هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل مشكلة الوحدة؟ بين الوهم العاطفي والأجندة التجارية
السبت، 24 مايو 2025 02:37 م

روبوت وطفلة
كتب/ كريم قنديل
في خضم التقدم التكنولوجي المتسارع، تطرح الشركات الكبرى وعودًا واسعة النطاق حول قدرة الذكاء الاصطناعي على ملء الفراغات العاطفية والاجتماعية في حياة البشر، ولكن ما يبدو كحل مبتكر لوباء الوحدة، قد يكون في الحقيقة مسكنًا مؤقتًا يخفي مشكلات أعمق.
وفي مقابلة حديثة على بودكاست دواركيش، تحدث مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، عن رؤية متفائلة لعلاقات قائمة على الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن الأميركي العادي لديه ثلاثة أصدقاء فقط، بينما يحتاج فعليًا إلى خمسة عشر، ويعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسد هذا النقص، وهذه الرؤية رغم جاذبيتها، تتصادم مع آراء علماء النفس الذين يرون أن الأهم ليس عدد الأصدقاء، بل عمق العلاقة.

اقرأ أيضًا:
الذكاء الاصطناعي يدخل الفصول، فهل يصنع فوارق تعليمية خفية؟
النسيان الرقمي، الذكاء الاصطناعي يهدد العقل البشرى مع تزايد الاعتماد عليه
العلاقة بين التكنولوجيا والعاطفة، جدل علمي مستمر
إن الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يقدم تفاعلًا سلسًا ومهذبًا على مدار الساعة، لكنه لا يملك القدرة على منح الشخص ما تمنحه العلاقات الحقيقية، والتعاطف، واللمسة، والدفء البشري، حيث إن علاقة المستخدم بروبوت محادثة قد تمنح شعورًا مؤقتًا بالارتياح أو التسلية.
وتفتقر تلك المحادثة سالفة الذكر إلى الجانب الحقيقي والامتلاء العاطفي، لأنها غير مبنية أساسًا على التبادلية العاطفية، فالذكاء الاصطناعي لا يمكنه تعريفك على أصدقاء جدد، أو اللعب معك، أو تقديم عناق حقيقي، ناهيك عن بناء شبكة اجتماعية تُثري حياتك.

أزمة الوحدة في عصر السوق الرقمية
ووراء هذه النقاشات النفسية والإنسانية، تلوح أجندة اقتصادية واضحة، فالشركات التي تدفع بهذه النماذج الاجتماعية من الذكاء الاصطناعي، ليست مجرد أدوات خيرية، إنها شركات تسعى إلى تعظيم الأرباح، فكلما زادت مدة استخدام الأفراد لهذه التطبيقات، زادت كمية البيانات التي يمكن جمعها، وزادت فرص تحقيق الربح من خلال الإعلانات أو الخدمات المدفوعة.
وهنا يكمن التناقض، بينما تُسوق الشركات وأدوات الذكاء الاصطناعي كحل للوحدة، وقد تُفاقم هذه الأدوات المشكلة ذاتها عبر إضعاف الحوافز لتكوين علاقات حقيقية، خصوصًا لدى الفئات الأكثر هشاشة، كالأطفال والمراهقين.
وتشير دراسات إلى أن استخدام الأطفال لمساعدين ذكيين، قد يرتبط بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب، إلى جانب ضعف في المهارات الاجتماعية.
اقرأ أيضًـــا:
شغلانتك رايحة فين؟ 85 مليون وظيفة ستختفي بنهاية العام (فيديو)
بينهم الأطباء والقضاة.. مهن آمنة من خطر الاستبدال ولا يهددها الذكاء الاصطناعي
اقتصاد العلاقات الزائفة، منتج جديد في السوق الرقمية؟
هذا التوجه يُعيد تشكيل العلاقة بين التكنولوجيا والمجتمع، فلم تعد الشركات تكتفي ببيع أجهزة أو تطبيقات، بل بدأت تروج لمفاهيم بديلة عن العلاقات والصداقات والحب وحتى الألفة، وفي هذا السياق، تصبح الصداقة مع الذكاء الاصطناعي منتجًا له سوق، يُسوَّق على أنه بديل واقعي.
إن الخطورة هنا ليست فقط في الإحلال الوهمي للعلاقات الإنسانية، بل في أن هذه البدائل قد تُثبت عزلة المستخدم بدلًا من معالجتها، عوضًا عن الخروج من العزلة، حيث يُحبس الفرد داخل دائرة مغلقة من التفاعل مع واجهة رقمية تستجيب له، لكنها لا تشعر به.

الذكاء الاصطناعي لا يعانقك
لا شك أن للذكاء الاصطناعي دورًا في تسهيل الحياة وتقديم المساعدة، ولكن تحويله إلى بديل عن العلاقات الحقيقية يحمل مخاطر نفسية واقتصادية، والحل لمشكلة الوحدة لا يكمن في روبوت محادثة مُهذب، بل في نُظم اجتماعية تشجع على التواصل، والتعليم، والمشاركة، والثقة.
وفي وقت تنخرط فيه شركات التكنولوجيا الكبرى في سباق لتطوير أصدقاء رقميين، يجب ألا ننسى أن هذه الصداقة، قد تكون على حساب ما هو أعمق.. إنسانيتنا نفسها.
Short Url
بين العقوبات والدبلوماسية الشعبية، واشنطن تراهن على إسقاط النظام الكوبي
24 مايو 2025 11:47 ص
أسواق الخليج، أرض الفرص للنفوذ التكنولوجي ورؤوس الأموال الكبرى
23 مايو 2025 01:03 م
الأمراض الفيروسية تعبث بأسواق المستلزمات الطبية، ما القصة؟
23 مايو 2025 12:58 ص


أكثر الكلمات انتشاراً