الذكاء الاصطناعي في الفضاء والدفاع، ثلاث حقائق تكشف فجوة الاستثمار وفرصة التفوق
الأربعاء، 11 يونيو 2025 11:12 م

الذكاء الاصطناعي في الفضاء
في سباق لا يعرف التباطؤ، تجد شركات الطيران والدفاع (A&D) نفسها في مفترق طرق تكنولوجي، بين ضغوط الحفاظ على تنافسيتها، والإغراء الهائل الذي تمثله تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ورغم أن الغالبية العظمى من هذه الشركات بدأت رحلتها مع الذكاء الاصطناعي، فإن نتائج الجهود الحالية تبدو، إلى حد كبير قيد التجربة.
يكشف استطلاع حديث أجرته مجموعة بوسطن الاستشارية أن 65% من مبادرات الذكاء الاصطناعي في قطاع الطيران والدفاع لا تزال في مرحلة إثبات المفهوم، وأن واحدة فقط من كل ثلاث شركات نجحت في تحويل هذه التقنيات إلى قيمة قابلة للقياس، إذن، أين تكمن الإشكالية؟ وما الذي يمنع الذكاء الاصطناعي من التحليق إلى أقصى إمكاناته في هذا القطاع؟
اقرأ أيضًا:
ترامب يعلن “القبة الذهبية”.. مشروع دفاعي فضائي يُشعل جدلاً عالمياً (فيديو)
سوق يتجاوز 888 مليون دولار ونمو سنوي 44.8%، كيف أصبحت السياحة الفضائية صناعة واعدة؟
الاستثمار في القاعدة بدلًا من القمة.. الإنفاق في غير محله
في عام 2024، أنفقت شركات الطيران والدفاع نحو 26.6 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي، ما يعادل 3% من إيرادات القطاع، ومن المتوقع أن ترتفع هذه القيمة إلى 44 مليار دولار بحلول عام 2030، لكن طبيعة هذا الإنفاق لا تقل أهمية عن حجمه.
حاليًا، يُضخ أكثر من نصف هذا الاستثمار في البنية التحتية وتكامل البيانات، أي في الطبقات السفلى من هرم الذكاء الاصطناعي، بينما القيمة الحقيقية تُولد في الطبقات العليا، حيث التطبيقات الموجهة للمستخدم والنماذج الذكية.
هذا النمط يسلط الضوء على تناقض جوهري، حيث تسعى الشركات إلى التميز، لكنها تستثمر في مكونات لا تخلق هذا التميز، فمع وجود شركات عملاقة مثل مايكروسوفت وجوجل توفر بنى تحتية سحابية جاهزة ومتطورة، لم تعد شركات A&D بحاجة إلى بناء كل شيء من الصفر.
في المقابل، لا تزال القيود التنظيمية، لا سيما في أوروبا، والتردد الذاتي في الولايات المتحدة، تعرقل اعتماد السحابة على نطاق واسع، ومع ذلك، بدأت بعض الشركات الرائدة، مثل "أندوريل" ووزارة الدفاع الأمريكية، باستخدام السحابة بذكاء لتوسيع قدرات الذكاء الاصطناعي دون التضحية بالأمان أو التحكم.
التميز يأتي من القمة، لا القاع، ويجب على الشركات إعادة توجيه استثماراتها نحو حلول مخصصة تخلق قيمة حقيقية في المهام الأساسية.

الحلول الجاهزة مقابل الحلول المخصصة
تُظهر بيانات BCG أن الحلول المخصصة في الذكاء الاصطناعي تحقق ضعف عائد الاستثمار مقارنة بالأنظمة الجاهزة (COTS)، ومع ذلك لا تزال ثلث المبادرات تعتمد على هذه الأخيرة، حتى في العمليات الأساسية.
بينما قد تكون الحلول الجاهزة فعالة في المجالات الداعمة مثل المالية والموارد البشرية، فإنها غالبًا ما تفشل عندما يتعلق الأمر بأنظمة المهام والمنتجات التشغيلية، وتحتاج هذه المجالات إلى ذكاء اصطناعي مُصمم خصيصًا وفقًا لسير العمل والبيئة التشغيلية المعقدة.
مثال بارز يأتي من شركة جنرال إلكتريك للطيران، التي طورت نظام صيانة تنبؤية بالذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى تقليص التوقفات غير المخططة بنسبة 30% نتيجة يصعب على أدوات COTS تحقيقها.
الذكاء الاصطناعي الجاهز قد يكون جيدًا بما يكفي، لكنه نادرًا ما يكون جيدًا بما يكفي للتميز، والتفوق يتطلب حلولًا مخصصة مبنية حول المهمة، وليست مُعلبة.
اقرأ أيضًا:
أنظمة “TACTICA” تتحكم بالذكاء الاصطناعي لتعزيز استخبارات الفضاء
أوروبا تستثمر 40 مليون يورو في الهيدروجين الأخضر وموارد الطاقة المتجددة
فِرق ضخمة لكن بلا زخم.. التوسع الذكي هو الحل
سعيًا للسيطرة على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تقوم شركات الدفاع ببناء فرق داخلية ضخمة، لكن النتائج غير مبشرة، ووفقًا للاستطلاع، فإن 80% من شركات A&D تبني فرقًا أكبر بثلاث مرات من قطاعات أخرى، مثل السيارات، لكن 70% منها تجد صعوبة في التوظيف والاحتفاظ بالكفاءات.
وبينما تُنفق هذه الشركات ملايين على أدوات ومنصات التطوير، غالبًا ما يكون ذلك على حساب الفعالية، بالمقابل تتبنى شركات من قطاعات أخرى، مثل ستانلي بلاك آند ديكر، نهجًا أكثر ذكاءً، مراكز تميز صغيرة ومدعومة بشركاء خارجيين ذوي كفاءة عالية.
هذا النهج يسمح بتأمين المهارات المطلوبة دون العبء الدائم، مع الحفاظ على التركيز على الحوكمة والملكية الفكرية داخليًا، ولذلك لا تحتاج الشركات إلى أكبر فرق، بل إلى أكثرها تركيزًا ومرونة، مدعومة بشراكات استراتيجية تُحقق التوسع بأقل تكلفة.

نهاية الطريق أم بدايته؟
التحدي في الذكاء الاصطناعي لا يكمن في الرؤية، بل في التطبيق الذكي، حيث تسرف شركات الدفاع في الإنفاق على البنية التحتية، وتشتري أدوات جاهزة لم تُصمم لمهامها، وتبني فرقًا أكبر من قدرتها على إدارتها، والنتيجة؟ قيمة محدودة وتأثير غير ملموس.
التحول يبدأ بإعادة التركيز، استثمار في القمة، حلول مخصصة للمستخدم، وفِرق ذكية مدعومة بشركاء موثوقين، عندها فقط، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحول من وعد تكنولوجي إلى ميزة استراتيجية حاسمة.
Short Url
أرباح كبيرة، دراسة جدوى مشروع تصنيع ملابس الأطفال في مصر
12 يونيو 2025 06:30 ص
التغليف الأخضر 2025، كيف تعيد العلامات التجارية الأوروبية صياغة معايير الاستدامة؟
11 يونيو 2025 07:31 م
أيونات الصوديوم تحت المجهر، هل تطيح بالليثيوم من عرش السيارات الكهربائية؟
09 يونيو 2025 11:42 م


أكثر الكلمات انتشاراً