الجمعة، 30 مايو 2025

01:33 ص

الوظائف في قلب التحول السعودي، كيف يشكل التوظيف مستقبل اقتصاد 2030؟

الأربعاء، 28 مايو 2025 07:03 م

الوظائف في السعودية

الوظائف في السعودية

بينما تمضي المملكة العربية السعودية بثقة نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030م، يتضح أن الرهان الأكبر لم يعد على رؤوس الأموال والمشاريع العملاقة فقط، بل على المورد الأهم في معادلة التنمية، ألا وهو رأس المال البشري.

ومع دخول عام 2025م، تُظهر بيانات سوق العمل أن المملكة أمام مرحلة مفصلية من التحول الهيكلي في سلوك التوظيف، وهياكل الأجور، وطموحات الكفاءات، فالتقرير السنوي لشركة Hays العالمية، الذي استند إلى بيانات أكثر من 700 موظف وجهة عمل، يعكس ملامح هذا التحول بدقة، ويطرح أسئلة جوهرية، حول قدرة السوق السعودية على المنافسة في سباق عالمي شرس على المهارات.

السعودية

نمو اقتصادي ولكن هل يكفي؟

ويبدأ المشهد من أرقام مشجعة، تشمل نموًا متوقعًا للاقتصاد السعودي بنسبة 4.6% في 2025م، بحسب صندوق النقد الدولي، وهو رقم يعكس انتعاشًا قويًا بعد عام 2024م، والذي لم يتجاوز النمو فيه 1.5%، وهذا الانتعاش مدفوع بتوسع الأنشطة غير النفطية، وتحفيز بيئة الاستثمار، وتدفق المشاريع الحكومية الكبرى في قطاعات مثل البنية التحتية والتقنية والطاقة المتجددة.

لكن النمو الاقتصادي وحده، لا يضمن الاستدامة ما لم يصاحبه نموًا موازيًا في سوق العمل، وهذا ما تسعى إليه جهات التوظيف التي أظهرت شهية واضحة للتوسع بنسبة 90%، ومنها التخطيط للتوظيف خلال العام الجاري، مع التركيز الكبير على الوظائف الدائمة بنسبة 79%، والاهتمام المتزايد بالوظائف المؤقتة، أو العقود الحرة بنسبة 23%، لتلبية احتياجات أكثر مرونة أو مهارات تخصصية نادرة.

اقرأ أيضًا:

السعودية تتجاوز النفط، الاقتصاد الرقمي يشكل 15.6% من الناتج المحلي في 2023

الذكاء الاصطناعي يغزو السوق السعودية، و66% من الموظفين يخططون لتغيير مهنهم

 

فجوة المهارات هي التحدي الأبرز

ورغم هذا الحراك اللافت، إلا أن 90% من الشركات تعاني من نقص في المهارات، خاصة في المناصب الإدارية والقيادية، وهذا الخلل لا يرتبط فقط بندرة الكفاءات، بل أيضًا بتغير طبيعة المهارات المطلوبة في ظل التحول الرقمي والابتكار، ما يعكس فجوة بين مخرجات التعليم وسرعة التغير في بيئة الأعمال.

والمشكلة تتعمق أكثر إذا علمنا أن 66% من الموظفين يفكرون في تغيير وظائفهم هذا العام، لأسباب تتعلق في الغالب بالراتب، أو محدودية التطور المهني، أو ضعف المزايا، وهذا يضع أصحاب الأعمال أمام واقع جديد، لم تعد المعركة فيه هي التوظيف، بل أصبحت الاحتفاظ بالمواهب.

6 خطوات على المواطنين اتباعها خلال معارض التوظيف
التوظيف في السعودية

 

الرواتب والمزايا، صورة مزدوجة

وفي 2024م، حصل أكثر من نصف الموظفين وتحديدًا 52% على زيادات في رواتبهم، معظمها في حدود من 6 إلى 10%، ومع ذلك، لا يشعر سوى 56% بالرضا عن رواتبهم الحالية، ما يعني أن الزيادة وحدها لا تكفي، خاصة في ظل تضخم تكاليف المعيشة، وارتفاع تطلعات الموظفين.

وأكثر من ذلك، فهناك خلل واضح في نظام المزايا غير المالية؛ فبينما يفضل الموظفون بدلات مثل تعليم الأبناء والتي تصل نسبتها لـ43%، والعمل المرن ونسبتها 39%، والتأمين الصحي بنسبة33%، فإن 72% منهم لا يحصلون على أي مزايا إضافية. 

وهذا الأمر يشير إلى فجوة ثقافية في فهم دوافع القوى العاملة الجديدة، خصوصًا الجيل الشاب الذي يولي أهمية كبيرة، لتوازن الحياة والعمل وبيئة العمل الصحية.

اقرأ أيضًـــا:

متوسط الأجر الشهري للسعوديين في مختلف القطاعات لعام 2025

العامل صاحب فيديو التعنيف من مسؤول العمل السعودي يرفض استلام التعويضات

الذكاء الاصطناعي شريك أم خصم؟

ومن بين الملامح اللافتة في تقرير Hays، هو دخول الذكاء الاصطناعي خط الإنتاج والتوظيف بقوة، حيث وصلت نسبة 65% من المؤسسات، والتي توصي باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف. 

لكن في المقابل، تبدي بعض الجهات تحفظًا بدواعي الأمان السيبراني والخصوصية، وهو ما يُظهر أن التحول الرقمي في السعودية، يسير بخطى واثقة ولكن محسوبة.

 

القطاعات الرائدة وأماكن تركز الفرص

ويتصدر قطاع التقنية المشهد، يليه المالية والصناعة والبناء والمبيعات، فهذه القطاعات تستفيد من الاستثمارات الضخمة في التحول الرقمي والبنية التحتية. 

ومن حيث التوزيع الجغرافي، تظل الرياض الأكثر نشاطًا بنسبة 74%، تليها جدة بنسبة 39%، ثم المنطقة الشرقية ونسبتها 35%، ما يعكس تمركز المشاريع الكبرى في هذه المدن، إضافة إلى دورها كمراكز جذب للشركات العالمية والإقليمية.

وظائف | Tetco
الوظائف السعودية

 

معركة التوظيف في عصر الاقتصاد الجديد

وما يكشفه تقرير Hays بوضوح، هو أن سوق العمل السعودي لم يعد سوقًا تقليدية، بل دخل مرحلة اقتصاد المعرفة، حيث المهارات والكفاءات هي رأس المال الحقيقي.

وإذا كانت الحكومة السعودية، قد نجحت في بناء بنية تحتية اقتصادية قوية، فإن المرحلة القادمة تتطلب:-

  • تعزيز برامج تدريب وتأهيل الكفاءات الوطنية.
  • تبني أنظمة مرنة ومبتكرة في الرواتب والمزايا.
  • خلق بيئات عمل جاذبة للأجيال الجديدة.
  • مواكبة التحولات التقنية دون المساس بأمن الموظفين وحقوقهم.

في النهاية، يبقى التحدي الأكبر أمام مؤسسات القطاعين العام والخاص في تحويل الوظائف، من مجرد شواغر إلى فرص نمو حقيقية للموظف وللاقتصاد معًا.

Short Url

search