سباق نحو الكوكب الأحمر، حين يتحول الفضاء إلى حلبة استثمار.. من يدفع ثمن الرحلة إلى المريخ؟
الخميس، 19 يونيو 2025 11:17 م

رحلة نحو الكوكب الأحمر
لم يعد استكشاف الفضاء مجرد مغامرة علمية تقودها وكالات حكومية مثل ناسا، بل تحول إلى مشروع اقتصادي واسع تقوده شركات خاصة، وأسماء ثقيلة مثل إيلون ماسك، ومع سعي “سبيس إكس” إلى إرسال البشر إلى المريخ بحلول عام 2029، وصعود الصين بخطط مشابهة، تبدو رحلة المريخ وكأنها الخطوة التالية في خصخصة الفضاء، وولادة ما يمكن تسميته باقتصاد الكواكب.
لكن في قلب هذا الطموح المتصاعد، يطرح السؤال الجوهري نفسه، ما هي التكلفة الاقتصادية للاستيطان على كوكب لا يملك مقومات الحياة؟ وما حجم المخاطر الاستثمارية التي قد تتحملها الحكومات والشركات من أجل تحقيق حلم الحياة بعد الأرض؟

اقرأ أيضًا:
انفجار صاروخ ستارشيب في انتكاسة جديدة لبرنامج المريخ التابع لـ«سبيس إكس»
استثمار عالي المخاطر.. وعائد غير مضمون
الذهاب إلى المريخ لا يعني فقط بناء صاروخ وإطلاقه، بل يتطلب منظومة متكاملة من التقنيات والبنية التحتية الفضائية والأنظمة البيئية المغلقة التي تحاكي الأرض، ويُقدر خبراء الفضاء أن تكلفة إرسال بعثة بشرية واحدة إلى المريخ، قد تتجاوز 100 مليار دولار، تشمل الصواريخ، ودعم الحياة، ونظم الطاقة، والحماية من الإشعاع، وإمدادات الغذاء والماء والأوكسجين.
وهذه الأرقام تجعل من مشروع المريخ، أحد أكثر الاستثمارات خطورة وتعقيدًا في تاريخ البشرية، لا سيما وأن العوائد الاقتصادية المباشرة غير واضحة حتى الآن، مقارنة ببرامج فضائية أقرب مثل الأقمار الصناعية أو السياحة الفضائية حول الأرض.

ماسك.. رجل أعمال أم رائد حضارة؟
رؤية إيلون ماسك، تتجاوز إطار الريادة التكنولوجية، فهو لا يرى المريخ مجرد كوكب آخر، بل خطة تأمين بديلة للبشرية، في حال واجهت الأرض كارثة مناخية أو نووية أو بيئية.
واقتصاديًا، يحاول ماسك تحويل هذا الطموح إلى مشروع ربحي عبر بناء منظومة متكاملة تشمل صاروخ ستارشيب، ومدن مكتفية ذاتيًا، واستثمارات في الذكاء الاصطناعي والروبوتات التي ستُستخدم في البناء على المريخ، وفي حال نجاح النموذج، قد تتحول مستعمرات المريخ إلى أسواق جديدة للسلع، والخدمات، وحتى العملات المشفرة.
لكن حتى الآن، ما زالت شركته سبيس إكس، تعتمد على عقود ضخمة مع ناسا ووكالات حكومية، ما يثير الجدل حول مدى جدوى الاعتماد على التمويل العام، لتمويل مشاريع طموحة ذات طابع خاص.

الفجوة بين ماسك وناسا.. بين الحلم والتخطيط البطيء
الفرق في التقديرات الزمنية بين ماسك ووكالة ناسا، يعكس اختلافًا في الأسلوب والنظرة الاقتصادية، بينما يرى ماسك أن الوصول إلى المريخ ممكن في أقل من 5 سنوات، تتحفظ ناسا وتعتبر أن إرسال بشر إلى المريخ قبل 2040 هدف جريء.
وهذا الفارق لا يتعلق فقط بالتكنولوجيا، بل ببيروقراطية الإنفاق العام، والرقابة الحكومية، والجدوى السياسية، حيث تعتمد ناسا على ميزانية سنوية من الكونجرس الأميركي، تُقدر بنحو 25 مليار دولار، يُنفق جزء كبير منها على مشاريع أخرى غير المريخ.
اقرأ أيضًا:
من المريخ إلى وول ستريت، كيف سيغير مشروع ماسك خريطة الاستثمار الفضائي؟
الصين تدخل السباق والمريخ يتحول إلى ساحة نفوذ
من جهة أخرى، يُعد دخول الصين إلى سباق استكشاف المريخ، مؤشرٌ جديدٌ على تحول الفضاء إلى أداة جيوسياسية واقتصادية، فخطة بكين لإنشاء محطة أبحاث على سطح المريخ بحلول 2038، ليست مجرد إنجاز علمي، بل وسيلة لإثبات حضورها كقوة فضائية منافسة للولايات المتحدة.
وفي حال نجحت الصين في بناء قاعدة على المريخ، ستكون بذلك قد فتحت بابًا للاستثمار السيادي الفضائي، ما يُجبر القوى الكبرى على إعادة التفكير في تقاسم الموارد الفضائية، من المعادن إلى الطاقة الشمسية، وربما حتى المياه.

نافذة إطلاق ضيقة.. وأفق اقتصادي مفتوح
ويشير العلماء إلى أن مهمة الذهاب إلى المريخ، لا يمكن تنفيذها في أي وقت، بل خلال نافذة إطلاق تحدث كل 26 شهرًا عندما تقترب الأرض والمريخ في مداريهما، وهذا التوقيت المحدود يزيد من المخاطر الاقتصادية، لأن أي تأخير أو فشل تقني قد يكلف مليارات الدولارات، ويؤجل المشروع سنوات طويلة.
ومع ذلك، يرى خبراء الاقتصاد الفضائي أن تطوير تقنيات مثل الدفع الكهربائي، والطاقة النووية الفضائية، والزراعة داخل البيئات المغلقة، قد يفتح المجال لاحقًا أمام اقتصاد مستدام خارج الأرض.
اقرأ أيضًا:
أول روبوت على المريخ, «إيلون ماسك» يقود ستارشيب لتحقيق الحلم!
بين الأرض والمريخ.. اقتصاد المستقبل يُصنع الآن
قد تبدو فكرة العيش على المريخ اليوم، أقرب إلى الخيال العلمي، لكنها من منظور اقتصادي، تعكس توجهًا استراتيجيًا جديدًا للاستثمار في المستقبل، وإذا كانت الثورة الصناعية قد انطلقت من الأرض، فإن الثورة القادمة قد تنطلق من كوكب آخر.
وحتى يتحقق هذا، تبقى طموحات ماسك وناسا وشركات الفضاء، في ميزان معقد من العلم، والتمويل، والقرار السياسي، فهل نعيش لنشهد اليوم الذي يتحول فيه المريخ إلى اقتصاد جديد ينافس الأرض؟.. ربما الإجابة ليست بعيدة كما نظن.
Short Url
من الكيماوي للبيولوجي، المزارعون الأمريكيون يعيدون رسم خريطة المدخلات الزراعية
27 يونيو 2025 08:52 م
القطاع المالي يتصدر الشركات الكبرى في مصر وملامح التنوع بدأت في الظهور
27 يونيو 2025 08:23 م
أجندة ترامب التجارية ودول مجلس التعاون الخليجي بين الفرص والتحولات والاختبارات الصعبة
26 يونيو 2025 06:58 م


أكثر الكلمات انتشاراً