بعد أن سلمتها بريطانيا لمورشيوس, ما هي «جزر تشاجوس»؟
السبت، 24 مايو 2025 09:01 ص

جزر تشاجوس
وقع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اتفاقًا رسميًا يقضي بتسليم جزر تشاجوس إلى موريشيوس، بعد عقود من النزاع التاريخي والسياسي حول السيادة على هذا الأرخبيل الواقع في قلب المحيط الهندي.
وجاء في بيان الحكومة البريطانية أن هذا القرار جاء "اضطراريًا" استجابةً لعدد من القرارات القانونية الدولية التي دعمت موقف موريشيوس واعتبرت استمرار السيادة البريطانية غير قانوني.
تسليم السيادة الكاملة على الجزر لموريشيوس
شارك ستارمر في مراسم افتراضية إلى جانب مسؤولين من حكومة موريشيوس لتوقيع الاتفاق، الذي ينص على تسليم السيادة الكاملة على الجزر، مع احتفاظ بريطانيا بحق استئجار القاعدة العسكرية الرئيسية هناك لمدة 99 عامًا قادمة.
وتُعد جزيرة دييغو غارسيا، وهي أكبر جزر الأرخبيل، موقعًا استراتيجيًا مهمًا، حيث تضم قاعدة عسكرية أمريكية-بريطانية مشتركة تُستخدم منذ عقود لتمكين النفوذ الغربي في المنطقة. ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أن هذا الاتفاق قد يؤدي إلى تعزيز النفوذ الصيني في المحيط الهندي، في ظل تصاعد التنافس الجيوسياسي في المنطقة.

ما هي جزر تشاجوس؟
موقع جزر تشاجوس وأهميتها الجغرافية
يقع أرخبيل تشاجوس في المحيط الهندي، على بعد نحو 1000 كيلومتر جنوب المالديف، وحوالي 2000 كيلومتر شرق السيشيل، ونحو 2000 كيلومتر شمال شرق موريشوس. يحتوي الأرخبيل على أكبر جزيرة مرجانية في العالم، والمعروفة باسم جرف تشاجوس العظيم. وتُعد جزيرة دييغو غارسيا أكبر جزر الأرخبيل التي يبلغ عددها نحو 60 جزيرة.
ورغم أن البحارة البرتغاليين كانوا أول من اكتشف الأرخبيل في القرن السادس عشر، فإنه لم يُضم إلى الإمبراطورية البرتغالية، ربما لعدم أهميته الاقتصادية أو السياسية في ذلك الوقت.
وكان الفرنسيون أول من أعلنوا سيادتهم على الأرخبيل وعلى موريشوس في القرن الثامن عشر، وكان الأرخبيل غير مأهول بالسكان حتى أنشأ الفرنسيون مزارع جوز الهند هناك باستخدام عبيد من أفريقيا. وقد أدار الفرنسيون جزر تشاجوس من موريشوس التي أطلقوا عليها اسم "جزيرة فرنسا (Ile De France)".
اقرأ أيضًا: من قلب الساحل للقمة السياحية، العلمين الجديدة عاصمة للمصايف العربية 2025
اقرأ أيضًا: من الخليج إلى أمريكا، الدول الأعلى إنفاقًا في الوجهات السياحية

تاريخ النزاع على أرخبيل تشاجوس والسيطرة عليه
في عام 1810، احتلت بريطانيا جزيرة فرنسا (موريشوس حاليًا)، وأصبحت السيادة البريطانية على الأرخبيل رسمية بعد أن تنازلت فرنسا عن موريشوس وكل الجزر التابعة لها إدارياً، بما في ذلك تشاجوس، بموجب معاهدة باريس عام 1814.
وقد استمرت بريطانيا في إدارة الأرخبيل كأراضٍ تابعة لموريشوس. وتشير مصادر تاريخية إلى أن أغلب سكان تشاجوس الأوائل جاؤوا من بلدان إفريقية مثل موزمبيق، مدغشقر، السنغال، وموريشوس، لكن الحكومة البريطانية تقول إنهم عمال موسميون من موريشوس والسيشيل.
عندما استقلت موريشوس عن بريطانيا في عام 1968، احتفظت الأخيرة بالأرخبيل، ودفعت لموريشوس "منحة" قدرها 3 ملايين جنيه إسترليني مقابل فصله عنها.
بين عامي 1967 و1973، تم ترحيل ما بين 1500 و2000 من سكان الجزر قسرًا لبناء قاعدة جوية أمريكية على جزيرة دييغو غارسيا. ولم يُسمح لهم بالعودة منذ ذلك الحين.
تقول بريطانيا إنها دفعت تعويضات لموريشوس ولصندوق يمثل مصالح المرحّلين، لكن هؤلاء يقولون إنهم عانوا الفقر والتفرقة. وتؤكد موريشوس أنها أُجبرت على التنازل عن الأرخبيل مقابل الاستقلال، وقد أعلنت بريطانيا مرارًا أنها ستعيد الأرخبيل إلى موريشوس عندما تنتفي الحاجة الأمنية إليه.

الوجود العسكري الأمريكي في تشاجوس
وفي ستينيات القرن الماضي، اتُفِق سرًا بين بريطانيا والولايات المتحدة على استخدام الأرخبيل لأغراض دفاعية. وكشفت رسائل متبادلة بين الطرفين في عام 2004 أن أمريكا ستستخدم جزيرة دييغو غارسيا لمدة 50 عامًا قابلة للتمديد لـ20 عامًا إضافية بعد عام 2016.
كتب جون بريسكوت، النائب السابق لرئيس الوزراء البريطاني، في مقال عام 2013، أن الاتفاق ظل سريًا، وأن بريطانيا حصلت على تخفيض في صواريخ بولاريس مقابل السماح ببناء القاعدة الأمريكية، وفي عام 2016، تم تمديد فترة إيجار القاعدة حتى عام 2036.
السبب في اختيار الولايات المتحدة للأرخبيل هو موقعه المنعزل والاستراتيجي، مما يسهل حمايته، بالإضافة إلى قربه من مناطق متعددة حول العالم مثل جنوب وغرب أفريقيا، الشرق الأوسط، وشرق آسيا.
أشارت تقارير إلى أن وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA)، ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، ووكالة الفضاء (ناسا)، وقوة الفضاء الأمريكية تتواجد على الجزيرة.
وقد استخدمت الولايات المتحدة القاعدة في عمليات جوية ضد أفغانستان والعراق، وهناك تقارير عن استخدامها من قبل السي آي إيه لاستجواب مشتبه بهم بالإرهاب.
اقرأ أيضًا: كنز اقتصادي عائم، كيف تغيّر سياحة اليخوت خريطة الاستثمار السياحي في مصر؟
اقرأ أيضًا: شراكة أكاديمية ومهنية، منصة إلكترونية لربط طلاب السياحة بالمنشآت الفندقية

التطورات القانونية والدولية في نزاع أرخبيل تشاجوس
في مارس 2015، أصدرت المحكمة الدائمة للتحكيم قرارًا بأن المنطقة البحرية المحمية التي أعلنتها بريطانيا حول أرخبيل تشاجوس عام 2010 تنتهك القانون الدولي.
وفي فبراير 2019، طالبت محكمة العدل الدولية بريطانيا بإنهاء ما وصفته بـ "الاحتلال غير القانوني" للأرخبيل. وفي مايو 2019، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 116 دولة لصالح قرار يطالب بريطانيا بإعادة الأرخبيل إلى موريشوس دون قيد أو شرط خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر.
لم تلتزم بريطانيا بأي من القرارين، وصرحت أن الأرخبيل جزء من أراضيها منذ عام 1814، وأن موريشوس لم تكن لها سيادة على الجزر في أي وقت، وقد أبدى الاتحاد الأفريقي وحركة عدم الانحياز دعمهما لحق موريشوس في السيادة على الأرخبيل.
بريطانيا اعتذرت أكثر من مرة عن الترحيل القسري لسكان الجزيرة، ولكن رئيس وزراء موريشوس برافيند جاغنوت وصف هذا الترحيل بأنه جريمة ضد الإنسانية.
وفي عام 2002، صدر قانون في بريطانيا يسمح لسكان تشاجوس المولودين بين عامي 1969 و1982 الذين أُعيد توطينهم في موريشوس بالحصول على الجنسية البريطانية، لكنه تسبب في تفكك بعض العائلات بسبب قصر الفترة الزمنية المشمولة بالقانون.
ويعتقد الكثير من المراقبين أن الرحلة الاستكشافية التي أرسلتها موريشوس إلى الأرخبيل تهدف إلى حشد الدعم الدولي لقضيتها، في ما يعتبره كثيرون، خصوصًا في أفريقيا، خطوة متأخرة لإنهاء الاستعمار.
Short Url
ارتفاع أسعار سبائك الذهب في الإمارات خلال تعاملات اليوم السبت
24 مايو 2025 11:28 ص
أسعار النفط تتراجع مع ترقب زيادات أوبك+ وتوترات الأسواق الدولية (تفاصيل)
24 مايو 2025 10:58 ص
إنذار قوي، ترامب يهدد أبل برسوم جديدة (التفاصيل)
23 مايو 2025 05:36 م


أكثر الكلمات انتشاراً