الأحد، 18 مايو 2025

11:51 م

قمة بغداد، خارطة اقتصادية لعهد عربي جديد رغم التحديات

الأحد، 18 مايو 2025 07:08 م

قمة بغداد

قمة بغداد

كتب/ كريم قنديل

بدا المشهد في بغداد مختلفًا هذه المرة، حيث أن القمة العربية الرابعة والثلاثون، لم تكن مجرد اجتماعٍ تقليديٍ تكرره العواصم، بل إعلان واضح عن تحول في الأولويات الاقتصادية والاستراتيجية، وإشارات قوية إلى أن العالم العربي، بدأ يدرك أن المستقبل لا يُنتظر، بل يُصنع.

قمة بغداد

 

من الإغاثة إلى التنمية، تحول في البوصلة الاقتصادية

أولى إشارات هذا التحول، جاءت من ملف إعادة إعمار غزة، والذي لم يعد مجرد مطلب إنساني، بل أولوية تنموية عربية عاجلة، ودعمٌ للخطة العربية الإسلامية للإعمار، وفتح المعابر الإنسانية لا يعكس فقط التضامن، بل يفتح المجال أمام مشروعات بنية تحتية واستثمارات عربية جديدة في القطاع، ما قد يحول غزة من منطقة منكوبة، إلى ورشة عمل اقتصادية في حال وجود التزامات فعلية بالتمويل والتنفيذ.

اقرأ أيضًا:

الرئيس السيسي يطالب ترامب ببذل كل ما يلزم لوقف إطلاق النار في غزة (انفو)

الرئيس السيسي: إسرائيل لم ترحم طفلًا أو شيخًا وتعمدت تدمير قطاع غزة

 

سوريا من العزلة إلى إعادة الاندماج

أما رفع العقوبات عن سوريا، فقد حظي بترحيب عربي يعكس رغبة متزايدة في إعادة دمج الاقتصاد السوري ضمن المحيط العربي، فتخفيف العقوبات على قطاع الطاقة تحديدًا، يحمل دلالات اقتصادية عميقة، إذ قد يفتح المجال أمام شراكات عربية في إعادة إعمار البنية التحتية، وتحريك عجلة الاقتصاد السوري المتعثر، مع ما يعنيه ذلك من فرص عمل وعودة تدريجية للاجئين.

قمة عربية طارئة في الـ 27 من شباط حول تطورات القضية الفلسطينية
القمة العربية

 

العهد الاقتصادي العربي المشترك

اللافت في قمة بغداد، هو إطلاق العهد الاقتصادي العربي المشترك، والذي لايعد مجرد اتفاق رمزي فقط بل مشروع طموح لخلق فضاء اقتصادي قادر على المنافسة، خاصة في ظل التحديات العالمية التي تواجه الدول النامية.

الحديث عن شراكات بين القطاعين العام والخاص، يعني تحفيز الاستثمارات، كما يفتح أبواب التمويل الذكي والمشروعات الكبرى، خصوصًا مع الإشارة إلى بنية تحتية وتنموية في دول مثل اليمن والسودان وفلسطين.

 

استراتيجية أمن اقتصادي شامل

ومع مبادرة الحبوب لضمان الأمن الغذائي، والخطة العربية للأمن المائي، ومشاريع الطاقة المتجددة في المخيمات، يبدو أن القمة وضعت الأسس لبنية اقتصادية مقاومة للصدمات، تُراعي في الوقت نفسه التغير المناخي والتحديات الديمغرافية، فهذه المبادرات تمثل تحولًا من الاعتماد على المساعدات الطارئة إلى بناء قدرة ذاتية طويلة الأمد.

اقرأ أيضًا:

الرئيس السيسي يصل مقر القمة العربية في بغداد

انطلاق أعمال القمة العربية الـ 34 بالعاصمة العراقية بغداد

الذكاء الاصطناعي من التبعية إلى الريادة

الحدث المفاجئ، ربما كان في إطلاق المركز العربي للذكاء الاصطناعي في بغداد، وهي خطوة غير مسبوقة تعني أن القادة العرب، باتوا يرون في التكنولوجيا فرصة، لا تهديدًا. 

تأسيس مركز إقليمي ومبادرة بحث علمي وطرح معاهدة دولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي، يشير إلى رغبة في كسر التبعية التكنولوجية، حيث يضع العرب في قلب الثورة الرقمية، بدلًا من البقاء على الهامش.

العراق يقدم طلبا لاستضافة القمة العربية 2025
القمة العربية

 

الأمن السيبراني وتمكين الشباب

بموازاة ذلك، كان هناك تركيز على الأمن السيبراني وخلق مؤسسات تنظيمية، مثل مجلس وزراء الأمن السيبراني، وهي بنية ضرورية لجذب الاستثمارات وحماية الاقتصاد الرقمي الوليد، وكذلك، مبادرات تمكين الشباب وتطوير التمويل المبتكر، والتي تعني أن القمة ربطت بين الحاضر والمستقبل، وطرحت نموذجًا اقتصاديًا يتجاوز المساعدات إلى بناء القدرات.

اقتصاد عربي يكتب مستقبله بيده

قمة بغداد لم تكن فقط منصة سياسية، بل ورشة رسمت ملامح اقتصاد عربي جديد، يزاوج بين التكامل الإقليمي والاستثمار في المستقبل، من الطاقة النظيفة إلى الذكاء الاصطناعي، ومن الأمن الغذائي إلى البنية التحتية.

كما يعد إعلانًا عن تحول اقتصادي حقيقي، من اقتصادات متفرقة إلى فضاء موحد، من الأزمات إلى المشاريع، ومن رد الفعل إلى صناعة القرار، السؤال الوحيد الآن: هل تتحول هذه المبادرات إلى واقع على الأرض؟ أم تبقى حبرًا على ورق البيانات الختامية؟

Short Url

showcase
showcase
search