الأربعاء، 14 مايو 2025

04:22 ص

من التهديد إلى التفاوض، الهند تخفض الرسوم وأمريكا تدرس الرد

السبت، 10 مايو 2025 12:35 م

أمريكا والهند

أمريكا والهند

تحليل/ ميرنا البكري

في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالحروب الاقتصادية والتوترات التجارية، ظهرت من الهند إشارة قوية إن لديهم استعداد أن يفتحوا صفحة جديدة مع الولايات المتحدة، وليس مجرد تصريحات، بل عرض واضح بتخفيض الرسوم الجمركية بشكل كبير مقابل امتيازات كبيرة.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل  هذه الإشارات بداية اتفاق كبير يغير شكل التجارة بين أكبر ديمقراطيتين في العالم؟ أم صفقة مؤقتة لكي يجمل ترامب صورته قبل التصعيد الجديد؟

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الهندي مورمو

 عرض هندي جريء، ورد أمريكي مرتقب

عرضت الهند تقليل فرق الرسوم الجمركية مع أمريكا من حوالي 13% إلى أقل من 4%، وهو يعتبر تحرك غير مسبوق من خامس أكبر اقتصاد في العالم، والهدف من ذلك هو الحصول على إعفاءات من زيادات الرسوم التي هدد ترامب بها، أي ببساطة، نيودلهي تقول لواشنطن "سنفتح السوق بشرط تقليل الضغط علينا".

التجارة أولاً، ليس سياسة فقط

تعتبر الولايات المتحدة هي الشريك التجاري رقم واحد للهند، بحجم تبادل تخطى 129 مليار دولار عام 2024، وهناك فائض كبير للهند (حوالي 45.7 مليار دولار). وهو ما يسبب توتر مزمن بين الطرفين.

ويحاول ترامب أن يقلل العجز التجاري، والهند تحاول أن تحافظ على نفوذها بالسوق الأمريكي. ونتيجة ذلك صفقة محتملة تتفاوض عليها الحكومتين الآن.

الهند وأمريكا تخططان لزيادة التبادل التجاري لـ500 مليار دولار بحلول 2030
التبادل التجاري بين أمريكا والهند

الهند تعرض تنازلات كبيرة، لكن ليس مجانًا

الهند لن تخفض الرسوم على أغلب السلع، لكن أيضًا عرضت إلغاء كامل للرسوم على 60% من البنود الجمركية، وفتح السوق أمام 90% من السلع الأمريكية، وتسهيلات لتصدير منتجات مثل الطائرات، السيارات الفخمة، المعدات الطبية، وأجهزة الاتصالات.

وفي المقابل تريد إعفاءات من الرسوم الحالية والمحتملة، ووصول تفضيلي للسوق الأمريكي في قطاعات مثل المجوهرات، الجلود، المنسوجات، المواد الكيماوية، والأسماك، وأيضًا معاملة متساوية مع حلفاء أمريكا الكبار في تكنولوجيا المستقبل، أي الصفقة بالنسبة للهند “استثمار استراتيجي وليس تجاري فقط”.

ترامب يضغط، والنتائج غير مضمونة

رغم إن هناك إشارات إيجابية، لكن ترامب مازال متمسك برسوم أساسية على الشركاء، حتى بعد الاتفاق مع بريطانيا. أي من المحتمل أن يطلب تنازلات أكثر من الهند قبل التوقيع، وفي الوقت الذي ترسل الهند فيه وفود تفاوضية لأمريكا، لا أحد يتوقع النتيجة النهائية كيف ستكون.

أبرز التوقعات والسيناريوهات الممكنة

السيناريو الإيجابي (40%)

1.توقيع اتفاق مبدئي قبل نهاية الربع الثاني من 2025.

2.تخفيض فعلي في الرسوم من الطرفين.

3.الأسواق تحتفل، وقطاعات مثل النسيج والمجوهرات الهندية تنتعش.

4.أمريكا تستفيد بتوسع صادراتها من الأجهزة والمعدات.

السيناريو الرمادي (45%)

1.استمرار التفاوض بدون اتفاق نهائي.

2.تجميد الرسوم مؤقتًا، لكن بدون تنازلات جوهرية.

3.الأسواق تظل في حالة ترقب وقلق.

السيناريو السلبي (15%)

1.فشل المفاوضات بسبب تباين الرؤى.

2.عودة التصعيد الجمركي من جانب ترامب.

3.اضطراب في صادرات الهند، خصوصًا في القطاعات التي كانت تعتمد على السوق الأمريكي.

نتائج محتملة على المدى القصير والمتوسط

الهند: قد تحقق طفرة في صادراتها إذا حصلت على تسهيلات فعلية، خصوصًا في المنسوجات والبلاستيك والمجوهرات.

أمريكا: ستخفف من عجزها التجاري، وتفتح أسواق جديدة لصناعاتها المتقدمة.

الأسواق العالمية: أي اتفاق سيكون إشارة تهدئة وسط تصاعد التوترات التجارية عالميًا.

الصين: قد تواجه في التقارب الأمريكي الهندي تهديد استراتيجي وترد بعروض تنافسية في الأسواق المشتركة.

ختامًا، الأحداث الآن بين أمريكا والهند ليس مجرد تفاوض جمركي، بل معركة على النفوذ الاقتصادي والتجاري في مرحلة ما بعد “العولمة التقليدية”، الهند تريد أن تثبت إنها شريك يُعتمد عليه، وأمريكا تسعى لحماية مصالحها دون تقديم أوراقها كاملة، صفقة مثل هذه قد تغير شكل العلاقات التجارية في آسيا وأوروبا أيضًا، لكن النجاح الحقيقي سيتضح عندما نرى البنود على الورق، وليس في التصريحات فقط.

Short Url

showcase
showcase
search