التحايل على الرسوم الأمريكية، كيف تُبدع الصين في التصدير عبر مصر؟
الخميس، 08 مايو 2025 02:55 م

مصر والصين
كتب/ كريم قنديل
وسط دوامة الرسوم الجمركية التي أشعلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وجد المُصدّرون الصينيون أنفسهم، أمام تحدٍ وجودي، وهو كيف يواصلون بيع منتجاتهم للمستهلك الأميركي، من دون أن تلتهم الرسوم أرباحهم؟
والإجابة جاءت بطرق غير تقليدية، من بينها استخدام مصر كممر بديل نحو الأسواق الأميركية، في خطوة تكشف عن تحولات عميقة في خريطة التجارة العالمية.

صدمة ترامب، وتأثيرها الفوري
وفي إبريل الماضي، وبينما كانت شركة Beifa Group، إحدى أكبر شركات القرطاسية الصينية، تستعد لإتمام عدد من صفقاتها مع عملاء أميركيين، باغتها قرار ترامب برفع الرسوم الجمركية إلى مستويات صاروخية.
فالشركة التي تعتمد على السوق الأميركي بنسبة 40% من مبيعاتها، اضطرت إلى إلغاء عدد من العقود، وأوقفت الشحنات على الفور، حيث لم يكن أمامها سوى البحث عن أسواق بديلة، لكن مؤسسها اعترف أن إيجاد بديلٍ للسوق الأمريكي لا يتم بجرة قلم.
%156 رسوم على الواردات الصينية
ورفع ترامب معدل الرسوم المفروضة على الواردات الصينية، إلى حوالي 156% خلال عام واحد، ضمن حملته لخفض العجز التجاري الأميركي، وإعادة التصنيع إلى الداخل، حيث وردت الصين برسوم انتقامية، وصلت إلى 125% على البضائع الأميركية.
وهذه الحرب التجارية، لم تؤثر فقط على الشركات الصينية، بل وضعت عددًا كبيرًا من الوظائف على المحك، وخلقت فوضى في سلاسل الإمداد العالمية.

الطريق إلى القاهرة، لماذا مصر؟
وسط هذه المعمعة، لجأت Beifa إلى البحث عن حلول خارج الصندوق، وإحدى أبرز هذه الحلول، تمثلت في النظر إلى مصر كمنفذ بديل، كما أن مصر تُعاني من عجز تجاري مع الولايات المتحدة، ما يجعلها أقل عرضة لإجراءات انتقامية أميركية، فترامب كان قد فرض رسومًا جمركية على السلع المصرية بنسبة لا تتجاوز 10%، وهي من أدنى النسب عالميًا.
ومن هنا، بدأ التفكير في تحويل مصر إلى محطة تصنيعية جديدة، يمكن عبرها تصدير المنتجات إلى الولايات المتحدة، وكذلك إلى أوروبا وإفريقيا، في وقت واحد، وتتضمن خطة Beifa إنشاء مصنع في مصر مستقبلًا، واستغلال موقعها الجغرافي الفريد واتفاقياتها التجارية المتنوعة، كالكوميسا والاتفاقيات الثنائية مع أوروبا.
مصر كمركز تصنيعي صاعد
وهذه الخطوة لا تنبع فقط من اعتبارات الرسوم الجمركية، بل تُشير إلى تحول أوسع في النظرة إلى مصر، كمركز صناعي وتجاري محتمل في خريطة التجارة العالمية الجديدة، فمنذ سنوات، تسعى القاهرة إلى تعزيز صناعتها التصديرية، وتجذب الشركات العالمية، لإنشاء مصانع على أراضيها، وإذا نجحت Beifa في إنشاء قاعدة إنتاج فعلية، فقد تكون هذه بداية لسلسلة تحولات أشمل في بنية التجارة بين أسيا، وإفريقيا، وأمريكا.

فيتنام على الخط، لكن ليس كفاية
وفي الوقت الراهن، تعتمد Beifa على قواعدها في فيتنام، والتي حصلت على فترة إعفاء من الرسوم الجديدة، رغم فرض تعريفات نسبتها 46% سابقًا، لكن فيتنام، رغم قربها من الصين، لم تعد كافية لوحدها، لذلك تتجه الأنظار إلى مصر كخيارٍ بعيد جغرافيًا، لكنه يحمل مزايا استراتيجية، وتكلفة أقل نسبيًا على المدى البعيد.
تغيير الشركات الصينية لخريطة التجارة العالمية
إن ما يجري مع Beifa، هو مجرد عينة من موجة أوسع، فالشركات الصينية تتجاوز الحرب التجارية بالتحايل الذكي، والاستثمار في مواقع جديدة لتقليل الخطر، وهذا يعني أن خريطة التجارة الدولية، لا تُرسم فقط في واشنطن أو بكين، بل أيضًا في أماكن مثل القاهرة، هانوي، وإسطنبول.
مصر اليوم، ليست مجرد مستورد للسلع الصينية، بل مرشحة لتصبح حلقة وصل جديدة في سلاسل الإمداد العالمية، بما يعنيه ذلك من فرص اقتصادية نادرة، ولعل ما يدور في كواليس Beifa اليوم، قد يكون مقدمة لعصر جديد من التحالفات الاقتصادية غير التقليدية، التي تُولد من رحم الأزمات.
والسؤال يكمن هنا: هل ترى أن مصر قادرة على استغلال هذه الفرصة النادرة، لتكون قاعدة تصنيعية بديلة للشركات العالمية؟
Short Url
من البطاريات للثورة الصناعية، من يلحق بسباق الطاقة؟
08 مايو 2025 05:16 م
قمة كوالالمبور، الصين توسع تحالفها الآسيوي – الخليجي في مواجهة أمريكا
08 مايو 2025 12:15 م
الاقتصاد تحت القصف، أرقام الهند وباكستان في مرمى التوتر
07 مايو 2025 04:25 م


أكثر الكلمات انتشاراً