"كشمير"، علبة هدايا تحتوي على لغم!
الأربعاء، 30 أبريل 2025 08:26 م

الحرب النووية
تحليل/ كريم قنديل
في أقصى شمال شبه القارة الهندية، وتحديدًا بين جبال الهيمالايا الشاهقة تقع كشمير، الأرض التي طالما وُصفت بجمالها الأخّاذ، والتي تحوّلت منذ عقود إلى واحدة من أخطر بؤر التوتر الجيوسياسي في العالم، ما يبدو كخلاف حدودي بين الهند وباكستان يخفي ورائه تهديدًا وجوديًا، ليس فقط للمنطقة، بل للاقتصاد العالمي بأكمله.
ومنذ عام 1989م، راح ضحية هذا النزاع أكثر من 100 ألف إنسان، أما في حال اندلعت مواجهة عسكرية جديدة بين الجارتين، فستكون الرابعة في تاريخهما، لكنها الأولى في ظل امتلاك الطرفين لترسانة نووية متكاملة، وهُنا يبدأ الكابوس الحقيقي.
_1787_062400.jpg)
حرب نووية، ليست مجرد خيال
السيناريو الذي يخشاه العالم، لم يعد ضربًا من الخيال، فمواجهة نووية مباشرة بين الهند وباكستان، و اندلاع هذه الحرب، يشير إلى تقديرات بمقتل أكثر من 125 مليون إنسان في الساعات الأولى فقط، بفعل الموجة التفجيرية والإشعاع النووي.
لكن المأساة الأكبر، لا تتوقف عند عدد الضحايا، فالانفجارات النووية ستُطلق ما يقرب من 36 طنًا من الغبار الذري إلى الغلاف الجوي، ما سيؤدي إلى تغيّرات مناخية كارثية، فأشعة الشمس لن تعود كما كانت، ومعدلات الضوء التي تصل إلى الأرض، قد تنخفض بنسبة تتراوح بين 20 و70%، وهو ما سيُحدث اضطرابًا بيئيًا واسع النطاق.

أرض بلا شمس، وزراعة تحتضر
والعالم الزراعي لن يكون قادرًا على الصمود في وجه هذا التغير، حيث أن انخفاض ضوء الشمس، يعني اختلالًا كبيرًا في دورة نمو المحاصيل، ومع تراجع درجات الحرارة، وانخفاض معدلات الأمطار بنسبة تصل إلى 50%، ستتقلص المواسم الزراعية وتتراجع الإنتاجية بشدة.
فالدول التي تعتمد على الزراعة الموسمية، أو التي تستورد غذاءها من الخارج، ستدخل في دوامة من العجز، كما أن المجاعات ستبدأ في الظهور، والغلاء سيأكل دخل العائلات، حتى في أكثر الدول استقرارًا، وستُدفع الطبقات الوسطى في العالم إلى حافة الفقر، بينما تفشل الحكومات، في تأمين الغذاء أو احتواء الاضطرابات.
الأسواق تختنق، وسلاسل الإمداد تنهار
ولن يكون التأثير الزراعي منفصلًا عن الاقتصاد الكلي، فالعالم اليوم مترابط إلى درجة لا تسمح بتفادي العدوى الاقتصادية، حيث أن انهيار الإنتاج الزراعي في أسيا، سيؤدي إلى اضطراب في أسعار الغذاء عالميًا، كما أن الدول المصدّرة ستفرض قيودًا على التصدير، والدول المستوردة ستعاني من شحّ في الأسواق.
وهذا النقص سيترافق مع ارتفاعٍ جنونيٍ في الأسعار، والذي سيتحوّل الخبز فيه إلى سلعة نادرة، كما ستصبح الحبوب، سلعة تُباع في السوق السوداء، وكل هذا سيدفع بأسواق المال إلى التراجع، حيث ستنهار البورصات واحدة تلو الأخرى، وسط موجات ذعر وبيع جماعي للأصول.
والاستثمار الأجنبي سيتوقف، والمستثمرون سيسحبون أموالهم من الدول المتأثرة ويتوجهون إلى الملاذات الآمنة، مثل الذهب والدولار والعقارات، ومع تراجع الثقة، ستنهار سلاسل الإمداد العالمية التي تعتمد على التدفق السلس للبضائع، ما سيعمّق الأزمة ويحولها من مجرد ركود إلى انهيار شامل.

من الجوع إلى الفوضى
ومع اختفاء الغذاء وغلاء المعيشة، لن تبقى الأمور محصورة في الاقتصاد، فالناس ستنزل إلى الشوارع، والحكومات ستفقد سيطرتها، كما أن بلدانًا كثيرةً ستنحدر إلى حرب أهلية، وما لم تفعله القنابل النووية، قد تفعله الفوضى الداخلية، والتي ستستمر بحسب تقديرات مراكز الأبحاث لفترة لا تقل عن عشر سنوات.
كما الصراعات الداخلية ستعيد تشكيل خريطة النفوذ الإقليمي، وقد تتحول دول كاملة إلى ساحات لصراعات الوكالة، أو مناطق خارج السيطرة، تتفشى فيها الجريمة، والتهريب، والإرهاب العابر للحدود.

كشمير، قضية عالمية بلباسٍ محلي
من يظن أن ما يحدث في كشمير هو نزاع محلي محدود، عليه أن يعيد النظر، فكل ما ذُكر أعلاه، يمكن أن يبدأ من رصاصة، أو اشتباك، أو حتى خطأ سياسي، والنتيجة ستكون تهديدًا مباشرًا للنظام الاقتصادي العالمي، ولسلامة الكوكب نفسه.
لذلك، فإن التهدئة في كشمير، لم تعد مجرد أمنية دبلوماسية أو شعارًا أمميًا، إنها ضرورة اقتصادية، أمنية، وإنسانية، لأن كشمير، ببساطة، لم تعد مجرد أرض متنازع عليها، بل أصبحت، حرفيًا، علبة هدايا تحتوي على لغمٍ نووي، قد ينفجر في وجه الجميع.
Short Url
ترامب يعيد أشباح الكساد الكبير، هل يقود طوفان الرسوم الجمركية إلى أزمة عالمية جديدة؟
30 أبريل 2025 10:55 م
من الفيضانات إلى الجفاف، تأثيرات تغير المناخ على الاقتصاد والمجتمعات في عالم متغير
30 أبريل 2025 03:11 م
من الادخار إلى الاستثمار، كيف تساعد «كاكيبو» اليابانية على توفير 35% من الدخل شهريًا؟
30 أبريل 2025 03:01 م


أكثر الكلمات انتشاراً