الثلاثاء، 20 مايو 2025

10:13 م

صداع اقتصادي مفاجئ، نقص الغاز يعصف بمصانع الأسمدة المصرية ويهدد التصدير

الثلاثاء، 20 مايو 2025 12:18 م

ملف الطاقة في مصر

ملف الطاقة في مصر

تحليل/ ميرنا البكري

فجأة وبدون مقدمات، مصانع الأسمدة والميثانول استيقظت على خبر إن الحكومة قللت ضخ الغاز الطبيعي بنسبة 50% ولمدة 15 يوم، والسبب؟ هو إن إسرائيل قررت أن تقوم بصيانة لخط التصدير الذي يورد لمصر جزء من احتياجتها، وذلك ليس خبر عابر، بل معناه إن هناك صداع اقتصادي يأتي لنا من باب الصناعة ، بدءًا من التكاليف حتى التصدير والأسعار، ومازالت القصة طويلة.

Picture background
الأسمدة

ضغوط الصيف تجبر مصر على إعادة توزيع الغاز بين الكهرباء والصناعة

بدأ الموضوع عندما أبلغت إسرائيل القاهرة بإنها تقوم بصيانة في خط الغاز، وبالتالي الكميات التي كانت مصر تعتمد عليها ستقل خلال فترة الصيف الحالية، وخصوصًا مع ارتفاع الاستهلاك المحلي.النتيجة؟ لابد أن  توازن الحكومة بين استهلاك الكهرباء الذي زاد مع ارتفاع درجة الحرارة، والصناعة التي تعتمد بشكل كبير على الغاز، فقررت أن تقلل ضخ الغاز للمصانع.

 من أكتر المتضررين؟ مصانع الأسمدة في المواجهة

مصانع الأسمدة والميثانول هي أول فئة جاءت في وجه المدفع، فيستهلكوا ما بين 35% لـ40% من الغاز الذي يذهب للصناعة، أي حوالي 770 مليون قدم مكعب يوميًا، كما إن الحكومة خفضت الإمدادات بواقع 400 مليون قدم مكعب، وهو رقم كبير للغاية. أي ببساطة، الإنتاج سيقل، التكاليف تزداد، والمصانع ستضطر أن تبحث عن حلول مؤقتة أو تقلل عملها.

 الأثر الاقتصادي على الصناعة

بسبب تقليل ضخ الغاز للمصانع، طبيعي إن الإنتاج سيقل. فخطوط الإنتاج لن تعمل بكامل طاقتها، وهناك مصانع قد توقف جزء من عملها تمامًا.  هذا يعني إن الكميات التي كانت تُضخ في السوق سواء محلي أو للتصدير ستقل، مما يخلق أزمة، خصوصًا في وقت الطلب يزداد فيه (فصل الصيف).

وعندما يقل المعروض، الأسعار ترتفع وفقًا لقوانين السوق، والأسمدة خصوصًا يزداد عليها الطلب في هذه الفترة بسبب الظروف الجيوسياسية والحرب في المناطق المجاورة أثر على الزراعة والغذاء، فذلك قد يزود الضغوط على المزارعين داخل مصر، ويؤثر أيضًاعلى الأسعار في السوق المحلي. أي الفلاح سيشتري السماد أغلى،وهذا يعني إن تكلفة الغنتاج الزراعي سترتفع.

والأخطر من ذلك إن الكثير من المصانع تعتمد على التصدير، وتعمل بعقود لابد أن تلتزم بها. فأي تأخير أو تقليل في التوريد قد يسبب خسارة عقود أو سمعة دولية. غير ذلك، إذا قلت الأسمدة، الزراعة نفسها تتأثر، وبالتالي الأسعار في السوق من (خضار وفواكه وغيره) من الممكن أن ترتفع، مما يضغط على المواطن العادي بشكل مباشر.

اقرأ أيضًا: «المصرية للأسمدة» تتصدر قائمة المصدرين في قطاع الصناعات الكيماوية 2024

5.14 مليار متر مكعب.. "كارجاس" تحقق طفرة كبيرة في مبيعات الغاز الطبيعي

Picture background
الغاز الطبيعي

 

من الاكتفاء للاستيراد، ضغوط الصيف ترجعنا خطوة للخلف

منذ عام 2020، بدأت مصر تستورد غاز طبيعي من إسرائيل، رغم إننا كنا مكتفين ذاتيًا لفترة بعد اكتشاف حقل "ظهر". لكن مع الوقت، الإنتاج المحلي بدأ يقل، ومعه عودنا مرة أخرى للاعتماد على الاستيراد لكي نغطي الاحتياجات.

والآن مع دخول الصيف، الاستهلاك يزداد بشكل كبير، خاصة في الكهرباء الذي وصل استهلاكها بمفرده لـ 3.4 مليار قدم مكعب يوميًا. مما يضغط على القطاعات الأخرى،مثل الصناعة، ويجعل الحكومة في موقف صعب تحاول فيه أن توازن بين تغطية استهلاك الكهرباء وتشغيل المصانع، وكل ذلك في ظل كميات غاز غير كافية.

أي ببساطة، نحن في وضع نحاول أن نلعب فيه على كل الحبال، نضغط هنا لكي نغطي هناك، وكل ذلك لكي نحافظ على استقرار السوق دون إيقاف الإنتاج أو التقصير في الكهرباء.

السيناريوهات المتوقعة، إذا استمرت الازمة

إذا طالت الصيانة الإسرائيلية: الوضع  سيصبح أكثر تعقيدًا، وقد نضطر نستورد شحنات غاز مسال بأسعار أعلى لتغطية العجز.

 الأسعار قد تظل مرتفعة: سواء للمصانع أو للمستهلك، لأن أي هزة في الطاقة تنعكس على طول في سلاسل الإنتاج.

قد تشهد الكومة ضغط: خصوصًا من المصانع التي لديها  التزامات تصديرية أو تعمل بها وليس ربح صغير.

قد نشهد تدخل حكومي لتعويض بعض المصانع: مثل إعفاءات ضريبية مؤقتة أو دعم جزئي في حالة استمرا الوضع.

ختامًا، الأحداث ليس مجرد صيانة في خط غاز، بل بمثابة جرس إنذار يوجهنا لضرورة إعادة ترتيب أولوياتنا في ملف الطاقة، خصوصًا الغاز الطبيعي. تحتاج الصناعة طاقة مستقرة ومتوفرة دائمًا، والتوازن بين الاستهلاك المحلي والتصدير ليس اختيار، بل أساس بناء اقتصاد قوي.

وهناك سؤال يطرح نفسه: هل يستمر اعتمادنا على الغاز المستورد؟ أم سنسرع في تنفيذ مشروعات الطاقة البديلة؟ وذلك لإن المستقبل لن يكون مشرق في حالة استمرارنا في نفس الاتجاه.

هذه مجرد البداية، وقد يكون القادم أصعب، فتعتبر هذة الازمة بمثابة "بروفة" لأزمات أكبر قد نواجهها إذا لم نأخذ خطوات جادة الآن.

Short Url

showcase
showcase
search