الجلوس على طاولة الاتفاق، هل تؤدي المفاوضات بين أميركا والصين لتهدئة الأسواق؟
الأحد، 11 مايو 2025 09:34 م

الولايات المتحدة والصين
تحليل/ كريم قنديل
تعيش الأسواق المالية العالمية حالة من الترقب الحذر مع استئناف المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، رغم الأحاديث عن تقدم في المحادثات، فإن الأسس الاقتصادية والسياسية التي تحكم العلاقة بين البلدين تجعل من الصعب تحقيق اختراق كبير على المدى القصير.

على المستوى العملي، شكلت الرسوم الجمركية الأميركية البالغة نحو 145% على الصادرات الصينية تحولاً عميقًا في بنية التجارة العالمية، لم تعد المسألة مجرد تبادل سلع أو خفض عجز تجاري، بل تحولت إلى صراع أوسع على التكنولوجيا، النفوذ السياسي، وهيمنة سلاسل الإمداد العالمية.
الأسواق بين انتعاش مؤقت ومخاطر كامنة
انتعاش مؤشرات الأسهم مؤخرًا يعكس قدرًا من التفاؤل المؤقت، لكنه لا يعبر عن تحسن حقيقي في أساسيات الاقتصاد، ما يحدث هو ارتداد تقني، مدفوع بتوقعات بتخفيف مؤقت للتوترات وليس حلاً دائمًا لها.
في العمق، لا تزال حالة عدم اليقين مرتفعة، وهو ما يظهر بوضوح في مستويات التقلب بالسوق، التي لا تزال أعلى من متوسطها التاريخي، رغم انخفاضها عن ذروتها أثناء تصاعد الأزمة، هذه التقلبات تعني أن الأسواق أصبحت أكثر حساسية لأي تطور سياسي أو اقتصادي، ما يجعل من الاستثمار في الفترة الحالية نشاطًا محفوفًا بالمخاطر.
النمو الاقتصادي الأميركي تحت الضغط
الحرب التجارية لم تترك أثرًا على الصين وحدها، بل بدأت انعكاساتها السلبية تظهر على الاقتصاد الأميركي نفسه، فقد تراجعت ثقة المستهلكين، وتباطأت مؤشرات الإنتاج الصناعي، وسط مخاوف من أن يؤدي تصاعد الرسوم الجمركية إلى تآكل القدرة الشرائية وزيادة كلفة الإنتاج.
رغم متانة بعض المؤشرات الكلية، فإن استمرار الضغط التجاري قد يضع الاقتصاد الأميركي أمام تحديات حقيقية على المدى المتوسط، خصوصًا مع تباطؤ النمو العالمي وزيادة هشاشة الأسواق الناشئة.

حسابات معقدة بين الصين والولايات المتحدة
استئناف المفاوضات يكشف أن كلاً من الولايات المتحدة والصين يدرك حجم المخاطر المتبادلة، لكنه لا يعني بالضرورة رغبة فعلية في تقديم تنازلات كبرى.
فالولايات المتحدة تسعى إلى تغيير عميق في سلوك الصين التجاري، خصوصًا في قضايا مثل حماية الملكية الفكرية، ودعم الشركات المملوكة للدولة، وهي مطالب لا يمكن تحقيقها عبر اتفاقات سريعة أو وعود سياسية.
من جانبها، تدرك الصين أن تقديم تنازلات جوهرية قد يمس أسس نموذجها الاقتصادي القائم على دعم الصناعات المحلية والهيمنة على سلاسل التوريد، وهو ما يجعلها تفضل نهج المراوغة وكسب الوقت، بانتظار تغييرات محتملة في المناخ السياسي الأميركي.
مستقبل الحرب التجارية والسيناريوهات المحتملة
السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار المفاوضات على مدى زمني طويل مع تحقيق تقدم جزئي ومؤقت في بعض الملفات، دون الوصول إلى اتفاق شامل يعيد العلاقات إلى طبيعتها قبل التصعيد، فكل منهما يسعى لبسط نفوذه على العالم بأسره .
في المقابل، يظل خطر انهيار المحادثات قائمًا، وهو ما قد يؤدي إلى جولة جديدة من التصعيد، مع آثار سلبية أعمق على حركة التجارة العالمية، وأسعار الطاقة، وأسواق المال.
على المدى البعيد، قد تؤدي هذه الحرب إلى تسريع إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية، إذ تسعى الشركات إلى تنويع مصادرها بعيدًا عن الصين، وهو ما قد يفتح فرصًا لأسواق جديدة، لكنه سيزيد أيضًا من كلفة الإنتاج ويضغط على هوامش الأرباح.

مستقبل الاقتصاد العالمي بين أكبر قوتين اقتصاديتين
رغم الأحاديث عن تقدم في المفاوضات، إلا أن البيئة الاقتصادية العالمية تظل شديدة الهشاشة، فالتوترات التجارية ليست مجرد خلاف على التعريفات الجمركية، بل هي صراع هيكلي على مستقبل الاقتصاد العالمي بين أكبر قوتين اقتصاديتين.
وبينما تتعلق آمال المستثمرين على مؤشرات التهدئة، يبقى الواقع أن أي حلول قريبة ستكون سطحية ومؤقتة، بينما تستمر الحرب الأعمق في الكواليس، مما يستدعي استراتيجيات استثمارية أكثر حذرًا، وتحركات محسوبة لتفادي صدمات غير متوقعة في المستقبل القريب.
Short Url
%31,4 من الصفقات لصالح التقنية المالية، السعودية تبهر العالم
11 مايو 2025 05:45 م
اشتباك على ضفاف السند، معركة الهند وباكستان على الأمن المائي
10 مايو 2025 04:34 م
بنسبة 13.5%، ما الأسباب وراء ارتفاع معدل التضخم السنوي في مصر خلال أبريل 2025؟
10 مايو 2025 01:01 م


أكثر الكلمات انتشاراً