الجمعة، 13 يونيو 2025

08:29 م

الخليج يقود سباق الثقة، كيف تبني البنوك المستقبل على السمعة والتنظيم؟

الجمعة، 13 يونيو 2025 12:07 ص

البنوك الرقمية

البنوك الرقمية

في خضم التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها قطاع الخدمات المالية في الخليج، بات واضحًا أن مستقبل البنوك والمدفوعات لم يعد يُرسم فقط بالتكنولوجيا، بل بما هو أعمق: الثقة.

الخدمات المالية

 تلك الكلمة الثقيلة التي أصبحت اليوم بمثابة عملة جديدة تتداولها المؤسسات المالية في تنافسها على ولاء العملاء، وفي وقت تتسابق فيه عواصم المنطقة لبناء أنظمة مصرفية رقمية رائدة عالميًا، تظهر الثقة بالعلامة التجارية والسمعة والالتزام التنظيمي كأعمدة رئيسية لإعادة تعريف النجاح المصرفي في الخليج.

التحول من الأمان إلى الانتماء

قبل سنوات، كان يكفي للمؤسسات المالية أن تُقدم خدمات آمنة، اليوم، أصبح ذلك مجرد الحد الأدنى، فالمستهلك الخليجي وخاصة الأجيال الشابة بات يبحث عن أكثر من معاملة بنكية سلسة، يريد بنكًا يعكس قيمه، ويحترم خصوصيته، ويمنحه شعورًا بالانتماء.

ولذلك فإن البنوك التي تدمج الجانب الإنساني والاجتماعي ضمن هويتها تتفوق في نوايا الشراء وفي بناء السمعة، بعبارة أخرى، الثقة ليست ناتجًا جانبيًا، بل أصبحت منتجًا أساسيًا.

 

اقرأ أيضًا:

التكنولوجيا المالية.. كيف غيرت المحافظ الرقمية طرق الدفع؟

«سمارت بيز» تمهد لعصر جديد، أول شركة تكنولوجيا مالية تتحول إلى بنك!

التنظيم ليس عائقًا بل ميزة تنافسية

في السعودية، لم تعد القواعد التنظيمية مجرد مانع، بل أدوات لبناء مستقبل أكثر انفتاحًا، من المصرفية المفتوحة، إلى قوانين حماية البيانات المستوحاة من النموذج الأوروبي، وضعت المملكة إطارًا يشجع على الابتكار، ويحمي المستهلك، ويحفز المنافسة.

أما في الإمارات، فباتت مشاركة بيانات العملاء عبر واجهات برمجة التطبيقات (API) بموافقة المستخدم أداة لتوسيع قاعدة الشمول المالي، هذه السياسات فتحت الأبواب أمام شركات ناشئة مبتكرة، وأرست ساحة تنافسية أكثر عدلًا ومرونة.

في الواقع، اللوائح التنظيمية تحولت من عبء إلى أداة لبناء الثقة، تعكس التزام البنك بحقوق العميل وخصوصيته، وتثبت للمستهلك أن مصالحه في صميم كل عملية.

Mastercard 

البيانات منجم لا يغتفر الخطأ فيه

مع تنامي حجم البيانات الشخصية التي تحتفظ بها المؤسسات المالية، أصبحت الشفافية في استخدام البيانات مسألة وجودية، خطأ واحد قد يهز ثقة بنيت خلال سنوات، لهذا بدأت المؤسسات الرائدة مثل Mastercard بتطبيق سياسات أخلاقية لإدارة البيانات حتى قبل أن تُصبح إلزامية.

البنوك الخليجية بدأت تحذو نفس النهج، فميزات الأمان الرقمي والاستثمارات في الأمن السيبراني باتت جزءًا من الحملات التسويقية، وليست مجرد تحديثات خلف الكواليس، لأن المستهلك يريد أن يعرف من يملك بياناته؟ ولماذا؟ وكيف تُستخدم؟

اقرأ أيضًا:

البنوك الرقمية، ثورة مالية تكسب 16 مليار دولار في 2025 وتستعد للانفجار

فوري تدرس الحصول على رخصة البنك الرقمي وتستهدف التوسع في السعودية

من بنك إلى شريك حياة

من أبرز التحولات في المشهد المالي الخليجي هو تغير دور البنك من منفذ للمعاملات إلى شريك في تحقيق الأهداف المالية، لم تعد العلاقة مع البنك تنتهي عند نهاية المعاملة، بل تبدأ من هناك.

برامج الشمول المالي، التوعية المالية، تمكين الشباب والمرأة، ودعم المشاريع الصغيرة جميعها باتت اليوم محاور رئيسية في سرديات البنوك.

على سبيل المثال، أطلق بنك الإمارات دبي الوطني مبادرة نساء الغد لتمكين المرأة ماليًا، بينما تسعى السعودية لرفع نسبة المدفوعات الرقمية إلى 70% خلال ثلاث سنوات، هذه المبادرات لا تبني فقط ثقة، بل تبني مجتمعًا ماليًا أكثر عدالة واستدامة.

البنوك الرقمية

العلامة التجارية لم تعد شعارًا بل موقف

وفق تقرير Kantar BrandZ، تصدر بنك الراجحي قائمة العلامات المالية الأعلى قيمة في السعودية والإمارات، بقيمة 13.9 مليار دولار في 2024، السبب ليس فقط حجم العمليات، بل تحوله الرقمي السريع ومكانته الثقافية والاجتماعية.

وهنا يكمن الفارق، العلامات التجارية الناجحة ليست تلك التي تملك أكبر ميزانية تسويقية، بل التي تترجم الهوية المؤسسية إلى أفعال. 

Mastercard على سبيل المثال تبني الثقة من خلال حملات شمول مالي، بينما تعتمد بعض البنوك الخليجية على برامج تربطها بثقافة المجتمع المحلي.

ما الذي يعنيه كل هذا للمستقبل؟

في عالم تشكله التكنولوجيا، ستكون الثقة هي المحرك الخفي وراء التنافس، العلامات المالية في الخليج التي تدمج الشفافية، التنظيم، الغاية المجتمعية، والأمان الرقمي في هويتها المؤسسية، ستكون الأقدر على كسب العملاء واحتضان المستقبل.

نجاح البنوك الخليجية لن يُقاس بعدد المعاملات فقط، بل بقدرتها على تحقيق أثر اجتماعي واقتصادي حقيقي، وكلما ارتبطت العلامة التجارية بالقيم والمجتمع والغاية، زاد ولاء العملاء، وتعززت السمعة، وارتفعت القيمة السوقية.

في الخليج، أصبحت المعركة القادمة في القطاع المالي معركة على الثقة، لا على أسعار الفائدة، ومن سيفوز بها، ليس الأسرع تكنولوجيًا فقط، بل الأكثر إنسانية وشفافية وارتباطًا بالقيم.

Short Url

search