الخميس، 01 مايو 2025

03:22 ص

ترامب يعيد أشباح الكساد الكبير، هل يقود طوفان الرسوم الجمركية إلى أزمة عالمية جديدة؟

الأربعاء، 30 أبريل 2025 10:55 م

الكساد الكبير

الكساد الكبير

كتب/ كريم قنديل

في كل مرة ترتفع فيها الأصوات المطالبة بإغلاق الأسواق، تعود إلى الواجهة كوابيس الماضي، واليوم ومع صعود دونالد ترامب مجددًا إلى سدة القرار في الولايات المتحدة، واعتماده سياسة حمائية صارمة، يبدو أن التاريخ يتهيأ ليعيد كتابة فصوله القديمة، لكن هذه المرة بأدوات جديدة وعالم أكثر ترابطًا وهشاشة.

الكساد الكبير

 

بين الأمس واليوم، حماية أم انتحار اقتصادي؟

في عام 1930م، ظنّ صناع القرار الأميركي أن فرض تعريفات جمركية على الواردات، سيحمي الاقتصاد المحلي من المنافسة الأجنبية، فقد جاء قانون سموت هاولي، ليرفع الرسوم على أكثر من 20 ألف سلعة، ما أدى إلى انهيار للتجارة الدولية بنسبة 65% خلال خمس سنوات، وسقط العالم في هوّة الكساد الكبير. 

واليوم، يعيد ترامب الكرة بنسخة محدثة، رسومًا جمركية أخرى تصل إلى 50%، تشمل حتى الحلفاء التقليديين، مثل بريطانيا وكندا، فالدافع واحدٌ إذًا، وهو استعادة العظمة وإنعاش الصناعة المحلية، لكن العواقب المحتملة، بحسب الاقتصاديين، قد تكون مأساوية، في ظل اقتصاد عالمي متشابك، يعتمد على سلاسل توريد معقّدة وتدفقات استثمارية عابرة للحدود.

وول ستريت

 

العالم يختنق، والأسواق ترتجف

الأسواق لم تتأخر في الرد، فموجة من الذعر اجتاحت وول ستريت، ليرتبك المستثمرون، حيث تراجعت مؤشرات كبرى، وهو مشهد يذكّرنا بـ"الخميس الأسود" بالـ24 من أكتوبر 1929م، حين سُحقت بورصة نيويورك في أيام معدودة، لينهار الاقتصاد الأميركي، ومعه اقتصادات أوروبا والعالم الصناعي.

وما نراه اليوم، شبيه جدًا بما حدث قبل قرن من الزمن، فسياسات حمائية من جانب واحد، وغياب تنسيق دولي، ونزعة نحو الانغلاق، بل يذهب أبعد من ذلك، ويصف هذه السياسة بأنها تشفي سياسي، لا تستند إلى منطق اقتصادي سليم، بل إلى حسابات انتخابية وقومية ضيقة.

 

العرب، الضحية الصامتة؟

لكن، ماذا عن الاقتصاد العربي؟

ورغم أن المنطقة لا ترتبط بعلاقات تجارية ضخمة مع الولايات المتحدة كالاتحاد الأوروبي أو الصين، إلا أن أثر الصدمات العالمية، سرعان ما يتسرب إلى أسواقها، فانخفاض التجارة العالمية، يعني تراجع الطلب على النفط، وهو ما يضرب مباشرة موازنات دول الخليج، كما أن الاضطرابات المالية العالمية، تجعل تدفقات الاستثمار أكثر تحفظًا، وتدفع برؤوس الأموال إلى التريث.

الدول النامية، ومنها العديد من الدول العربية، ستجد نفسها عالقة بين مطرقة الحمائية الغربية، وسندان منافسة الصين الرخيصة، من دون أدوات وقائية قوية، أو اتفاقات تجارية بديلة، ستخسر هذه الدول قدرتها على المناورة.

الحرب التجارية

درس من التاريخ، الثقة لا تُشترى

ما كشفه الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، أن الأزمات لا تبدأ فقط من فقاعة مالية أو قرار خاطئ، بل من انهيار الثقة، فحين يسحب الناس أموالهم من البنوك، ويتوقف المستثمرون عن المغامرة، ويفقد المواطنون الأمل، يصبح الاقتصاد جثة بلا روح.

واليوم، ورغم كل التقدم، تبقى الثقة العامل الحاسم، أي سياسة تغذي القلق أو تغلق الأبواب، وتزرع بذور أزمة قد تتجاوز الحسابات، وتُشعل سلسلة ردود أفعال يصعب احتواؤها.

ترامب

 

هل من مخرج؟

ويرى البعض، أن ترامب يُمارس ضغطًا تفاوضيًا للحصول على شروطٍ أفضل، وأنه في النهاية لن يدفع نحو الانهيار الكامل، لكن التاريخ علمنا أن اللعب بالنار الاقتصادية، غالبًا ما يخرج عن السيطرة.

فالبديل؟ العودة إلى الحوار التجاري، وإصلاح النظام العالمي بدل تدميره، والاعتراف بأن لا قوة اقتصادية، مهما عظمت، قادرة على النجاة وحدها في زمن العولمة، فحين تنهار الثقة، لا تنجو حتى الحصون.

Short Url

search