، إنه رؤية اقتصادية متكاملة، تعكس كيف يمكن للابتكار أن يُعيد تشكيل البنية العميقة للأسواق المالية، وبالنسبة للدول التي تبحث عن موقع في الاقتصاد العالمي الرقمي، فإن التجربة السنغافورية، تطرح سؤالًا لا يمكن تجاهله: هل سنكون من صانعي البنى التحتية للتمويل الجديد، أم من مجرد المستخدمين؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.