معادن الأرض النادرة، كنوز صغيرة تشعل سباق النفوذ العالمي
الأربعاء، 21 مايو 2025 08:16 م

المعادن النادرة
تحليل/ كريم قنديل
في زمن تتسارع فيه التقنيات وتتشابك فيه المصالح، باتت معادن الأرض النادرة، تلك العناصر الخفية في أعماق القشرة الأرضية، وقودًا لصراع جديد بين القوى العظمى، ليست مجرد مواد خام، بل مفاتيح التفوق التكنولوجي والاقتصادي والعسكري في القرن الحادي والعشرين.

الذهب الجديد للثورة الصناعية الرابعة
عناصر نادرة من حيث الانتشار الاقتصادي، لكنها وفيرة بما يكفي لتغذية الصناعات الأكثر حساسية في العالم، من الهواتف الذكية إلى الصواريخ البالستية، ومن محركات السيارات الكهربائية إلى أقمار التجسس.
17 عنصرًا، على رأسها النيوديميوم والديسبروسيوم والإتريوم، باتت عمادًا للصناعات المتقدمة، ولا عجب أن توصف بأنها نفط المستقبل في عصر الطاقة الخضراء والتفوق الرقمي.
اقرأ أيضًا:
«المعادن النادرة» صراع عالمي على كنوز التكنولوجيا الحديثة
الصين في المقدمة.. أكبر 10 دول غنية بالمعادن النادرة
الهيمنة الصينية سلاح الجغرافيا في لعبة الجيو اقتصاد
تحتفظ الصين اليوم بورقة ضغط حاسمة، أكثر من 70% من إنتاج ومعالجة معادن الأرض النادرة يمر عبر أراضيها، سيطرة شبه مطلقة تمنح بكين نفوذًا استراتيجيًا على منافسيها الغربيين، وتضع واشنطن وبروكسل وطوكيو أمام معضلة توريد خطيرة.
ففي لحظة توتر جيوسياسي، قد تتحول هذه المواد إلى أداة حصار ناعمة، تُجمد صناعات حساسة وتعيد ترتيب أولويات الأمن القومي.

أميركا تعود إلى الساحة عبر بوابة كاليفورنيا وجرينلاند
واشنطن، التي كانت تتصدر إنتاج هذه المعادن في الثمانينيات، تحاول اليوم استعادة دورها عبر منجم ماونتن باس في كاليفورنيا، وهو أحد المصادر النادرة خارج آسيا، لكن الملف لم يعد محليًا فقط.
فقد أبرمت الإدارة الأميركية اتفاقيات استراتيجية مع أوكرانيا تشمل المعادن الحيوية، بل إن رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ضم جرينلاند لم تكن نكتة جيوسياسية، بل جزءًا من خطط السيطرة على موارد القطب الشمالي الغنية بالعناصر الأرضية النادرة.
اقرأ أيضًا:
44 مليون طن معادن نادرة، الصين تسيطر على صناعات العالم المستقبلية
«صفقة القرن أم استعمار مقنّع» أمريكا تستحوذ على معادن أوكرانيا النادرة
أستراليا والهند وجنوب إفريقيا حلفاء المستقبل في معركة التنويع
في مواجهة الهيمنة الصينية، تتسابق دول أخرى للدخول إلى المشهد، أستراليا تستثمر في منجم ماونت ويلد، والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا تطور بنيتها الجيولوجية والصناعية، في حين تحاول أوكرانيا لعب ورقة المعادن النادرة في صراعها الجيوسياسي مع روسيا وتوسيع علاقاتها مع الغرب.

البيئة تحت الضغط والتكنولوجيا تحاول الترميم
لكن السباق ليس بلا ثمن. عمليات استخراج هذه العناصر معقدة وملوثة ومكلفة. ففي الصين مثلاً، دفعت الكلفة البيئية الهائلة الحكومة إلى فرض تنظيمات مشددة، لكنها أبقت على نفوذها الإنتاجي عبر دعم الابتكار والمعالجة.
في المقابل، يستثمر الغرب اليوم في حلول تكنولوجية صديقة للبيئة، تشمل إعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية واستخلاص المعادن منها، إلى جانب أبحاث لإيجاد بدائل تقنية تُخفف من الاعتماد على العناصر النادرة.
اقتصاد الغد يبدأ من تحت الأرض
ما يحصل اليوم ليس مجرد تنافس على موارد، بل هو إعادة ترسيم لخرائط النفوذ الجيوسياسي وسلاسل القيمة الصناعية في العالم، فمعادن الأرض النادرة تمثل الحد الفاصل بين الهيمنة والتبعية، بين التقدم التكنولوجي والانكشاف الاستراتيجي.
ولذلك، فإن كل دولة تبحث عن حصتها في هذا السباق المحموم، حيث تُقاس القوة لا بعدد الجنود أو الصواريخ، بل بقدرتها على تأمين إمدادات المعادن الصامتة التي تحرك كل شيء من الهاتف في يدك إلى الأقمار فوق رأسك.
Short Url
تحالف صناعي مصري يسطر مرحلة جديدة في صادرات مصر إلى إفريقيا
21 مايو 2025 04:58 م
من الإسفلت إلى الاقتصاد، «دبي» تربط 10 آلاف شركة بمسارات ذكية للنمو
21 مايو 2025 03:36 م
من الصين إلى أفريقيا، السيارات الكهربائية تغير خريطة الاقتصاد العالمي
20 مايو 2025 03:39 م


أكثر الكلمات انتشاراً