الذكاء الاصطناعي، بوابة النفوذ الأمريكي الجديد في السعودية والإمارات
الأحد، 18 مايو 2025 05:55 م

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
تحليل/ ميرنا البكري
في خطوة قد نطلق عليها أنها "ضربة معلم" من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدأت إدارته الجديدة قلب الطاولة بمجال سياسات الذكاء الاصطناعي، حيث قررت فتح الباب على مصراعيه أمام دولتين خليجيتين غنيتين بالنفطن وهما السعودية والإمارات.
ويعد الهدف الأول للدولتان العربيتان ليس حصد الأموال فقط بل النفوذًا أيضًا، ليدخل العالم العربي مع الصين ميدان شد الحبل بما يُعرف بـ “من سيسيطر على دماغ المستقبل”، ونوضح في هذا التحليل كل التفاصيل، والفرص، المخاطر، والأحداث المتوقعة مستقبلًا في هذا الميدان.

أمريكا تبيع الذكاء الاصطناعي، لكن بشروطها
وقررت إدارة ترامب، أن تلغي قيود بايدن التي كانت مسببة لما يدعى بفلترة للدول التي تستطيع شراء رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، حيث قسم الرئيس الأمريكي السابق العالم لـ3 فئات، واضعًا أغلب الدول العربية ضمن الفئة المتوسطة، اللا محرومة بالكامل أو التي معها تسهيلات كثيرة.
لكن ترامب قال بعد ذلك، أنه من الممكن أن نعطي السعودية والإمارات مساحة أوسع بصفقات فردية مراقبة، في الوقت الذي بدأت الشركات مثل Nvidia، العمل على إرسال آلاف الرقائق المتطورة AMD داخل المنافسة، أما أمازون وسيسكو وجلوبال AI، فيعملون على ضخ مليارات الدولارات في البنية التحتية، بهدف تصدر أمريكا مجال الذكاء الاصطناعي، وفي الوقت نفسه تملك مفتاح التحكم بيدها.
السعودية والإمارات يتنافسوا على الذكاء الاصطناعي
والذكاء الاصطناعي ليس رفاهية، بل أصبح سلاحًا اقتصاديًا وعسكريًا واستثماريًا، حيث تحاول المملكة بناء اقتصاد غير نفطي، وهو ما يتضح برؤية 2030م، أما الإمارات فتخطو على نفس الطريق، لكن هناك مشكلتين:-
1. التقنيات والتي سعرها مرتفعًا جدًا، ورقاقة واحدة من Nvidia، والتي قد تصل لـ40 ألف دولار.
2. توفير بنية تحتية ضخمة كـ (طاقة، تبريد، شبكات متقدمة).
3. الدولتان لديهم أموال وطاقة رخيصة، فالموضوع بالنسبة لهم “استثمار وليس نُزهة”.

ذكاء مُصدر ونفوذ مُزروع، أمريكا لا تبيع التقنية فقط بل تسيطر بها
وظاهر الأمر أن أمريكا الآن، تحقق مكاسبَ ضخمة من المنطقة، بعد صفقات سلاح بـ142 مليار دولار، ومليارات أخرى في مجالات الطيران والطاقة والتكنولوجيا، واتفاقيات مع شركات عملاقة مثل Nvidia وAmazon، لكن الذي يختبأ في طيات الأمور.
ولن تصدر أمريكا تكنولوجيا فقط، بل تزرع نفوذها التكنولوجي داخل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الخليج، محاصرةً أي محاولة من الصين لبناء موطئ قدم هناك، وذلك ليس نفوذًا اقتصاديًا، بل أيضًا نفوذًا استراتيجيًا، فإذا حدث أي توتر، فإن أمريكا لديها القدر علن أن “تضرب الزر”، لتفصل الخريطة الرقمية عن بعضها، فببساطة، في الوقت الذي تصدر فيه أمريكا "الذكاء الاصطناعي"، تضع "أُذنًا إلكترونية" أيضًـا في كل جهاز.
اقرأ أيضًا: «الإمارات» تسعي لتعزيز التعاون مع «أمريكا» في الذكاء الاصطناعي تزامناً مع زيارة ترامب
الصين على الخط، هواجس واشنطن من الاختراق التكنولوجي الصامت
وليست الصين بعيدة عن المشهد، فوجودها على الخط مقلق بالنسبة لأمريكا، ومخاوفها ليست من الفراغ، فشركة G42 الإماراتية، والتي تلعب دورًا محوريًا في مشاريع الذكاء الاصطناعي بالمنطقة، كانت لها علاقات سابقة مع شركة Huawei الصينية.
كان ذلك الأمر، كافيًا لرفع علامات استفهام في واشنطن، حيث أطلقت أمريكا تحذيرات واضحة من استخدام أي رقاقة من هواوي، حتى لو كانت خارج الأراضي الصينية، بسبب التخوفات من التجسس أو الاختراق داخل أمريكا والكونجراس.
وبالبنسبة للبيت الأبيض، فإن أصواتًا خاصة كأصوات الجمهوريين، بدأت تعبر عن توتر وتقول بشكل صريح "انتظروا قليلًا"، وهذا يعني أن القرار ليس بالإجماع، حيث إن هناك قلقٌ أمني حقيقي داخل الإدارة الأمريكية، من احتمالية غمر الصين بلعبة التكنولوجية في الخليج من بوابة الشركات.
الفرص الاقتصادية للسعودية والإمارات
وإذا تخطينا سيناريو النجاح، سنرى الخليج داخل على طفرة رقمية ضخمة، مع إنشاء لمراكز بيانات سيادية، وشركات ذكاء اصطناعي محلية مدعومة من صناديق سيادية، وتطور للمنطقة بشكل سريع في مجال التكنولوجيا، كما أن هناك أيضًا شراكات استراتيجية مع عمالقة السيليكون.
وبالإضافة لذلك، فإن هناك خططًا لبناء خدمات سحابية وبنية تحتية متطورة، تستطيع أن تغطي منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وبالتالي، قد يتحول الخليج إلى "وادي السيليكون العربي"، لكن بشكل سيادي ومستقل، ليس تابعًا لأي قوة خارجية.

المخاطر والقيود مازالت على الطاولة
1. التكنولوجيا ليس ملكهم بالكامل:- يعني الرقائق أمريكية، والصيانة والبرمجيات كذلك، فأي خلاف سياسي من الممكن أن يوقف كل شيء.
2. الاعتماد على شركات محددة:- ولو غيرت Nvidia أو AMD سياساتهم، أو فرضت الحكومة الأمريكية حظرًا، فمن الممكن أن تنهار المشاريع.
3. خطر التجسس والتسريب:- ووجود تقنيات أجنبية في بنية تحتية سيادية، يجعلها عرضة للرقابة أو التلاعب.
4. سباق تسلح رقمي:- ولن تصمت الصين وروسيا كمنافسين آخرين، حيث سيحتدم الصراع ويشتد، خصوصًا في المجال العسكري والتجاري.
اقرأ أيضًا: ترامب يصف منطقة الخليج العربي بعاصمة الطاقة في العالم
توقعات للمستقبل، الخليج في قلب حرب "الذكاء"
1.هناك سيناريو واقعي، فالسعودية والإمارات سيصبحان مراكز إقليمية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لكن تحت المظلة الأمريكية.
2.الشركات الأمريكية ستستفيد من الأموال، وتسيطر على البنية.
3.الخليج سيكسب قدرة رقمية ضخمة، ويستغلها في الصناعة، الأمن، والخدمات.
4.الصين تحاول الدخول من الباب الخلفي، حيث سيكون هنا صراع حقيقي.
ختامًا، الأحداث حاليًا في الخليج، هي إعادة تشكيل خريطة النفوذ الرقمي على مستوى العالم، فالذكاء الاصطناعي ليس مجرد استثمار اقتصادي، بل هو سلاح استراتيجي قد يفرض تبعية أو استقلالية على الدول، كما أن السعودية والإمارات يحاولان أن يمسكوا العصى من النصف.
وستتجلى قدرة الدولتان العربيتان ويطوران قدراتهم الرقمية، كما سيقللان من تبعيتهم للنفط والتكنولوجية، لكن في النهاية، الخيوط مازالت في يد الولايات المتحدة والسؤال الأهم هو، هل الخليج سيستطيع في يوم ما أن يصنع رقاقته الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي؟ أم سيظل طول الوقت يستورد التكنولوجيا ويدفع الفاتورة؟
Short Url
من التحديات للفرص، 8 حلول تجعل المرأة شريك اقتصادي حقيقي
15 مايو 2025 04:19 م
«عودة تسلا إلى نادي التريليون» بين الحقائق القاتمة والحماسة السوقية الزائدة
15 مايو 2025 03:20 م


أكثر الكلمات انتشاراً