مضيق هرمز، 20 مليون برميل نفط تحت تهديد الضربات بين إسرائيل وإيران
السبت، 14 يونيو 2025 10:58 ص

مضيق هرمز
في لحظة يُعاد فيها رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط، يقف مضيق هرمز مجددًا في قلب العاصفة، هذه الرقعة البحرية الضيقة، التي لا يتجاوز عرض ممرها الملاحيين العديد من الكيلومترات، تحمل على سطحها ما يتجاوز خمس إمدادات العالم من النفط والغاز، وتحتها، تترسب ألغام الجغرافيا والجيوسياسة التي تهدد بتفجير الأسواق في أي لحظة.

التوترات المتصاعدة بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، على خلفية تسريبات نووية وغارات جوية إسرائيلية استهدفت منشآت حساسة في طهران، دفعت المضيق إلى واجهة المشهد الدولي مجددًا.
وفي زخم الحرب، وتلك الأحداث المتسارعة، ومع كل صاروخ يُطلق أو سفينة تُحتجز، تقف أسواق الطاقة العالمية على أطراف أصابعها، ترقب مستقبلًا لا مكان فيه لليقين.
رقم واحد في الأهمية ورقم واحد في الهشاشة
يمر من مضيق هرمز يوميًا ما بين 16.5 إلى 19 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات، بحسب بيانات وكالة بلومبرج، فضلًا عن نحو ربع الإمدادات العالمية من الغاز الطبيعي المسال، أغلبها قطري، هذا يجعله بلا منازع الشريان الأهم لتجارة الطاقة العالمية، ولكن أيضًا الأكثر عرضة للانقطاع.
في حال تعطلت الملاحة فيه، ستتأثر صادرات السعودية، الإمارات، الكويت، العراق، وقطر بشكل مباشر، ورغم أن الرياض وأبو ظبي شرعتا في تطوير بدائل عبر خطوط أنابيب نحو البحر الأحمر والفجيرة، فإن الاعتماد على المضيق لا يزال حاسمًا، لا سيما لبقية الدول الخليجية التي لا تملك منافذ بديلة.
اقرأ أيضًا:
إغلاق مضيق هرمز، فتيل حرب اقتصادية قد يُشعل العالم (فيديو)
إيران.. الحارس والرهينة في آنٍ واحد
من المفارقة أن إيران، التي تهدد منذ سنوات بإغلاق المضيق، تعتمد عليه بدورها لتصدير معظم إنتاجها النفطي البالغ نحو 3.3 مليون برميل يوميًا، أي ما يعادل 3% من الإنتاج العالمي.
حتى مع تدشينها محطة جاسك في 2021، فإن القدرة الالتفافية تبقى محدودة، إذ تقف إيران كحارس على البوابة التي قد تحرق يده إن قرر غلقها.
وقد استخدمت طهران المضيق كورقة ضغط دبلوماسية مرارًا، آخرها في أبريل 2024 حين احتجزت سفينة حاويات مرتبطة بإسرائيل، ورغم الإفراج عنها لاحقًا، فقد حملت الخطوة رسالة واضحة، بإمكاننا تعطيل التجارة العالمية، لكننا نختار عدم ذلك حتى الآن.

الاقتصاد العالمي على فوهة مضيق
أهمية مضيق هرمز لا تتعلق فقط بالكميات التي تمر عبره، بل بتأثير أي اضطراب فيه على الأسعار العالمية للطاقة، والتي تتأثر حتى بصاروخ واحد فقط، فماذا عن إندلاع حرب؟
ففي عالم يئن تحت ضغط التضخم، وتبحث فيه الاقتصادات الكبرى عن استقرار في أسواق الطاقة بعد سنوات من الاضطرابات، فإن أي هجوم على ناقلة، أو احتجاز لسفينة، قد يدفع بأسعار النفط إلى مستويات تتجاوز 100 دولار للبرميل بسهولة، ما لم يتم احتواء الأزمة سريعًا.
كما أن المضيق ليس مجرد ممر، بل أداة تسعير، فالمخاطر المحيطة به تدخل ضمن حسابات تكلفة التأمين على الشحنات، وهو ما ينعكس بدوره على فاتورة الاستيراد في دول آسيا وأوروبا، ويؤثر في سلاسل الإمداد العالمية.
اقرأ أيضًا:
أسعار النفط تشتعل، برنت يقفز 13% وسط تهديدات نووية وخطر إغلاق هرمز
هل العالم مستعد لليوم الأسود؟
من الناحية العسكرية، تتولى البحرية الأميركية، عبر الأسطول الخامس، مسؤولية تأمين الملاحة في المنطقة، وتشاركها في ذلك مبادرات دولية مثل تحالف أمن الملاحة البحرية.
لكن تبقى الحقيقة أن الحماية لا تعني المناعة، فالصواريخ والألغام لا تحتاج إلى ممرات واسعة لتُطلق، ولا إلى وقت طويل لتُحدث ضررًا بالغًا.
ورغم أن المجتمع الدولي يحاول التركيز حاليًا على جبهات ساخنة أخرى، من باب المندب إلى أوكرانيا، فإن أي اشتعال فعلي في هرمز قد يغير قواعد اللعبة كليًا، ويستدعي إعادة تموضع استراتيجي واقتصادي عالمي.

خلاصة المشهد
مضيق هرمز ليس مجرد ممر مائي، بل هو مقياس حرارة لحالة الاستقرار الإقليمي، ومؤشر حيوي لنبض الأسواق العالمية، ومجرد التهويش بغلقه سيؤدي إلى وضع الاقتصاد العالمي في موضع لا يُحمد عقباه.
وفي زمن تتكثف فيه التهديدات، تصبح كل ناقلة تمر عبره سفينة نوح اقتصادية، تحمل على ظهرها ثقل الدول ومستقبل الأسعار والتوازنات السياسية.
وفي ظل سباق محفوف بالمخاطر بين التصعيد والردع، يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا.. هل يملك العالم خطة بديلة إذا ما اختنق هذا الشريان؟ أم أننا، كما في كل مرة، نراهن على الردع المتبادل في منطقة لا تؤمن بالردع إلا بعد أن تقع الفاجعة؟
Short Url
ترامب يعيد إحياء الطاقة النووية، رهان محفوف بالمخاطر وسط طفرة الذكاء الاصطناعي
13 يونيو 2025 09:41 م
الجنرال الخفي، كيف يحكم الذكاء الاصطناعي ميدان الحرب واقتصادها؟
13 يونيو 2025 03:49 م
الشرق الأوسط يترنّح تحت الضربات، فهل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد؟
13 يونيو 2025 02:20 م


أكثر الكلمات انتشاراً