الخوارزميات تستهلك المرافق.. الذكاء الاصطناعي يهدر 764 مليار لتر مياه في عام واحد

تتزايد استخدامات الذكاء الاصطناعي بسرعة هائلة، ما يجعل حياتنا اليومية أكثر سهولة وسرعة في الحصول على المعلومات والإجابات، ولكن هذه التكنولوجيا، التي تقدم لنا المعرفة بخطوات بسيطة، تحمل تكلفة بيئية مخفية، إنها متعطشة للمياه.

في كل مرة تسأل فيها الذكاء الاصطناعي سؤالاً أو تطلب منه فكرة أو صورة، هناك شيء يحدث خلف الكواليس لا تراه، خوادم عملاقة تعمل بلا توقف، وتستهلك الماء والطاقة لتبريد نفسها.

وقد يبدو كوب ماء واحد قليلاً، لكن تخيل مليارات المستخدمين حول العالم، هنا يبدأ الحساب الحقيقي لتأثير هذه التكنولوجيا على حياتنا ومواردنا.

مكان “عقول” الذكاء الاصطناعي وكيف يستخدم الماء

تسكن هذه العقول الحديدية للذكاء الاصطناعي، داخل خوادم ضخمة، وهى حواسيب أقوى بآلاف المرات من الحواسيب الشخصية، مكدسة في غرف ضيقة ومغلقة، وعند طلبك من الذكاء الاصطناعي كتابة قصيدة، أو توليد فكرة أو صورة، تنفذ هذه الخوادم ملايين العمليات الحسابية في ثانية واحدة، ما يرفع درجة حرارتها بشكل كبير.

ولمنع ارتفاع الحرارة، تعتمد هذه المراكز على أنظمة تبريد بالماء، ما يجعل المياه عنصراً حيوياً لاستمرارية عمل الذكاء الاصطناعي.

وأوضحت دراسة نشرتها مجلة Patterns، أن كل محادثة مع روبوت الذكاء الاصطناعي قد تستهلك ما يقارب كوباً واحداً من الماء لتبريد الخوادم وتوليد الكهرباء اللازمة لها.

الأرقام تتحدث.. استهلاك هائل لمليارات الليترات

رغم أن كوب الماء قد يبدو قليلاً، فإن مليارات المحادثات سنوياً تتحول إلى استهلاك ضخم للمياه، ففي عام 2025، استهلكت الخوارزميات ما بين 312 إلى 764 مليار لتر من الماء، وهو ما يعادل ما يستهلكه البشر جميعاً من المياه المعبأة حول العالم، وفقاً لما ذكرته Euronews Tech.

قياس استهلاك المياه بين الخوادم والطاقة

توضح الدراسات أن 95% من مراكز البيانات في أمريكا، على سبيل المثال، لا تستخدم مياه البحر للتبريد، بل المياه العذبة الصالحة للشرب نفسها التي تصل إلى المنازل.

وأضاف تقرير نشره Bluefield Research، أن 95% من مراكز البيانات في أمريكا تعتمد على مياه الصنبور العذبة الصالحة للشرب وليس مياه البحر، ما يسلط الضوء على تأثير الذكاء الاصطناعي على مصادر المياه التقليدية.

وفي مدينة صغيرة بولاية أوريغون، اكتشف أن مركز بيانات واحد لشركة جوجل استهلك ربع مياه المدينة السنوية، وفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبرج.

جوجل استخدمت 37 مليار لتر مياه خلال 2024

كما استخدمت جوجل في 2024 ما يقارب 37 مليار لتر من المياه، استُهلك منها 29 مليار لتر لتبريد الخوادم وتوليد الطاقة، أي ما يُشير إلى التبخر الهائل لهذه المياه.

دراسات أمريكية أخرى، بما فيها دراسة نشرتها BBC، أشارت إلى أن نصف سكان العالم يعانون من ندرة المياه، وأن الطلب المتزايد بسبب التوسع السريع في الذكاء الاصطناعي قد يزيد المشكلة سوءاً.

حساب استهلاك كل إجابة من الذكاء الاصطناعي

وفي هذا السياق، أوضح سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، أن كل استفسار على منصة ChatGPT يستهلك خُمس ملعقة صغيرة من الماء، ومع ذلك، أشارت الدراسات الأكاديمية الأمريكية إلى أن 10–50 إجابة من GPT-3 قد تستهلك نصف لتر من الماء، بما يشمل المياه المستخدمة في توليد الكهرباء لتشغيل الخوادم.

ويؤثر نوع النموذج المستخدم على استهلاك الموارد، إذ قد تستهلك بعض النماذج أكثر من 70 ضعف الطاقة والمياه مقارنة بالنماذج فائقة الكفاءة.

اختلاف الاستهلاك الذكاء الاصطناعي للماء حسب الموقع والوقت

أظهرت دراسة حديثة، نشرها موقع sciencealert، أن مراكز البيانات في أيرلندا الباردة والرطبة يمكن أن تعمل لأشهر باستخدام الهواء الخارجي وأنظمة التبريد التقليدية، مع استهلاك محدود للمياه، وتعتمد مراكز البيانات في مناطق حارة وجافة مثل أريزونا على التبريد بالتبخير، ما يرفع استهلاك المياه بشكل كبير.

كما تؤثر الموسمية والوقت من اليوم على الطلب، في الشتاء يقل الاستهلاك إلى نصف ما يستخدم في الصيف، فيما تعمل أنظمة التبريد بأقصى طاقتها خلال موجات الحر في منتصف النهار، بينما يكون الطلب أقل ليلاً، وفقًا لدراسة نشرتها جامعة  ماساتشوستس في أمهرست.

البصمة المائية للذكاء الاصطناعي

يشمل تقدير استهلاك المياه للذكاء الاصطناعي المياه المباشرة لتبريد الخوادم، بالإضافة إلى المياه المستخدمة في توليد الكهرباء سواء من الفحم أو الغاز أو الطاقة النووية.

توقعات استهلاك الذكاء الاصطناعي للمياه في المستقبل القريب

وبحسب دراسة أجرتها صحيفة لوتان الفرنسية، قد يتجاوز استهلاك الذكاء الاصطناعي 3.2 مليارات متر مكعب سنوياً بحلول 2028، أي ما يعادل 1.5 ضعف كمية المياه المستهلكة في سويسرا.

أشار الباحثون إلى أنه رغم عدم وجود ضغط كبير على المياه حتى الآن بالقرب من مراكز البيانات، فإن مراقبة هذا الاستهلاك عن كثب ضرورية لضمان استدامة الموارد.

أثر التقنيات الرقمية الحديثة على الموارد المائية للعالم

تصاعد استهلاك الذكاء الاصطناعي للمياه، لا يعني أن هذه التكنولوجيا عدو مباشر للإنسان أو للبيئة، لكنه يطرح سؤالًا ضروريًا حول ثمن التوسع غير المحسوب. وفي الوقت الذي يواجه فيه العالم بالفعل ضغوط متزايدة على موارده المائية بسبب التغير المناخي والنمو السكاني، يصبح من الصعب تجاهل أثر التقنيات الرقمية على هذه الموارد.

كما أن لا يكمن التحدي الحقيقي في استخدام الذكاء الاصطناعي بنفسه، بل في كيف وأين وبأي كفاءة يتم تشغيله، فاختيارات مواقع مراكز البيانات، ونوع أنظمة التبريد، وكفاءة النماذج المستخدمة، جميعها عوامل قادرة على تحويل هذه التكنولوجيا من عبء بيئي محتمل إلى أداة أكثر استدامة.

لذلك عند استخدامك للذكاء الاصطناعي لطرح سؤال بدر في ذهنك، تذكّر أن كل إجابة قد تمثل قطرة مخصومة من كوب مائك القادم، وأن التكنولوجيا التي تسهّل حياتنا اليوم، قد تحمل تحديات بيئية مستقبلية إذا لم نراقب استهلاكها للمياه والطاقة ونعمل على تطوير حلول أكثر استدامة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.