السبت، 13 ديسمبر 2025

10:16 م

محمود جاويش يكتب.. من أدخل الـ«توك توك» وقرر إعدامه؟

السبت، 13 ديسمبر 2025 05:15 م

محمود جاويش

محمود جاويش

محمود جاويش

منذ ظهور مركبة الـ«توك توك» في مصر، نهاية 2005، ومع كل جريمة يتم ارتكابها بواسطته، يُطرح السؤال، من الذي أدخل هذا الكائن الهجين مصر؟، من وراء هذه الصفقة التي تعششت في كل شوارع وحواري المحروسة؟، ومر أكثر من 20 عامًا على سؤال لم يُكشف النقاب عن إجابته، حتى أصبح الـ«توك توك» آفة يجب مواجهتها واستئصالها، ولم نعلم بعد من هو صاحب قرار دخول البرغوث الهندي لمصر، رغم قيام ثورتين ومحاكمات لكل رموز النظامين السابقين.

قبل أيام خرج علينا محافظ الجيزة المهندس عادل النجار، يُعلن الحرب على الـ«توك توك»، وأنه حان الوقت لإزالة هذا السرطان من جسد المحافظة الأكثر عشوائية في مصر، لإعادة الانضباط للشارع المروري، والأمان لثاني أكبر كتلة سكانية في مصر، بمبادرة إحلال الـ«توك توك» بالسيارة "كيوت" ولا أعلم من وراء هذا الاسم القادم من التجمع الخامس، ولكن جاء طرح المبادرة غير مكتمل، وعليه علامات استفهام تشبه قضية اللوحات المعدنية في 2008، عندما أعلنت الحكومة عن استبدال لوحات السيارات القديمة بأخرى جديدة تجمع بين الحروف والأرقام، وتسبب في سجن رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف واللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، والحكم بالسجن الغيابي 10 سنوات على وزير المالية الهارب يوسف بطرس غالي، لاتهامهم بتسهيل الاستيلاء بغير حق على أموال جهة عامة واستغلال وظيفتهم لإسناد تلك الصفقة لشركة «أوتش» الألمانية وقتذاك، قبل أن تتم إعادة محاكمة "نظيف والعادلي" بعد 4 سنوات من سجنهم وتبرئتهم، وتوجيه الاتهام لوزير المالية بمفرده باعتباره صاحب مذكرة طلب التعاقد مع الشركة الألمانية. 

نعود إلى صفقة السيارة "كيوت" التي - للصدفة - لها نفس منشأ الـ«توك توك»، وأيضًا اللون نفسه الأصفر والأسود، وكأنها طفرة جينية حدثت لهذا الجنين الهندي، ويجب أن نتقبلها في شوارعنا، رغم إمكانياتها المحدودة والتي لا تبشر باستدامتها أو تحقيق مردود اقتصادي لأصحابها، ولكن ليست هذه هي المشكلة، لأن المشكلة أكبر من ذلك بكثير، فمحافظ الجيزة لم يتبع مخطط الدولة للحد من استخدام الوقود والتوجه لاستخدام السيارات الكهربائية، وكأن مبادرته جاءت لتقضي على مبادرة إحلال السيارات القديمة، والتي أطلقتها نفس الحكومة في 2020 وبدأت تنفيذها الفعلي في يناير 2021، واستبدال السيارات القديمة والمتهالكة بأخرى حديثة تعمل بالغاز، للحد من استخدام الوقود وتقليل الانبعاث الكربوني، ليسمح بإدخال آلاف السيارات «الكيوت» لمحافظة الجيزة، تحت غطاء استبدال الـ«توك توك»، وهي في الحقيقة ليست منافسة له، بل إن السماح للمركبة الجديدة بالترخيص والسير في الشوارع الرئيسية سيجعل منافسًا لسيارات الأجرة وتطبيقات النقل الذكي، وستزيد الشوارع ازدحامًا، ولن تقترب من المشكلة الأصلية، وهي أزمة الـ«توك توك» في المناطق والشوارع الداخلية.

النقطة الأهم في هذه المبادرة أنها ليست مبادرة بالمعنى الحقيقي، فلم تتبنى الدولة الرسمية هذه المبادرة إلا عبر تصريحات للمحافظ ونائبه عن إمكانية إحلال الـ«توك توك» بسيارة “كيوت” مقابل 11 ألف جنيه، ولم تكشف المحافظة من الذي سيدفع التعويض لأصحاب الـ«توك توك»، هل المحافظة أم وكيل السيارة "كيوت"؟، بل إن المحافظة لم تطرح بدائل لهذه السيارة، كما في مبادرة إحلال السيارات 2021 عندما طرحت الحكومة فئات من 6 أنواع سيارات "هيونداي وشيري وبي واي دي ولادا ونيسان وشيفروليه"، لتناسب كل الفئات، ولم تفرض على المستفيدين سيارة بعينها، وهو ما لم يتوافر مع مبادرة محافظة الجيزة، التي وضعت أصحاب “التكاتك” والذين يتجاوز عددهم الـ50 ألف مستفيد، أمام خيار واحد وهو "كيوت"، وهو ما يؤكد أن المحافظة لم تلتزم ولو ظاهريًا بصحيح القانون، وطرح مناقصة لوكلاء السيارات لتوفير سيارة بمواصفات تصلح أن تكون بديلاً للـ«توك توك»، على أن تتوافق مع سياسات الدولة بالتوجه لاستخدام السيارات الكهربائية، وأن يتقدم للمناقصة أكثر من بديل لضمان المنافسة العادلة، بما يعود على المستهلك بأفضل خدمة وأفضل سعر، ولكن كل هذا لم تتبعه محافظة الجيزة، التي مازالت تروج للمبادرة وتلح على أصحاب الـ«توك توك» لاستبداله، قبل أن يكون التطبيق إجباري.
في المقال المقبل سنتحدث فيه عن التكلفة الفعلية لهذه المركبة "كيوت" من مصنعها، وبدائلها من الصين، بل من بعض مصانع دول الاتحاد الأوروبي بمواصفات عصرية صديقة للبيئة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search