«من عقول الأرقام إلى أرواح منهكة»، نزيف العقول في المحاسبة يدفع 83% من الكفاءات للاستقالة
الخميس، 15 مايو 2025 11:31 ص

المواهب والمهارات
تحليل/ ميرنا البكري
في وقت المفترض أن تكون فيه مهنة المحاسبة والمالية من أكثر المهن استقرار وجذب للكفاءات، يكشف استطلاع جديد من جمعية ACCA (هيئة متخصصة في الشئون والأمور المحاسبية) إن الواقع مختلف تمامًا في الشرق الأوسط، ببساطة: هناك "نزيف مواهب" حاد، وقطاع كامل مهدد بفقد أكثر طاقاته طموحًا وإبداعًا. المشكلة ليس في الناس بل في العمل نفسه.
قال استطلاع ACCA إن 68% من المتخصصين الماليين في الشرق الأوسط نفسهم بدأوا عمل خاص بهم وهو أعلى من المتوسط العالمي الذي سجل 52%، أي أغلب الناس لن يبحثوا عن عمل، بل يبحثوا عن خروج كامل من المنظومة، مما يمثل انعكاس لحالة إحباط مهني كبير بسبب ضعف الرواتب، وقلة المرونة، وضغوط العمل التي تؤثر على الصحة النفسية.

نزيف المواهب يقترب
83% من المتخصصين يغيروا أدوارهم خلال العامين المقبلين، و55% ينووا تغيير وظيفتهم خلال عام واحد، هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات على حالة من الملل أو عدم الرضا، بل ناقوس خطر حقيقي للمؤسسات. إذا لم تتخذ الشركات خطوات سريعة لتحسين بيئة العمل، وتقديم فرص حقيقية للتطور، فهي في خطر إنها تخسر جزء كبير من كوادرها في وقت قصير.
تعكس هذه الأرقام إن المؤسسات في خطر حقيقي ومن المتوقع أن تفقد موظفينها في الوقت القريب، خاصة إذا لم تأخذ خطوات سريعة لتحسين الأوضاع.
اقرأ أيضًا: الشهادة مش كل حاجة وبيل جيتس الدليل.. وارن بافيت: الجامعة ليست مهمة.. اسأل عن الموهبة!
الأموال غير كافية، والناس تطالب بحقها
59% من الناس غير راضيين عن رواتبهم، مقابل 48% عالميًا، و70% سيطلبوا زيادة خلال السنة القادمة، أي هناك تمرد اقتصادي داخل الشركات، الناس لن تصمت، وهو أمر طبيعي في بيئة تزداد فيها الأسعار وتقل فيها المكافآت.
بالرغم إن 75% من الناس يفضلوا نظام العمل الهجين، إلا إن 78% مازالوا يعملوا من مكتب العمل بالكامل، وذلك أعلى نسبة على مستوى العالم، والفجوة بين ما يريده الموظفين وما تفرضه الشركات تتسع كل يوم، وتزود فقدان الثقة، وبالتالي تخسر الشركات ثقة موظفيها.
الذكاء الاصطناعي مستعد، لكن أين الدعم؟
89% من المتخصصين يثقوا إنهم قادرين على تعلم مهارات الذكاء الاصطناعي. لكن 26% فقط يأخذوا دعم فعلي من عملهم لكي يطوروا نفسهم في هذا المجال، أي الشركات لديها كنز بشري جاهز يتطور، لكنها لن تستثمر فيه. مما يكشف مشكلة خطيرة في إدارة الموارد البشرية.

صحتنا النفسية في خطر، والشمولية؟ تتناقص
47% قالوا إن عملهم يؤثر على صحتهم النفسية، و49% يعتقدوا إن بيئة عملهم شاملة ومنصفة، مقابل 62% عالميًا، وتقول هذه المؤشرات إن الموظف لن يشعر بإنه جزء من بيئة محترمة أو عادلة. مما يضعف الولاء، والإنتاجية أيضًا.
رغم الطموح العالي، 28% من العمل جانبي، مقارنة بـ39% عالميًا. مما قد يرجع لثقافة العمل التي تحجم فرص المرونة، أو لضغط الوقت الذي لا يسمح للناس ببناء دخل إضافي
قالها كوش أهوجا، رئيس ACCA في أوراسيا والشرق الأوسط، بكل صراحة: بيئة العمل التقليدية لم تَعُد مجدية. إذا كانت الشركات ترغب في الاستمرار كمكان جاذب للمواهب، فعليها أن تستثمر في الإنسان أولًا وقبل كل شيء.
ويؤكد جيمي ليون، رئيس قسم المهارات في ACCA، أن مهنة المحاسبة لم تَعُد محصورة في الأرقام، بل أصبحت بوابة حقيقية لريادة الأعمال. لذلك، من الضروري فتح هذا الطريق أمام الشباب الطموح، لا أن يُغلَق في وجوههم.
ختامًا، الوضع الآن يقول إن قطاع المحاسبة والمالية في الشرق الأوسط يقف على مفترق طرق، إما نبدأ نسمع للناس ونغير شكل بيئة العمل، ونستثمر بهم بجد، إما سنخسر كفاءات لن تعوض، الشباب جاهز لتطوير نفسه، ليقود المرحلة المقبلة، لكن يحتاج فرصة عادلة.
Short Url
من التحديات للفرص، 8 حلول تجعل المرأة شريك اقتصادي حقيقي
15 مايو 2025 04:19 م
«عودة تسلا إلى نادي التريليون» بين الحقائق القاتمة والحماسة السوقية الزائدة
15 مايو 2025 03:20 م
أوبك تلعبها بحذر، تثبيت توقعات الطلب على النفط رغم انخفاض النمو الاقتصادي العالمي
15 مايو 2025 02:03 م


أكثر الكلمات انتشاراً