الثلاثاء، 13 مايو 2025

03:55 ص

العالم الاقتصادي بعد «بافيت»، كيف استقبل الرأسماليون خبر الاعتزال؟

الأحد، 11 مايو 2025 10:21 م

وارن بافيت

وارن بافيت

تحليل/ كريم قنديل

في تمام الواحدة ظهرًا، وبينما كان وارن بافيت جالسًا على المسرح أمام حشد ناهز 40 ألف شخص، داخل مركز CHI الصحي في أوماها، نبه إلى أنه تلقى "تحذير الخمس دقائق". 

وارن بافيت

بالنسبة للغالبية، كان هذا مجرد تنويه على اقتراب نهاية اجتماع بيركشاير هاثاواي السنوي، المعروف بـ"وودستوك الرأسماليين"، لكن ما حدث بعدها كان لحظة مفصلية في تاريخ المال الأميركي.

بصوت واثق وابتسامة خفيفة، فجر بافيت مفاجأة مدوية، سيغادر منصب الرئيس التنفيذي بنهاية العام، لم تكن فقط صدمة للمستثمرين، بل حتى لأعضاء مجلس الإدارة ووريثه المنتظر، غريغ آبل. 

رجل عاش على مدار ستة عقود يبني إمبراطورية مالية وُصفت باللوحة الفنية الخاصة به، اختار أن يعلن رحيله بهذه البساطة.

اقتصاد ما بعد بافيت.. من سيملأ الفراغ؟

بافيت، الذي يقترب من عامه الـ95، لا يُعد مجرد ملياردير ناجح، بل كان في عيون كثيرين، ضميرًا ناطقًا للرأسمالية الأميركية، صوته المعتدل، حياته البسيطة، رسائله السنوية، ومصارحته بأخطائه، كلها صنعت منه رمزًا نادرًا في عالم يفيض بالجشع وقصر النظر.

القرار يأتي بعد رحيل شريكه التاريخي تشارلي مانغر، الذي لطالما شكل معه ثنائية فكرية ألهمت أجيالًا من المستثمرين، والآن يواجه غريغ آبل مهمة شبه مستحيلة، قيادة كيان ضخم ليس فقط بحجمه المالي، بل بتاريخه الثقافي والفكري، فبيركشاير ليست شركة تقليدية، بل انعكاس لعقل رجل واحد.

وارن بافيت

اقتصاد بيركشاير.. نموذج لا يتكرر؟

تدير بيركشاير محفظة ضخمة تشمل استثمارات متنوعة من أبل إلى خطوط السكك الحديدية وشركات التأمين، وقد حققت العام الماضي أرباحًا صافية تجاوزت 89 مليار دولار، وتُعد من أكبر المشترين لسندات الخزانة الأميركية.

الآن، ومع انتقال القيادة، ستخضع بيركشاير لمزيد من الحوكمة والقيود المؤسسية، وسيُراقب آبل بدقة لا ترحم، وكما قال أحد أساتذة الأعمال: "خلافة بافيت أصعب من خلافة سوبرمان."

 

رمزية الرحيل.. هل تفقد الأسواق بوصلة أخلاقية؟

مشهد الحضور وهم ينهضون في تصفيق حار، بعضهم دامع العينين، كان أكثر من وداع لرجل، كان لحظة وداع لعصر، في زمن يزداد فيه الشك بالرأسمالية والمال، كان بافيت استثناءً، ثري، لكنه زاهد، نافذ، لكنه متواضع، لم يُغيره المال، بل استخدمه كمنصة لتثقيف الملايين عن الاستثمار والحياة.

ومع قرب غيابه عن المسرح، يُطرح سؤال جوهري، هل يفقد الاقتصاد الأميركي صوته الأخلاقي الأخير؟ وهل يستطيع آبل أن يحافظ على ذلك التوازن الدقيق بين الربحية والنزاهة؟

وارن بافيت

أثر ما بعد بافيت.. أكثر من مجرد شركة

الاجتماع السنوي لبيركشاير كان أشبه بمهرجان شعبي، يجذب المستثمرين من أنحاء العالم، بغياب بافيت، هل تفقد أوماها قدسيتها المالية؟ هل تستمر هذه الهالة من الثقة حول الشركة؟ أم تنكسر عند غياب الرجل الذي أسسها بكلمة وموقف، لا فقط برقم في دفتر الحسابات؟

رحيل بافيت عن المشهد التنفيذي ليس فقط صفحة تُطوى، بل اختبار حقيقي لما إذا كانت القيم التي رسخها قابلة للاستمرار دونه، خمسة دقائق فقط كانت كافية لإعلان نهاية فصل كامل في تاريخ الرأسمالية، فصل بدأ من أوماها، وقد لا يتكرر مجددًا.

Short Url

search