وكيل تشريعية الشيوخ: إجراءات رادعة لسارقي الكهرباء ومبادرات لتخفيف الغرامات
الأحد، 21 ديسمبر 2025 12:23 م
اللجنة التشريعية بمجلس الشيوخ
نور على
استعرض النائب أحمد حلمي الشريف وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشيوخ تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون التشريعية والدستورية ومكاتب لجان الطاقة والبيئة والقوى العاملة، بشأن مشروع القانون المقدم من الحكومة لتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر بالقانون رقم 87 لسنة 2015، والمحَال من مجلس النواب.
تطوير المنظومة الجنائية والتنظيمية الخاصة
وقال خلال الجلسة العامة اليوم أن فلسفة مشروع القانون على تطوير المنظومة الجنائية والتنظيمية الخاصة بجرائم الاستيلاء بغير حق على التيار الكهربائي، في ضوء ما كشف عنه الواقع العملي من انتشار الظاهرة وتطور أساليب ارتكابها، وما تسببه من خسائر مالية وفنية تمس سلامة الشبكات واستدامة المرفق.
وأشار الشريف إلى التعديلات التي أدخلتها اللجنة على مواد مشروع القانون ومبرراتها التشريعية لضمان وضوح النصوص، وانضباط نطاق التجريم، وتمام التوافق مع المبادئ الدستورية الحاكمة للعدالة الجنائية.
وتبرز أهم تلك التعديلات فيما يأتي:
المادة الأولى: المادة (70): تعد هذه المادة حجر الأساس في تشييد منظومة حماية مرفق الكهرباء من داخله إذ تتجه إلى ضبط السلوك الوظيفي للمكلفين بالعمل في القطاع، وإرساء قواعد صارمة لنزاهة الأداء، وإحكام الرقابة علـى أعمالهم، ضمانًا لانتظام الخدمة واستقرار المرفق.
وقد قررت عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين، لكل من يرتكب أثناء تأدية أعمال وظيفته - أو بسببها - أحد الأفعال المؤثمة التي تضمنها النص حيث نصت على يُعاقب بالحبس مُدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كُل من قام أثناء تأدية أعمال وظيفته في مجال أنشطة الكهرباء أو بسببها بارتكاب أفعال تشمل:

1-توصيل الكهرباء لأي من الأفراد أو الجهات بالمُخالفة لأحكام هذا القانون والقرارات المُنفذة له، أو عَلِمَ بارتكاب أي مخالفة لتوصيل الكهرباء ولم يُبادر بإبلاغ السلطة المختصة.
2-الامتناع عمدًا عن تقديم أي من الخدمات المُرخص بها دون عُذر أو سَنَد من القانون وفي حالة العود تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى.
وتقضي المحكمة بالزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه في الحالة، المشار إليها بالبند رقم (١)من الفقرة الاولى وقد تبين للجنة المشتركة أن البند (۱) من الفقرة الأولى - بصورته الواردة بمشروع القانون - قد جمع بين فعلين مُجرمين متباينين في أركانهما وعناصرهما، وهما: الفعل الإيجابي: وهو توصيل التيار الكهربائي بالمخالفة لأحكام القانون والقرارات المنفذة له، وهو فعل ينشأ عنه - بطبيعته - استيلاء مادي على التيار يترتب عليه ضرر مالي مباشر.
والفعل السلبي: وهو عدم المبادرة إلى إبلاغ السلطة المختصة عن واقعة التوصيل غير المشروع للتيار الكهربائي رغم العلم بها، وهو امتناع لا يترتب عليه بذاته أي استهلاك للتيار أو منفعة مالية تستوجب ردّها.
ولما كان مناط التجريم مختلفًا بين الفعلين، فإنهما يُعدان جريمتين مستقلتين لا يستقيم جمعهما في بند واحد يعاملهما كحالة واحدة ويتأكد هذا الإشكال بصياغة الفقرة الثالثة من المادة ذاتها، التي تلزم المحكوم عليــه في;الحالة المشار إليها بالبند (1) برد مثلي قيمة التيار الكهربائي المستولى عليه؛ بما يفترض وحدة الواقعة، بينما الواقع أن البند يجمع بين حالتين تختلفان اختلافًا بينا في جوهرهما.
كما أن إلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة التيار الكهربائي المستولى عليه - بوصفه عقوبة تكميلية ذات طبيعة جبرية- لا يتصور إعماله إلا في مواجهة من قام بالفعل الإيجابي المؤدي إلى الاستهلاك غير المشروع، ولا يمتد إلى جريمة.
عدم المبادرة إلى الإبلاغ، لأنها جريمة سلبية لا تنشئ منفعة مالية، وهو الأمر الذي يتفق مع مبادئ المحكمة الدستورية العليا في شأن العدالة الجنائية - ومن بينها:
ألا تفرض عقوبة على شخص ليس لهـا مـن صلة بفعل أتاه أو تفتقر هذه الصلة إلى الدليل عليها و استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن العدالة الجنائية في جوهر ملامحها، هي التي يتعين ضمانها من خلال قواعد محددة تحديدا دقيقا، ومنصفا، يتقرر على ضوئها مـا إذا كان المتهم مدانا أو بريئا، ويفترض ذلك توازنا بين مصلحة الجماعة في استقرار أمنها، ومصلحة المتهم في ألا تفرض عليه عقوبة ليس لها من صلة بفعل أتاه أو تفتقر هذه الصلة إلى الدليل عليها.
وبناءً عليه، خلصت اللجنة المشتركة - تحقيقًا للوضوح التشريعي وضبطًا لمناط التبعة المالية - إلى فصل البند (1) من الفقرة الأولى إلى بندين مستقلين، يُعبر كل منهما بدقة عن طبيعة الفعل المؤثم، مع قصر نطاق العقوبة التكميلية برد مثلي قيمة التيار الكهربائي المستولى عليه على من يثبت ارتكابه فعل التوصيل المخالف دون غيره؛ وهو ما يجسّد المنهج السليم في تفريد المسؤولية والعقوبة.
كما لاحظت اللجنة المشتركة أن المادة - في فقرتها الثالثة - قد اقتصرت على إلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة التيار المستولى عليه دون النص على سداد نفقات إعادة الشيء إلى أصله عند الاقتضاء، رغم أن هذه النفقات تمثل أثرًا مباشرًا للفعل غير المشروع.
رأت اللجنة ضرورة استكمال البناء العقابي بإضافة الالتزام بسداد تلك النفقات، وذلك بإيراد عبارة إلى عجز الفقرة الثالثة - نصها الآتي: فضلا عن إلزامه بنفقات إعادة الشيء إلى أصله إن كان لذلك مقتض. وذلك تحقيقًا للتكامل التشريعي، وإعمالا لمبدأ التناسب بين الجريمة ونتائجها، وضمانا لعدم تحميل المرفق أو المال العام أعباء ما كان لها أن تنشأ لولا وقوع الجريمة.

وأصبح نص المادة 70 من مشروع القانون بعد تعديل اللجنة :
يُعاقب بالحبس مُدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كُل من قام أثناء تأدية أعمال وظيفته في مجال أنشطة الكهرباء أو بسببها بارتكاب أفعال تشمل:
1-توصيل الكهرباء لأي من الأفراد أو الجهات بالمُخالفة لأحكام هذا القانون والقرارات المُنفذة له،
2-العَلِمَ بارتكاب أي مخالفة لتوصيل الكهرباء ولم يُبادر بإبلاغ السلطة المختصة
3-الامتناع عمدًا عن تقديم أي من الخدمات المُرخص بها دون عُذر أو سَنَد من القانون وفى حالة العود تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى، وتقضي المحكمة بالزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه في الحالة المشار إليها بالبند(1)من الفقرة الأولى من هذه المادة فضلًا عن إلزامه بنفقات إعادة الشيء إلى أصله إن كان لذلك مقتض وبالنسبة للمادة (71) من مشروع القانون والتى نصت على: يُعاقب بالحبس مُدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كُل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود.
وتكون العقوبة الحبس مُدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة المُشار إليها بالفقرة السابقة عن طريق التدخل العمدي في تشغيل المعدات أو المهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء وفقاً للضوابط الفنية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود.
أما إذا ارتبطت الجريمة المشار إليها بالفقرة الأولى بالجريمة المشار إليها بالمادة 68 من هذا القانون وترتب عليها انقطاع التيار الكهربائي تكون العقوبة السجن وفي جميع الأحوال، تقضي المحكمة بإلزام المحكوم عليه بردِ مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المُستولى عليه، فضلاً عن إلزامه بنفقات إعادة الشيء إلى أصله إن كان لذلك مُقتضى.

رأى اللجنة
فبالنسبة للفقرة الأولى من المادة 71 عند تدقيق اللجنة المشتركة نظرها في هذه الفقرة تبيّن لها أن مشروع القانون قد اتجه - في سعيه إلى تحقيق الردع العام والخاص - إلى تشديد العقوبة المقررة لجريمة الاستيلاء غير المشروع على التيار الكهربائي تشديدًا ظاهرًا؛ فرفع الحدين الأدنى والأقصى للغرامة إلى مستويات غير مسبوقة، إذ ارتفع الحد الأدنى من عشرة آلاف جنيه إلى مائة ألف جنيه، فضلًا عن تشديد عقوبة الحبس مقارنة بالنص القائم.
غير أن اللجنة المشتركة، وهي بصدد تقدير مدى التناسب بين العقوبة والجريمة - وهو مبدأ أصيل في الشرعية العقابية - رأت أن وضع عقوبة الغرامة بين حدين لا يكفي بذاته لإكسابها الدستورية، ما لم يكن هذان الحدان، ولا سيّما الحدّ الأدنى، معقولين في سياق تطبيقهما العملي، بحيث يظل للقاضي مجال رحب لتفريد العقوبة بما يلائم الظروف الواقعية لكل حالة.
ويتأكد ذلك بصورة خاصة في الشريحة الدنيا من صور ارتكاب الجريمة، تلك التي يكون نطاق الاعتداء فيها محدودًا، ولا يستقيم - بالمنطق التشريعي - إخضاعها لذات الحد الأدنى المقرر للصور الجسيمة. ويجد هذا النظر سنده فيما استقر عليه القضاء الدستوري من أن العقوبة لا تبلغ حد الدستورية ( واستشهدت اللجنة بمؤلف الرقابة القضائية على دستورية القوانين في ملامحها الرئيسية المستشار د. عوض المر، ص 1036.
كما أشارت اللجنة الى أن قضاء المحكمة الدستورية العليا استقر على أن الجريمة في مفهومها القانوني تتمثل في الإخلال بنص عقابي، وأن وقوعها لا يكون إلا بفعل أو امتناع يتحقق به هذا الإخلال وأن الأصل في الجريمة أن عقوبتها لا يتحمل بها إلا من أدين كمسئول عنها، وهي عقوبة يجب أن تتوازن وطأتها مع الجريمة وموضوعها، بما مؤداه أن الشخص لا يزر غير سوء عمله، وأن جريرة الجريمة لا يؤاخذ بها إلا جناتها، ولا ينال عقابها إلا من قارفها، وأن شخصية العقوبة وتناسبها مع الجريمة محلها مرتبطان بمن يعد قانونا مسئولا عن ارتكابها.
وقد استظهرت اللجنة المشتركة أن جريمة الاستيلاء بغير حق على التيار الكهربائي تتفاوت صورها وتتمايز خطورتها، سواء من حيث مرتكبيها - أفرادًا كانوا أو كيانات - أو من حيث مدى الضرر وخطورة السلوك واتساع نطاق الاعتداء. وهو تفاوت جوهري لا يجوز إغفاله عند صياغة عقوبة تلتزم بمبدأ التناسب العقابي الذي يشكل أحد أعمدة الشرعية الجنائية.

ومن ثم، انتهت اللجنة المشتركة إلى أن رفع الحد الأدنى عشرة أمثال عن الحد المعمول به حاليا قد ينطوي - في بعض التطبيقات - على شبهة الغلو التشريعي في الجزاء الجنائي التي تجافي مبدأ التناسب، ولا سيما في الحالات التي يكون نطاق الاعتداء فيها محدودًا أو يرتكبها أفراد لا كيانات واسعة النشاط.
ولذلك، رأت اللجنة أن تحقيق الردع لا يتوقف على الإبقاء على الحد الأدنى الوارد بالمشروع، بل على وضع حد أدنى رادع ومعقول في آن واحد؛ حد يضمن فاعلية الجزاء في مواجهة حالات ارتكاب الجريمة المختلفة، ويتسق في الوقت ذاته مع درجات الخطورة المتباينة في التطبيق. وبناءً عليه، خلصت اللجنة - في إطار المواءمة التشريعية - إلى النزول بالحد الأدنى للغرامة إلى خمسين ألف جنيه، وهو حد لا ينال من صرامة مكافحة الجريمة، ويُحقق التوازن بين قوة الردع ومتطلبات العدالة، ويوسع نطاق التفريد العقابي الذي تمارسه السلطة القضائية.
وبالنسبة للفقرة الثانية؛ فقد رصدت اللجنة المشتركة - عند بسط نظرها في الفقرة المتعلقة بجريمة الاستيلاء بغير حق على التيار الكهربائي عن طريق التدخل العمدي - أن النص الوارد في مشروع القانون قد تضمّن عبارةوفقًا للضوابط الفنية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون ; في صلب نطاق التجريم؛ وهو ما قد يثير لبسًا تشريعيًا، مردّه أن ظاهر العبارة قد يُوهم بأن قيام الجريمة مشروط بتوافق فعل الاعتداء مع ضوابط فنية» تصدرها اللائحة.
كما استقر قضاؤها على أن: الجرائم تتنوع تبعا لوزن الضرورة الاجتماعية الواجب حمايتها، وما يقتضيه ذلك من وجوب تناسب الجزاء الجنائي مع خطورة الأفعال التي أتمها المشرع أو حظرها أو قيد مباشرتها، ولذا يختلف الجزاء الجنائي المرصود لكل جريمة عن الأخرى تبعا لاختلاف الضرورة الاجتماعية الواجب حمايتها، والحق الذي يقع عليه الاعتداء أو يتهدده.
راجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 53 لسنة 31 ق | تاريخ الجلسة 4 / 11 / 2017 كما استقر قضاؤها أيضًا على أنه: لا تجوز معاملة المتهمين بوصفهم نمطا ثابتا، أو النظر إليهم باعتبار أن صورة واحدة تجمعهم لتصبهم في قالبها بما مؤداه أن الأصل في العقوبة هو تفريدها لا تعميمها، وتقرير استثناء من هذا الأصل - أيا كانت الأغراض التي يتوخاها - مؤداه أن المذنبين جميعهم تتوافق ظروفهم، وأن عقوبتهم يجب أن تكون واحدة لا تغاير فيها، وهو ما يعني إيقاع جزاء في غير ضرورة.
و يفقد العقوبة تناسبها مع وزن الجريمة وملابساتها، وبما يقيد الحرية الشخصية دون مقتضى؛ ذلك أن مشروعية العقوبة من زاوية دستورية مناطها أن يباشر كل قاض سلطته في مجال التدرج بها وتجزئتها تقديرا لها في الحدود المقررة قانونا، فذلك وحده الطريق إلى معقوليتها وإنسانيتها جبرا لآثار الجريمة من منظور موضوعي يتعلق بها وبمرتكبها، وأن حرمان من يباشرون تلك الوظيفة من سلطتهم في مجال تفريد العقوبة بما يوائم بين الصيغة التي أفرغت فيها ومتطلبات تطبيقها في كل حالة بذاتها، مؤداه بالضرورة أن تفقد النصوص العقابية اتصالها بواقعها.
فلا تنبض بالحياة، ولا يكون إنفاذها إلا عملا مجردا يعزلها عن بيئتها، دالا على قسوتها أو مجاوزتها حد الاعتدال وهذا الافتراض لا يستقيم مع منطق التجريم؛ إذ لا يتصوّر أن يكون العدوان ذاته واقعة فنية تضبط بمعايير تنظيمية، فالضوابط تُعنى بالأفعال المشروعة وكيفية مباشرتها، ولا يُناط بها تحديد أركان الجريمة أو رسم حدودها.
ومن ثم فإن تعليق التجريم على ضوابط فنية» قد يخلق - من حيث الظاهر - انطباعًا غير مقبول مؤداه أن مناط الجريمة هو مخالفة هذه الضوابط، مع أن الاعتداء يتحقق بذاته متى وُجد القصد الجنائي ووقعت النتيجة المؤثّمة.
مواجهة صوره من جرائم الاستيلاء بغير حق على التيار الكهربائي
واشارت اللجنة في تقريرها أن ممثلي الحكومة، أوضحوا في سياق المناقشات، أن هذه الفقرة جاءت لمواجهة صوره من جرائم الاستيلاء بغير حق على التيار الكهربائي ظهرت مع التطور التقني، وأن الإحالة إلى اللائحة التنفيذية لم تقصد بها وضع ضوابط لقيام الجريمة، وإنما حصر الأنماط والصور الفنية للتدخل العمدي، وذلك بقصد تقييد سلطة مأموري الضبط القضائي ومنع التوسع أو الاجتهاد في توصيف الفعل على نحو قد يجاوز إرادة المشرع، ولإتاحة قدر من المرونة في مواكبة صور التدخل التي تتغير بوتيرة سريعة مع تقدم الوسائل التقنية.
وبناءً على هذا الإيضاح، وبعد تفهّم اللجنة المشتركة للهدف التشريعي، عادت إلى مطالعة المبادئ الدستورية المستقرة التي أجازت للمشرع - ولضرورات يقدّرها - الإحالة إلى السلطة التنفيذية في تنظيم بعض الجوانب الفنية المرتبطة بالتجريم، طالما بقي جوهر الجريمة وأركانها الأساسية من عمل السلطة التشريعية.
وفي ضوء ذلك، رأت اللجنة المشتركة أن التدخل العمدي في مداه العام - هو: كل عبث أو تغيير أو تركيب أو فصل أو تعديل يتم عمدًا بقصد تغيير حقيقة الاستهلاك أو الحصول على التيار بغير حق وبالنظر إلى أن هذه الصور متغيرة بطبيعتها ومتسارعة مع التطور التقني، فإن تحقيق التوافق بين مقتضيات الشرعية الجنائية ومتطلبات الضبط التشريعي يقتضي العمل بالآتي:
حذف عبارة وفقا للضوابط الفنية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون من متن الفقرة العقابية؛ تجنبًا لأي لبس قد يُفهم منه أن الضوابط التنظيمية هي مناط التجريم وإفراد فقرة مستقلة في نهاية المادة تُحيل إلى اللائحة التنفيذية في بيان الصور والأنماط الفنية للتدخل العمدي، بالنص على وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصور والأنماط الفنية للتدخل العمدي وبذلك يتحقق التكامل بين ثبات القاعدة الجنائية من حيث أركان الجريمة ومناط التجريم، وبين مرونة التنظيم الفني الذي تتولاه اللائحة لحصر الصور العملية المتجددة للتدخل العمدي دون المساس بقاعدة التجريم ذاتها.

وأما الفقرة الثالثة فقد قررت عقوبة مشددة - هي السجن - كلما ارتبطت جريمة الاستيلاء بغير حق على التيار الكهربائي - بالجريمة الواردة بالمادة (68) من القانون وهي جريمة هدم أو إتلاف أيّ من المعدات أو الأجهزة أو المنشآت الخاصة بإنتاج أو نقل أو توزيع الكهرباء، أو جعلها غير صالحة للاستعمال، متى ترتب على هذا الارتباط انقطاع التيار الكهربائي.
وقد كان للجنة المشتركة على هذه الفقرة تعديلان جوهريان: التعديل الأول: رأت اللجنة المشتركة أن المادة (٦٨) - محل الإحالة - تنطوي على صورتين متمايزتين للجريمة، تختلفان في بنيتهما القانونية 1 جريمة عمدية قوامها قصد الإتلاف أو التعطيل الفقرة الأولى)، وجريمة غير عمدية تنشأ عن الإهمال أو الرعونة أو عدم الاحتراز (الفقرة الثانية).
وحيث إن الارتباط، وفق القواعد العامة في قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا انتظمت الجرائم في خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع - ومؤدى ذلك:
أن الارتباط الحقيقي لا يقوم بين فعل عمدي وآخر غير عمدي فإذا اختلف القصد الجنائي انتفت «الوحدة الإجرامية التي تبرر إعمال الارتباط، وانصرف الأمر حينئذ إلى تعدد مادي يستوجب تعدد العقوبات.
ومن ثم فإن الارتباط الوارد في الفقرة الثالثة لا يستقيم إلا في مواجهة الجريمة العمدية المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة (68)، دون الجريمة غير العمدية التي تنتفي معها وحدة الإرادة الإجرامية، ولذلك قامت اللجنة المشتركة - اتساقًا مع مبدأ الوضوح التشريعي - بتعديل الصياغة بما يقصر نطاق الارتباط المشدد على جريمة الإتلاف العمدي دون غيرها.
أصبح نص المادة 71بعد تعديل اللجنة كما يلى :
يُعاقب بالحبس مُدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كُل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود.
وتكون العقوبة الحبس مُدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة المُشار إليها بالفقرة الاولى من هذه المادة عن طريق التدخل العمدي في تشغيل المعدات أو المهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء او اذا ارتبطت بالجريمة المنصوص عليهـا فــي الفقرة الاولى من المادة 68 من هذا القانون وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود.
وإذا ترتب على الارتباط المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة انقطاع التيار الكهربائي تكون العقوبة السجن
وفي جميع الأحوال، تقضي المحكمة بإلزام المحكوم عليه بردِ مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المُستولى عليه، فضلاً عن إلزامه بنفقات إعادة الشيء إلى أصله إن كان لذلك مُقتضى، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصور والأنماط الفنية للتدخل العمدي.
المادة الثانية: المادة (71) مكررا):
تُنشئ هذه المادة نظامًا متدرجا للتصالح الجنائي، تُخوّل بموجبه «الجهة المجني عليها» سلطة إبرام التصالح في الجرائم المنصوص عليها بالمادة (70) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (71)، وهي الجرائم المرتبطة بسلوك المكلفين بالعمل في أنشطة الكهرباء أو بالاستيلاء بغير حق على التيار الكهربائي.
وقد رتب النص مقابلا ماليًا للتصالح يتدرّج تبعًا للمرحلة الإجرائية التي تُبرم فيها التسوية (قيمة الاستهلاك، مثلي القيمة ثلاثة أمثالها)، مع مضاعفة مقابل التصالح في حالة العود، فضلًا عن إلزام طالب التصالح بأداء قيمة الإتلاف - إن وقع - وينتج عن التصالح أثره الجنائي الأهم، وهو انقضاء الدعوى الجنائية وما ترتب عليها من آثار.
ورغم أهمية هذا النهج في دعم العدالة الناجزة وتعزيز استرداد حقوق المرفق، فقد كان اللجنة المشتركة بعض الملاحظات على صياغة المادة ، توردها على النحو الآتي:
أولاً -يُلاحظ أن المشروع اعتمد على مصطلح التصالح لوصف الإجراء محل المادة المعروضة، في حين أن الأوفق في هذا المقام هو مصطلح الصلح؛ ولا سيما وأن المُشرع المصري قد فرّق بينهما اصطلاحاً، ولا سيما من حيث أطراف الإجراء. فالمصطلح الأول (التصالح) يشير إلى الإجراء الذي يتم بين الدولة ممثلة في النيابة العامة أو جهة إدارية) والمتهم، ويكون غالباً بمقابل مالي يُدفع للخزانة العامة لإنهاء الدعوى العمومية في جرائم محددة.
بينما يشير المصطلح الثاني (الصلح) إلى الاتفاق الذي يتم بين المجني عليه والمتهم، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية.
ثانيا: تُجيز المادة المعروضة التصالح على الجرائم الواردة بالمادة (70)، والتي تشمل - من بين ما تشمل - جريمة العلم بوقوع مخالفة لتوصيل التيار وعدم الإبلاغ عنها، وجريمة الامتناع عمدًا عن تقديم الخدمات المرخص بها دون سند من القانون.
غير أنّ هاتين الجريمتين من طبيعة مختلفة، إذ تمثلان جرائم امتناع لا تتضمن استيلاء بغير حق على التيار الكهربائي أو إحداث ضرر مالي مباشر، في حين أن آلية التصالح التي قررتها المادة تقوم - في بنيتها - على أداء مقابل الاستهلاك المستولى عليه، وهو عنصر غير متحقق أصلًا في الجريمتين المشار إليهما. ومن ثم، فإن النص لا يستوعب الطبيعة القانونية المغايرة لهاتين الصورتين من الجرائم.
ثالثًا: خصص النص سلطة التصالح لجهة المجني عليهاوهو ما قد يثير غموضًا في التطبيق، لاسيما وأن بعض الجرائم الواردة بالمادة (70) - كجرائم الامتناع أو الإضرار الإداري - يكون المجني عليهم فيها من الأشخاص الطبيعيين من المنتفعين أو متلقي الخدمة.
رابعا: النص المعروض قد أقر مقابل التصالح في المرحلتين اللاحقتين على تحريك الدعوى الجنائية بقيمة قطعية ومحددة (مثلي القيمة، ثم ثلاثة أمثالها).
وهذا التنظيم، وإن كان يهدف إلى تغطية الخسارة الفعلية والمصاريف القضائية المتراكمة، إلا أنه يحتاج إلى المرونة الإجرائية اللازمة التي تتيح للمجني عليه تقدير قيمة الضرر وما فات من كسب بتقدير مرن يتناسب مع كل حالة على حدة.
فالضرر الفعلي، وما فات المجني عليه من كسب، قد يختلف تبعًا لظروف كل واقعة ، وفرض مقابل قطعي قد لا يساعد في إتمام التصالح في بعض الحالات.
وكان الأوفق - في تقدير اللجنة المشتركة - أن تُصاغ الزيادات بصيغة بما لا يجاوز الحدود المقررة، بحيث يكون السقف التشريعي واضحًا، لكن يُترك للمجني عليه - في الحدود المقررة - مجال لتقدير المقابل الملائم تحقيقًا للعدالة الرضائية وجبر الضرر بصورة أكثر واقعية.
خامسا: إن نظام (العود) يُعد من النظم العقابية التي استقرت في التشريع الجنائي، وقوامه تشديد العقوبة على من تكرر منه الإجرام بعد صدور حكم بـات، وذلك تحقيقا للردع العام والزجر الخاص؛ ومن ثم فإنّ طبيعته تحيله إلى مجال العقوبة البحتة، حيث يرتبط جوهره بمسؤولية الجاني وإصراره على الإجرام.
أما نظام التصالح الجنائي، فهو نظام استثنائي ذو طبيعة إجرائية لا عقابية، يهدف إلى تسوية النزاع الجنائي وإنهاء الخصومة بطريق رضائي يغني عن العقوبة، تحقيقًا للعدالة الناجزة والمصلحة العامة.
وقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أنه يتعين لاتفاق التنظيم التشريعي مع الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد، وفاءً لمصلحة عامة لها اعتبارها وبين الوسائل التي انتهجها طريقًا لبلوغها.
مؤكدة أن السياسة الجنائية الرشيدة يتعين أن تقوم على عناصر متجانسة، فإن قامت على عناصر متنافرة نجم عن ذلك افتقاد الصلة بين النصوص ومراميها، بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها لانعدام الرابطة المنطقية بينها.
ومن ثم فإن الجمع بين النظامين - العود والتصالح - لا يتسق مع الفلسفة التي انبثقا عنها؛ إذ لا يستقيم أن يُعامل التصالح، وهو أداة لإعفاء المتهم من العقوبة، كأنه عقوبة جديدة تتضاعف تبعًا لتكرار الفعل، لأن ذلك يخرج النظام التصالحي عن طبيعته ويحوّله - إن جاز التعبير - إلى جزاء مالي مُقنّع، بما يُناقض مقاصده.
وعلى ذلك، فإنّ المشرع، وهو بصدد تنظيم أحكام التصالح، يكون لزامًا عليه أن يفرّق بين النظم العقابية والنظم الإجرائية، وألا يمزج بينهما بما يُحدث اضطرابًا في البناء التشريعي؛ بحسبان العدالة التشريعية تقتضي أن تظل فكرة العود حبيسة دائرة العقوبة، لا ظرفًا مشددًا للتصالح.
وبناءً على ما تقدم جميعه، قامت اللجنة المشتركة بإعادة صياغة المادة على النحو المبين بالجدول المقارن المرافق بما يضمن تلافي الملاحظات سالفة البيان تجدر الإشارة إلى أن اللجنة المشتركة عند مراجعة المادة (۷۱) مكرراً) - المنظمة للتصالح - قد لاحظت أن نطاقها لم يطراً عليه أي تعديل، إذ ظل قاصرًا على الجرائم الواردة بالمادة (۷۰)، وعلى الفقرتين الأولى والثانية من المادة (71).
غير أن التعديل الذي أدخلته اللجنة على الفقرة الثانية من المادة (71)، بإضافة صورة جديدة تتمثل في حالة الارتباط بين جريمة الاستيلاء بغير حق على التيار الكهربائي والجريمة المنصوص عليها في المادة (68) فقرة (1) الخاصة بالإتلاف العمدي، قد ترتب عليه - بحكم إدماج هذه الصورة داخل الفقرة الثانية - أن أصبحت خاضعة بدورها لنظام التصالح، رغم أن جريمة الإتلاف العمدي الواردة بالمادة (68) لا تقبل التصالح إذا ارتكبت استقلالاً.
وترى اللجنة المشتركة أن إدراج حالة الارتباط المشار إليها في نطاق التصالح يتسق مع مقاصد السياسة التصالحية للمشروع؛ ذلك أن الإتلاف العمدي المرتبط بالاستيلاء بغير حق على التيار لا يُعد عدوانًا مستقلا على مرفق الكهرباء، وإنما هو وسيلة لتمكين جريمة الاستيلاء، فتتكون من الفعلين معا وحدة إجرامية واحدة غايتها تحقيق منفعة غير مشروعة، لا مجرد الإضرار بالمرفق لذاته.
ومن ثم، فإن جبر الضرر المالي قد يكون أبلغ أثرًا في حماية المرفق واستدامة خدماته، ما دام المجني عليه قد ارتأى أن التصالح يحقق مصلحته.
وبمعنى آخر، فإن امتداد نظام التصالح إلى حالة الارتباط لا يمثل خروجًا على منطق التجريم، بل هو تعبير عن التمايز بين الإتلاف الأصلي الوارد بالمادة (68) - وهو عدوان مستقل لا يقبل الصلح - وبين الإتلاف المرتبط بجريمة الاستيلاء، والذي يكون الغرض منه تمكين الفعل لا الاعتداء على المنشأة في ذاتها؛ الأمر الذي يجعل التسوية المالية، متى تحققت شروطها ووافق عليها المجني عليه، أقرب إلى تحقيق المصلحة العامة وأوفق لمقاصد السياسة الجنائية الحديثة.
وأصبح نص المادة(71)مكررا من مشروع القانون بعد تعديل اللجنة أن يجوز الصلح في الجرائم المنصوص عليها في المادتين( 70 )و (71 الفقرتين الاولى والثانيه) من هذا القانون وذلك وفقًا لأحكام القانون.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
خطة لتوطين صناعات الطاقة المتجددة، مباحثات مصرية مع «باور إيديسون» (تفاصيل)
21 ديسمبر 2025 12:55 م
رئيس مجلس الشيوخ: التعاون مع الحكومة ليس ترفًا بل ركيزة لنجاحِ العملية التشريعي
21 ديسمبر 2025 12:45 م
"الزراعة" تصدر أكثر من 800 ترخيص تشغيل لأنشطة الإنتاج الحيواني والداجني
21 ديسمبر 2025 11:55 ص
أكثر الكلمات انتشاراً