مخاطر سلاسل الإمداد، تهديدات باهظة التكلفة واستقرار على المحك
الأربعاء، 14 مايو 2025 07:37 م

سلاسل الإمداد العالمية
تحليل/ كريم قنديل
ليس أمرًا سهلًا أن تكون تكلفة وقوع حدث سلبي باهظة، لاسيما إن كانت تشمل خسارة فرص مهمة، وتقويض للاستقرار على المدى الطويل، وتُعد سلاسل الإمداد العمود الفقري لنظام عمل المؤسسة، إذ تدعم العمليات اليومية، وتغذي الابتكار طويل الأمد.

طبيعة سلاسل الإمداد
سلاسل الإمداد بطبيعتها عملية مترابطة ومعقدة للغاية، ما يجعل من الصعب فهمها بشكل كامل، فبنيتها وطريقة عملها من العمليات الداخلة إلى مصادر المواد الأولية عبر طبقات متعددة تمثل عناصر حاسمة في تحديد مدى تعرض المؤسسة للمخاطر وقدرتها على الصمود.
وفي بيئة مليئة بالتقلبات مثل اليوم، أصبحت القدرة على التكيف والاستجابة السريعة للمخاطر، ضمن هذه الشبكة المعقدة من سلاسل الإمداد، ومن أهم العوامل التي تحدد النجاح المستدام على المدى البعيد.
اضطرابات على الساحة العالمية
وخلال السنوات القليلة الماضية، شهدنا بأنفسنا حجم الاضطرابات التي سببتها الأحداث العالمية، مثل جائحة كوفيد-19، وتفاقم نقص العمالة، وارتفاع معدلات التضخم، وعدم الاستقرار الجيوسياسي، واستمرار الصراع في أوكرانيا، والجرائم الإلكترونية، والأثر المتزايد لتغير المناخ على سلاسل الإمداد.
اقرأ أيضًا:
من النفط إلى القهوة، تداعيات رسوم ترامب على سلاسل الإمداد العالمية
الموانئ في مرمى الأزمات، تحديات الأمن والمناخ تهدد سلاسل الإمداد العالمية
ومع تصاعد تعقيد المخاطر المتداخلة، بات واضحًا أن التعامل مع هذه التحديات ليس بالأمر الهين، فلم يعد الصمود المؤسسي مجرد جزء من إدارة المخاطر، بل أصبح أولوية قصوى على طاولات مجالس الإدارة، واليوم، لم تعد الاستراتيجيات المتأخرة كافية، حيث تحتاج المؤسسات إلى التنبؤ بالمخاطر والتخفيف من حدتها وإدارتها بشكل استباقي، في ظل التوسع المستمر في أنواع الاضطرابات المحتملة.

استطلاع تقرير WTW لمخاطر سلاسل الإمداد
وأظهر استطلاع WTW العالمي لمخاطر سلاسل الإمداد لعام 2025م، تحولًا ملحوظًا في كيفية تعامل الشركات مع المخاطر المرتبطة بسلاسل الإمداد، حيث بات التركيز أكبر على المخاطر الجيوسياسية، وأمن المعلومات، والتحديات المرتبطة بالموردين، وأطر إدارة المخاطر الداخلية.
ومنذ إصدار التقرير السابق في 2023م، قامت العديد من المؤسسات بإعادة صياغة استراتيجياتها، مع إيلاء اهتمام متزايد للإجراءات الاستباقية، وتعزيز التعاون الداخلي، وتبني أدوات تكنولوجية مثل برمجيات رسم خرائط سلاسل الإمداد.
وأصبح الأمن السيبراني عنصرًا محوريًا، في إدارة المخاطر المؤسسية، حيث ازدادت الجهود لتأمين عقود الموردين وسد الثغرات الرقمية.
اقرأ أيضًا:
ترامب وإعادة تشكيل خريطة الشحن العالمي بين أمريكا والصين
الصين، عملاق لوجستي يعيد تشكيل سلاسل الإمداد العالمية
السيطرة على مخاطر سلاسل الإمداد
لكن رغم هذا التقدم، إلّا أن هناك فجوة واضحة في السيطرة على المخاطر، حيث أن أقل من 8% من الشركات ترى أنها تملك سيطرة كاملة على مخاطر سلاسل الإمداد، ما يبرز الحاجة الماسة إلى شراكات استراتيجية، لتعزيز القدرة على التكيف.
وتبقى الخسائر المرتبطة بسلاسل الإمداد مرتفعة بشكل غير متوقع لدى 63% من الشركات، الأمر الذي يعكس استمرار حالة عدم اليقين وتأثيرها الملموس على العمليات التشغيلية.

التصعيد الجيوسياسي يثير المخاوف
وبات التصعيد الجيوسياسي من أبرز المخاوف، حيث صنف 19% من المشاركين هذه المخاطر على رأس قائمة التحديات، في ظل اضطرابات التجارة العالمية، وتزايد التوترات السياسية، وعدم الاستقرار في بعض المناطق الحيوية اقتصاديًا.
اقرأ أيضًا:
الاضطرابات الجيوسياسية تؤثر على كفاءة المنشآت الصغيرة والمتوسطة
"اللوجستيات"، المحرك الخفي للصناعة وسر تفوق الشركات عالميًا
وبالتوازي، برز التضخم كمصدر قلق رئيسي لدى 18% من الشركات، خاصة مع ارتفاع تكاليف التشغيل وسلاسل التوريد، لا سيما في مجالي المشتريات والنقل.
في المقابل، شهدت المخاطر الصحية، تراجعًا في ترتيب الأولويات، إذ أشار 13% فقط من المشاركين إلى أن الجائحات والأزمات الصحية تمثل تهديدًا رئيسيًا، مقارنة بـ23% في استطلاع لعام 2023م، وهو ما يعكس تحول التركيز نحو التهديدات الجيوسياسية والاقتصادية الآنية.
مخاطر طبيعية تلوح في الأفق
وشهدت المخاطر البيئية تراجعًا طفيفًا، حيث صنّفها 17% من المشاركين ضمن أولوياتهم، مقارنة بـ18% العام الماضي، في المقابل سجل الأمن السيبراني، ارتفاعًا لافتًا في نسبة الاهتمام، من 5% في 2023م إلى 16% في 2025م، وهو ما يتماشى مع نتائج استطلاع WTW حول المخاطر الناشئة والمتداخلة.
كما برزت أزمة نقص المواد الخام كأحد المخاطر المتصاعدة، حيث ارتفع القلق بشأنها من 7% إلى 14%، مدفوعًا بنقص المعروض والتوترات الجيوسياسية، كما صعدت التغيرات التنظيمية إلى مصاف المخاطر الكبرى، من 4% في 2023م إلى 14% في 2025م، في حين تراجعت المخاوف المرتبطة بالنقل ونقص السائقين.
المشهد العالمي شديد التقلب، تدفع فيه التحولات الجيوسياسية والرقمية والاقتصادية الشركات إلى إعادة صياغة استراتيجياتها، مع اعتمادٍ أكبرَ على التكنولوجيا والتعاون، لسد الثغرات وبناء سلاسل إمداد أكثر مرونة واستعدادًا للمستقبل.
Short Url
كيف يمكن أن تؤثر وحدات التغويز العائمة على الاقتصاد المصري؟
14 مايو 2025 02:18 م
دخل ثابت واستثمار مضمون، دراسة جدوي مفصلة لبدء مشروع الألوميتال
14 مايو 2025 09:57 ص
ريادة الأعمال تنتعش في الشرق الأوسط، السعودية تقود وتمويل قياسي في أبريل
13 مايو 2025 07:07 م


أكثر الكلمات انتشاراً