الخميس، 12 يونيو 2025

10:07 ص

من الجمركي إلى الاستراتيجي، قراءة في لغة المصالح بين مصر وأمريكا

الثلاثاء، 10 يونيو 2025 11:50 م

مصر وأميركا

مصر وأميركا

في عالم تتغير فيه خرائط التجارة بالسرعة ذاتها التي تتبدل فيها أولويات القوى الكبرى، تبرز مصر كلاعب إقليمي طموح يحاول اقتناص لحظته، ما بين إعادة تموضع أميركي يقوده ترامب من جهة، وإصلاحات مصرية متسارعة من جهة أخرى، تتقاطع خطوط المصالح لتُرسم على ضفاف النيل معادلة جديدة، هل تصبح القاهرة بوابة أميركا التجارية نحو إفريقيا؟

مصر وأميركا

 

تحولات أميركية ونقطة ارتكاز مصرية

الولايات المتحدة، وفي عهد ترامب مجددًا، تتبنى سياسة اقتصادية هجومية، تفرض تعريفات جمركية، وتنسحب من مناطق التصنيع الرخيص كالصين وبنغلاديش. 

غير أن هذه السياسات لا تعني الانغلاق، بل تعني البحث عن شركاء جدد، يمكن الوثوق بهم سياسيًا، والاعتماد عليهم اقتصاديًا، وهنا تتقدم مصر كنقطة ارتكاز في التوازنات الجديدة.

بحجم تبادل تجاري بلغ 9.8 مليار دولار في عام 2024، واستثمارات أميركية تتجاوز 47 مليار دولار عبر 1800 شركة، لا تبدو القاهرة مجرد شريك عابر، بل بوابة استراتيجية ذات موقع جغرافي فريد، تربط المتوسط بالعمق الإفريقي، وتفتح أمام المستثمرين الأميركيين آفاقًا لـ1.5 مليار مستهلك.

اقرأ أيضًا:

الكويز.. اتفاقية تحمي مصر من مصير الصين والرسوم الأمريكية

غرفة صناعة الملابس الجاهزة لـ "إيجي إن": اتفاقية الكويز تمنح ميزة لمصر بعد رسوم ترامب

من الجمركي إلى الاستراتيجي، قراءة في لغة المصالح

لم تكن القرارات الأميركية الأخيرة بتشديد القيود على دول آسيا سوى ناقوس خطر، أو ربما نافذة فرصة لدول مثل مصر. 

فاستجابة القاهرة جاءت ذكية وسريعة، إزالة العوائق غير الجمركية، إعفاء منتجات الألبان الأميركية من شهادات الحلال التي كانت تكبل السوق، وفتح الأبواب أمام السيارات الأميركية. هذه ليست مجرد تسهيلات، بل لغة مصالح جديدة تسعى للوصول إلى اتفاق تجارة حرة شامل مع واشنطن خلال السنوات المقبلة.

ورغم أن التعريفات على مصر كانت منخفضة، إلا أن المرونة المصرية أرسلت رسالة واضحة، القاهرة تريد أن تكون شريكًا استراتيجيًا، لا مجرد محطة في دفتر التجارة الأميركية.

الكويز

 

النسيج المصري من كويز إلى نقطة تحول

ربما تكون اللحظة الذهبية للاقتصاد المصري قد بدأت تتشكل فعليًا في قطاع المنسوجات، فبينما تصدر بنغلاديش وحدها بـ40 مليار دولار سنويًا، لا تتعدى صادرات مصر من القطاع 4 مليارات، معظمها عبر اتفاقية كويز مع واشنطن.

لكن فإن هروب الاستثمارات من آسيا بسبب تعريفات ترامب قد يكون فرصة تاريخية لمصر، شريطة استغلالها سريعًا. فإذا ما تم ذلك، يمكن أن تتضاعف صادرات القطاع لأكثر من 4 أضعاف خلال 5 سنوات فقط، لتتجاوز حاجز الـ15 مليار دولار.

اقرأ أيضًا:

هل تعيد الولايات المتحدة النظر في الرسوم الجمركية على الصادرات المصرية؟

مصر تخطو بثبات نحو عصر الجيل الخامس واقتصاد رقمي جاذب للاستثمار

الطاقة والهيدروجين الأخضر، العمق الاستثماري الأميركي

ولأن الاقتصاد لا يُبنى على قطاع واحد، فإن تنوع الاستثمار الأميركي في مصر من الطاقة المتجددة إلى الهيدروجين الأخضر مرورًا بالنفط والغاز، يعكس ثقة عابرة للتقلبات، شركات مثل شيفرون وأباتشي وإكسون موبيل ليست فقط مستثمرة، بل شريكة في صناعة قرار اقتصادي طويل الأمد.

هذا يذهب أبعد من الأرقام، حيث أن تصنيع المنتجات الأميركية في مصر وإعادة تصديرها لأسواق ثالثة قد يكون النموذج المثالي لعصر ما بعد الصين، توازن سياسي، تكلفة مناسبة، وموقع لوجستي استثنائي.

الصادرات المصرية

هل تتعارض واشنطن مع بكين في القاهرة؟

السؤال الذي قد يطرح نفسه هنا، هل تنجح مصر في التوفيق بين واشنطن وبكين؟ الجواب، وفق أنيس، هو نعم طالما التوازن ممكن. فالعلاقات الاستراتيجية لا تُبنى على إما أو، بل على كيف وأين ومتى. 

ومن هذا المنظور،، فإن القاهرة لا تضع كل بيضها في سلة واحدة، بل توزع شراكاتها ببراعة في لعبة التوازنات الكبرى.

حماية دون عزلة وانفتاح بلا فوضى

بعيدًا عن الشعارات، يقدم أنيس مقاربة اقتصادية صلبة، الأسواق المغلقة لا تصنع منتجًا جيدًا، بل منتجًا باهظًا ورديئًا، لذلك فإن تحرير الأسواق المصرية، مع ضبط قواعد المنافسة، هو مفتاح رفع الجودة وتحقيق طموح التحول الاقتصادي.

لحظة فارقة ومفتاحها القطاع الخاص

إن مصر تقف على عتبة تحول اقتصادي كبير، تُحركه سياسات داخلية مرنة، وتحولات خارجية سريعة.، لكن الرهان الحقيقي ليس فقط على الاتفاقات أو الإعفاءات، بل على قدرة القطاع الخاص المصري على استثمار هذه اللحظة، وتحويل الفرص إلى إنجازات.

فالأسواق لا تنتظر، والتحولات لا تعيد نفسها، ومن يريد أن يكون بوابة يجب أن يفتحها أولًا من الداخل.

Short Url

showcase
showcase
search