الموانئ المصرية تتقدم في سباق التحول لمركز لوجستي عالمي، آخرها دخول موسوعة «جينيس»

الأحد، 21 ديسمبر 2025 09:32 م

قطاع الموانئ واللوجستيات

يشهد قطاع الموانئ واللوجستيات في مصر خلال عام 2025 زخمًا غير مسبوق، مدفوعًا برؤية استراتيجية تستهدف تحويل البلاد إلى مركز لوجستي إقليمي وعالمي يربط بين قارات العالم.

هذا التوجه يأتي في إطار رؤية مصر 2030، التي تضع تطوير البنية التحتية للموانئ في صدارة أولوياتها، باعتبارها أحد المفاتيح الرئيسية لتسهيل حركة التجارة الدولية، وخفض تكاليف الشحن، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني في سلاسل الإمداد العالمية.

ويبرز ميناء السخنة كنموذج بارز لهذا التحول، بعد أن حقق إنجازًا عالميًا بدخوله موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية عبر حفر أعمق حوض من صنع الإنسان، في خطوة تعكس حجم التطوير الهندسي والاستثماري الذي تشهده الموانئ المصرية.

هذا التطوير لا يقتصر على السخنة وحدها، بل يمتد إلى عدد من الموانئ الاستراتيجية على البحرين الأحمر والمتوسط، بهدف استقبال السفن العملاقة وتعزيز قدرات التداول والخدمات اللوجستية المتكاملة.

قطاع الموانئ والخدمات الملاحية

وتشهد مصر تدفقًا متزايدًا للاستثمارات العربية والأجنبية في قطاع الموانئ والخدمات الملاحية، حيث اتجهت كيانات إقليمية كبرى إلى الدخول بقوة في السوق المصرية، سواء عبر الاستحواذ على حصص في شركات تشغيل الموانئ أو من خلال إنشاء محطات جديدة ومتخصصة، وتأتي هذه الاستثمارات مدفوعة بثقة متنامية في موقع مصر الجغرافي وقدرتها على أن تكون محورًا رئيسيًا للتجارة بين الشرق والغرب، إلى جانب ما تشهده من تطوير لمحطات الحاويات، ومحطات سيارات «Ro Ro»، ومحطات الركاب السياحية «الكروز» في موانئ مثل سفاجا والغردقة.

ولا تزال تحديات الأداء والكفاءة التشغيلية حاضرة بقوة في المشهد، حيث أظهرت مؤشرات أداء موانئ الحاويات العالمية تباينًا في ترتيب وأداء بعض الموانئ المصرية، خاصة فيما يتعلق بزمن الانتظار وسرعة تداول الحاويات، ويظل انخفاض متوسط إنتاجية الرافعات مقارنة بالمعدلات العالمية من أبرز التحديات، وهو ما يفرض ضرورة الإسراع في تحديث المعدات، ورفع كفاءة العنصر البشري، وتطبيق نظم تشغيل وإدارة أكثر تطورًا تتماشى مع المعايير الدولية.

تطوير الموانئ عبر حزمة من الأهداف المتكاملة

وتركز الاستراتيجية المصرية لتطوير الموانئ على حزمة من الأهداف المتكاملة، تشمل تعزيز أمن الموانئ، وتحسين تصنيفها البيئي عبر التحول إلى «موانئ خضراء» صديقة للبيئة، وتنمية الأسطول التجاري البحري، إلى جانب دعم السياحة البحرية التي تمثل رافدًا اقتصاديًا واعدًا، وتولي الدولة اهتمامًا خاصًا بتحسين إدارة الخدمات الملاحية ومواكبة المتغيرات العالمية في أسعار الشحن، التي تتأثر بعوامل العرض والطلب وتوافر الحاويات على المستوى الدولي.

ويواكب هذا التحول الهيكلي في القطاع تحركات على مستوى القيادة والإدارة، من خلال تكليف قيادات جديدة في قطاعات النقل البحري واللوجستيات، بهدف ضخ دماء جديدة قادرة على استكمال مسيرة التطوير وضمان استدامتها، وبينما تمضي مصر بخطى متسارعة نحو ترسيخ مكانتها على خريطة الموانئ العالمية، يبقى الرهان الحقيقي معقودًا على قدرتها على تجاوز التحديات التشغيلية وتحقيق التوازن بين التوسع الاستثماري ورفع كفاءة الأداء، بما يضمن عائدًا اقتصاديًا مستدامًا ويعزز دورها كمركز لوجستي محوري في المنطقة.