الأحد، 01 يونيو 2025

11:20 م

بين التراجع في الإنفاق وتباطؤ التوظيف، الاقتصاد الأمريكي يتراجع

السبت، 31 مايو 2025 12:50 م

الاقتصاد الأمريكي

الاقتصاد الأمريكي

تحليل/ ميرنا البكري

ما حدث في إبريل 2025م كان واضحًا جدًا، فالمستهلك الأميركي الذي كان دائمًا يقود النمو الاقتصادي في العالم، قرر أن يهدئ السرعة، بعد أن هجمت الناس على الأسواق في مارس، ليشتروا بكميات كبيرة خوفًا من زيادة الأسعار بسبب الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها ترامب، وحدث نوع من التراجع في الإنفاق، حيث يبدو أن السوق الأمريكي قد شعر بأن الأوضاع مقبلة على أزمة، فتوقف للحذر والترقب.

US consumer sentiment plummets to second-lowest level on records going back  to 1952 | CNN Business
المستهلك الأمريكي

 

الإنفاق يقل، والناس تدخر

وتوضح بيانات وزارة التجارة الأمريكية أن الإنفاق الاستهلاكي زاد بنسبة 0.2% فقط في إبريل، مقارنة بـ0.7% في مارس، وهذا فرق كبير يؤكد أن الناس بدأت تميل للادخار بدلًا من الشراء، خصوصًا بعد دخول الأفراد حيث زادت بنسبة 0.8%، فمعدل الادخار وصل 4.9% بدلًا من 4.3%.

وهذا يعني ببساطة أن المستهلك أصبح متوترًا، خصوصًا عندما يرى التذبذب في السياسات التجارية والرسوم الجمركية، فبدأ يكتفي بالأساسيات من:- (طعام، سكن، صحة)، ويبعد عن الكماليات مثل:- (السيارات والملابس)، فيما أتى تعليق الخبير “كريس روبكي” قالها صراحةً، "المستهلك الأمريكي بدأ يتصرف بخوف، والسلع المعمرة أصبحت آخر أولوياته".

التضخم تراجع، لكن الفيدرالي غير مرتاح

مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)  (المعيار الذي ينظر البنك الفيدرالي إليه) سجل تباطؤ في التضخم عند 2.1% على أساس سنوي في إبريل، وهو أقل من 2.3% في مارس وعلى أساس شهري، فالأسعار زادت بـ0.1% فقط.

ورغم أن هذه الأرقام تعتبر إيجابية على الورق، فالفيدرالي لا يأخذها باهتمام والسبب؟ الخوف من إن أي قرار متهور بخفض الفائدة، قد يشعل التضخم مرة أخرى، خصوصًا مع التقلبات التي سببها الرسوم الجمركية.

الأسواق ليست مطمئنة، وحالة "الترقب" مسيطرة

والوضع في السوق الأمريكي حاليًا،  أشبه بحالة "هدوء ما قبل العاصفة"، وهناك قلق من جانبين:- الشركات بدأت تقلل الطلبيات وغير متحمسة للتوظيف، والمستهلكين يفكرون ألف مرة قبل إنفاق أموالهم.

أما دانيال نورث، كبير الاقتصاديين في Allianz Trade، فيعتقد من جانبه أن هناك قدرة على رؤية تباطؤ في التوظيف قريب جدًا، ومتوقع أن تقرير الوظائف القادم، سيظهر تراجع في خلق فرص العمل من 177 ألف في إبريل لـ125 ألف في مايو، مع احتمال ارتفاع البطالة لـ4.3%.

اقرأ أيضًا: 

بسبب الرسوم الجمركية، تراجع ثقة المستهلك الأمريكي مع التوقعات بارتفاع التضخم

«مخاوف سياسة ترامب» تدفع ثقة المستهلكين الأمريكيين للتراجع

The Weakening US Consumer | CFA Institute Enterprising Investor

 

العجز التجاري يقل، لكن الصورة ليست وردية

أحدث الأرقام عن التجارة الخارجية تحمل خبرًا "حلوًا بطعمٍ مالح"، فعلى السطح، يبدو أن هناك تقدمًا واضحًا، فالعجز التجاري انخفض بنسبة 46%، كما ارتفعت الصادرات بمقدار 6.3 مليارات دولار، في حين تراجعت الواردات إلى 68.4 مليار دولار.

وهذه الأرقام قد تُعتبر إنجازًا يُحسب لإدارة ترامب، لكنها تخفي في طيّاتها إشارة مقلقة، فتراجع الواردات لا يعني بالضرورة تحسّن الميزان التجاري فحسب، بل قد يدل أيضًا على أن المخزونات داخل السوق الأميركية بدأت تنفد، وإذا صح هذا التفسير، فإن النتيجة المحتملة هي ارتفاع في الأسعار مستقبلًا، خاصة مع عودة تطبيق الرسوم الجمركية بشكل كامل.

توقعات وتحذيرات، هل نحن في استراحة مؤقتة؟ أم بداية أزمة؟

إن ما حدث الآن يطرح سؤالًا كبيرًا، فهل الاقتصاد الأمريكي فعلًا متماسك؟ أم ما نشاهده بداية تراجع؟ تشير المؤشرات كلها وتقول إن السوق متوتر، حيث أن المستهلك ينفق بحذر، والشركات تقلق من الاستثمار، والفيدرالي متردد في قراراته، والرسوم الجمركية مثل قنبلة موقوتة، وإذا استمرت حالة الضبابية، قد نواجه تباطؤًا أكبر في النمو في النصف الثاني من 2025م.

ختامًا، الاقتصاد الأمريكي لن يقع، لكنه يمر بمرحلة حساسة للغاية، وأصبح المستهلكون أذكى، والشركات لا تنوي المغامرة، والسياسات الجمركية تضغط على أعصاب السوق، وكل العيون الآن على أرقام التوظيف وأسعار المستهلكين والأسهم، والقادم قد يكون تصحيح طبيعي أو بداية أزمة، في حال خرجت الرسوم الجمركية عن السيطرة، وهذا ما سنراه في الأسابيع المقبلة.

Short Url

showcase
showcase
search