الإثنين، 12 مايو 2025

06:36 م

ترامب يعيد سياسة الدواء القديمة، بين وعود التخفيض وصدام المصالح

الإثنين، 12 مايو 2025 10:51 ص

ترامب يخفض أسعار الأدوية

ترامب يخفض أسعار الأدوية

تحليل/ ميرنا البكري

في خطوة قد نطلق عليها "عودة للخلف لكن بحساب انتخابي"، أعلن دونالد ترامب إنه ينوي إحياء سياسة قديمة من أيام ولايته الأولى، والتي تسمى بـ "سياسة الدولة الأكثر تفضيلاً". 

الفكرة ببساطة إن أمريكا تقوم بشراء الأدوية بنفس السعر التي تدفعه أرخص دولة في العالم.، أي مثلاً إذا كان يُباع بـ 20 دولار في فرنسا وأمريكا تدفع فيه 100 دولار، فوفقًا لهذه السياسة، أمريكا تدفع 20 دولار مثل فرنسا.

يحاول ترامب بهذا القرار أن يكسب أرض وسط الناخبين، خصوصًا كبار السن، التي يعتمدوا بشكل أساسي على برنامج "ميديكير" ويشتكوا دائمًا من ارتفاع أسعار الأدوية. 

والأمر الذي زود سخونة الموقف هو إعلان ترامب على منصة "تروث سوشال" إنه  سيوقع أمر تنفيذي جديد يخفض أسعار الأدوية بنسبة من 30 لـ80٪، وهذا رقم ضخم للغاية. 

اقرأ أيضًا: 

ترامب يعلن تخفيض أسعار الأدوية بنسبة تتراوح بين 30% و80%

صناعة الدواء على خط النار، رسوم جمركية مرتقبة تهدد أكبر سوق دوائي عالمي

شركات الأدوية تضغط على
سعر الدواء في الولايات المتحدة

الطريق ليس مفروشًا بالورود

فكرة ترامب ليست جديدة، ففي نهاية 2020 حاول أن يطبقها بالفعل، لكن المحاكم الفيدرالية وقفت التنفيذ، وبعدها قام بايدن بإلغاء القرار تمامًا في 2021، لأن شركات الأدوية شنت هجوم قوي جدًا، وقالت إن هذه السياسة قد تضر المريض قبل أن تفيده، خصوصًا إذا قررت الشركات أن تسحب بعض الأدوية من السوق أو تقلل الكميات.

هناك قلق من تطبيق هذا القرار بنفس الشكل، فمن الممكن أن يوفر أموالًا لميديكير، لكن في نفس الوقت جعل  المرضى يجدوا صعوبة في الوصول لأدوية معينة، لأن الشركات ستحاول  تعوض الخسائر بأي شكل.

والأهم من ذلك، إن إدارة ترامب تدرس فرض جمارك على واردات الأدوية، وهذا يعني إننا قد نوفر من جانب لكن الأسعار ترتفع من جانب آخر، خاصة على الأدوية الرخيصة أو الأدوية الجنسية.

اقرأ أيضًا: 

رسوم ترامب الجمركية تشعل أسعار الأدوية، والمستهلك يدفع الفاتورة

اللعبة الانتخابية واضحة جدًا

يحاول ترامب إعادة ملف أسعار الأدوية على الطاولة، خصوصًا مع قرب الانتخابات في نوفمبر، وعينه على كبار السن الذي يمثلوا قوة تصويت كبيرة، والكثير منهم يشعر بالضيق من غلاء الأدوية، لكن هذا الملف يوجد به تعقيد كبير، لأن الكثير من الجمهوريين نفسهم لن يحبذوا فكرة "الدولة الأكثر تفضيلاً"، ويعتبروها تدخل حكومي في السوق الحر.

باختصار، ترامب يحاول يقدم نفسه على إنه "المنقذ" الذي يخفض أسعار الدواء، لكن التنفيذ الواقعي يوجد به مطبات سياسية واقتصادية، ومعارضة من الصناعات الكبرى.

ترامب وبايدن

بايدن لعبها بطريقة مختلفة، وسبقه بخطوة

في المقابل، اختار بايدن طريق أهدى لكنه واقعي، من خلال "قانون خفض التضخم" الذي أقره عام 2022، سمح لأول مرة في تاريخ أمريكا إن "ميديكير" تتفاوض مع شركات الأدوية على الأسعار، وهو ما حدث بالفعل، وأعلن بايدن ونائبته كامالا هاريس عن اتفاق تاريخي مع الشركات لخفض أسعار 10 أدوية هامة، مثل أدوية السكر والدم والسرطان.

سيدخل هذا الاتفاق حيز التفيذ في عام 2026، سيوفر على كبار السن حوالي 1.5 مليار دولار، وسيوفر أيضًا على الحكومة نفسها 6 مليار دولار. 

وكل ذلك دون صدام عنيف مع الشركات، ومن دون تواجد خطر مباشر على الأدوية.

وذلك الذي تحاول إدارة بايدن أن تبيعه انتخابيًا: "سنحقق نفس الهدف، دون صراخ أو مغامرة". وهنا المقارنة واضحة بين طريقين: أحدهم صدامي ويعد بتخفيضات ضخمة، والآخر تدريجي لكنه مؤسسي ومستند لأساس قانوني.

ختامًا، سوق الأدوية في أمريكا ليس تجارة فقط، بل ملعب انتخابي وورقة ضغط سياسية، ترامب يعود بنفس السياسة التي خسرها في المحاكم، وبايدن يقول "أنا نفّذت فعليًا، ليس مجرد كلام". 

والناخب الأمريكي هو من يحسم، خصوصًا الذي يتخطى عمره 65 سنة،، وهم قطاع كبير من الناخبين، وأكثر الفئات تتأثر مباشرة بأسعار الأدوية، في الآخر، المنافسة بين بايدن وترامب ليس على الكراسي فقط، بل على رفوف الصيدليات.

Short Url

showcase
showcase
search