الصين، عملاق لوجستي يعيد تشكيل سلاسل الإمداد العالمية

الخميس، 08 مايو 2025 03:30 م

الصين

نورا محمد طه

في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة، والتحديات التي فرضتها التوترات الجيوسياسية وسلاسل التوريد العالمية، تواصل دوله الصين، ترسيخ مكانتها كأحد أبرز و أهم مراكز الخدمات اللوجستية في العالم العربي، مدفوعة بتطور بنيتها التحتية، وتحولها الرقمي، واستراتيجيتها الطموحة والمتقدمة ضمن مبادرة "الحزام والطريق" والمعروفة في الدولة الأسيوية، باسم حزامٌ واحد طريقٌ واحد.

قطاع ضخمٌ ونموٌ مستدام

يمثل قطاع الخدمات اللوجستية في دولة الصين، أحد الأعمدة الأساسية والهامة للاقتصاد الوطني، حيث بلغ حجمه أكثر من 18 تريليون يوان (حوالي 2.5 تريليون دولار أمريكي) في عام 2024م، بنمو سنوي قدره 5.7%، بحسب بيانات الاتحاد الصيني للوجستيات والمشتريات (CFLP).

وتتوزع الخدمات اللوجستية في الصين بين النقل البري، والجوي، والبحري، إلى جانب الخدمات الذكية، مثل المستودعات الآلية، والتحليلات التنبؤية، وسلاسل التوريد المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

مراكز لوجستية ضخمه وعالمية

وتضم الصين عددًا كبير من أكبر الموانئ والمطارات في العالم، على رأسها:-

ميناء شنغهاي: و هو الأكبر عالميًا من حيث حجم الحاويات.
ميناء شينزين: وهو محور رئيسي لتصدير الإلكترونيات.
مطار بكين داشينغ: وهو مركز متقدم للشحن الجوي.
المنطقة اللوجستية في غوانزو: وهي نموذج للتكامل بين الصناعة والنقل والتخزين.

كما تم تطوير شبكة سريعة من القطارات عالية السرعة، تربط المراكز الصناعية والموانئ الداخلية بالأسواق الخارجية و العالمية، ما يساعد في تقليص الزمن والتكلفة.

التكنولوجيا والرقمنة

وأصبحت الرقمنة، عنصرًا محوريًا أساسيا في تطوير الخدمات اللوجستية في الصين، حيث تستخدم شركات الشحن الصينية، تقنيات متقدمة تشمل في:-

أنظمة تتبع في الوقت الحقيقي.
الروبوتات في المخازن الذكية.
تحليل البيانات الضخمة، لتوقع الطلبات.
طائرات الدرون لتوصيل الشحنات في المناطق النائية، وفي وقت زمني قليل.

تأسيس علي بابا كلاود

وقد ساهمت شركات مثل JD.com وCainiao (ذراع اللوجستيات التابعة لعلي بابا)، والتي تأسست في عام 2009م، وهي ذراع الحوسبة السحابية، وأكبر مزود للخدمات السحابية العامة في الصين، كما توفر مجموعة شاملة من خدمات الحوسبة السحابية للشركات في جميع أنحاء العالم، والتجار الذين يقومون بأعمال في أسواق مجموعة علي بابا، والشركات الناشئة، والشركات والمؤسسات الحكومية، في إحداث ثورة في خدمات "التوصيل في نفس اليوم" و"التوصيل الذكي".

التحديات والفرص

ورغم التطور، تواجه الصين عدة تحديات، أبرزها:-

الضغوط الجيوسياسية وتأثيرها على حركة التجارة.
التحول نحو سلاسل توريد أقصر وأكثر تنوعًا، من قِبل بعض الدول المختلفة.
ارتفاع تكاليف العمالة، في بعض المناطق الصناعية.

ومع ذلك، فإن فرص النمو لا تزال واسعة، خصوصًا في الأسواق الإفريقية والأسيوية، وكذلك مع تطوير ممرات لوجستية جديدة مثل "الممر البري البحري الدولي الجديد"، الذي يربط غرب الصين بجنوب شرق أسيا.

كما تؤكد الصين، من خلال استثماراتها الضخمة في البنية التحتية، واعتمادها على التكنولوجيا، وتوسعها الدولي، أنها ماضية في تعزيز موقعها كمركز لوجستي عالمي، في عالم يعاد فيه رسم خرائط التجارة، حيث تظل بكين لاعبًا رئيسيًا، ليس فقط كمصنع للعالم، بل كحلقة مركزية في سلاسل التوريد المستقبلية.