البلاستيك القابل للتحلل بالأكسدة.. الحل الموعود لأزمة التلوث أم مجرد سراب؟
الأحد، 07 ديسمبر 2025 07:39 م
بلاستيك- تعبيرية
في سباق محموم لمكافحة 80 مليون طن من النفايات البلاستيكية التي تغرق كوكبنا سنويًا، ظهرت تقنية البلاستيك القابل للتحلل الحيوي بالأكسدة (Oxo-biodegradable plastic) كحل جذاب، تتبناه 6 دول على الأقل حول العالم، بينها المملكة العربية السعودية والإمارات.
يروج مؤيدو هذه المركبات، التي تضاف إلى البلاستيك التقليدي لتسرع تفكيكه إلى ثاني أكسيد الكربون والماء ومواد عضوية غير ضارة، بأنها الحل السحري لإنهاء مشكلة التلوث البلاستيكي، ومع ذلك، يواجه هذا الابتكار رفضًا قاطعًا من الأوساط العلمية المستقلة، وتقوده السلطات التنظيمية العالمية، وحظر الاتحاد الأوروبي هذه المركبات عام 2021، وتبعتها سويسرا ونيوزيلندا، كما فرضت هونج كونج وولاية بريتش كولومبيا الكندية قيوداً عليها العام الماضي.
ويثير هذا الانقسام بين الحماس التجاري والتحفظ العلمي، تساؤلات حول فعالية هذا الحل وجدواه البيئية.

التحول إلى جزيئات دقيقة.. مصدر القلق العلمي
يكمن الخلاف الرئيسي في نتائج التحلل، وبينما يدعي المنتجون أن البلاستيك يختفي في الطبيعة ضمن إطار زمني معقول، يؤكد العلماء المستقلون أن الأدلة على ذلك ضعيف، ولا يوجد دليل قاطع على فعاليتها، فالتحلل البيولوجي ليس حلاً سحرياً، خلافًا لوعود الاختفاء، يقول باحثون إن المركبات المضافة تسرع من تكسير البلاستيك إلى ملايين من جزيئات البلاستيك الدقيقة (Microplastics).
هذه الجزيئات المجهرية، بدلاً من التحلل البيولوجي الكامل، ينتهي بها المطاف في التربة والمياه، وربطت مؤخراً بأضرار تكاثرية، وضعف في جهاز المناعة، وحتى السرطانات، خاصةً في الكائنات البحرية.
ولا يحل البلاستيك القابل للتحلل بالأكسدة المشكلة جذريًا، بل يختصر المدة الزمنية التي يستغرقها البلاستيك التقليدي الذي يستمر لمئات السنين للتحول إلى ملوثات أصغر وأكثر انتشاراً وربما أكثر خطراً.

التقدم البيئي دون جهد.. نهج أعمال يثير الشكوك
في ظل فشل مفاوضات معاهدة الأمم المتحدة للبلاستيك في الحد من إنتاج البلاستيك غير المعاد تدويره، شهدت صناعة البلاستيك القابل للتحلل الحيوي نموًا سريعًا، مدعومة بزيادة الإنتاج من شركات صينية عملاقة مثل "هينجلي" و"شنفا"، وتتوفر المواد القابلة للتحلل الحيوي بالأكسدة حالياً في نحو 100 دولة، وتمنح علامات بيئية في بعض الأسواق.
يرى الخبراء في شركات استشارية مثل داتا ديسك أن هذه التقنية تتيح لشركات إنتاج البلاستيك الكبيرة أن تظهر بمظهر تقدمي بيئياً دون جهد يذكر من حيث التغيير في عمليات الإنتاج أو الاستثمار في إعادة التدوير المكلفة، ويعتبر هذا نهجًا تجاريًا مريحًا يضع مظهراً مبتكراً على منتج مثير للجدل.
ويزيد من تعقيد المشهد، غياب تعريف دولي موحد وواضح لمصطلح البلاستيك القابل للتحلل الحيوي، إن التنوع الحالي في التعريفات مربك ولا يسهم كثيراً في الحد من النفايات، مما يفتح الباب أمام شركات لتقديم نسختها الخاصة من الحل التقني.
يجب التمييز بين هذه التقنية المثيرة للجدل وبين المواد التي تتحلل طبيعياً (Compostable)، هذه المواد تتطلب عادة منشآت تجارية متخصصة بدرجات حرارة عالية تتجاوز 60 درجة مئوية لتتحلل بالكامل بواسطة الميكروبات، ولا يمكن إعادة تدويرها.
أما البلاستيك القابل للتحلل الحيوي بالأكسدة، يفترض أن يتحلل ببساطة عند تركه في الهواء الطلق أو رميه من نافذة السيارة، وهو ما يقلل من الثقة في فعاليته.
تواجه حتى المنتجات البديلة المتبناة من عمالقة الكيماويات مثل باسف (BASF)- التي طرحت مادة (PBAT) المستخدمة في الصفائح الزراعية- اتهامات بأنها بطيئة التحلل وقد تخلف مواد ضارة، رغم اعتراض الشركة على هذه الاستنتاجات.

صراع قانوني ودولي مستمر
يظل الجدل مشتعلاً، لاسيما مع إصرار بعض الشركات الرائدة على استخدام هذه التقنية، وتلتزم شركة سيمفوني إنفايرونمتال تكنولوجيز البريطانية، التي تنتج المادة المضافة (d2w)، بالدفاع عن منتجها، الذي تقول إنه موجود في أكياس القمامة والتسوق في قرابة 100 دولة، وتعد المملكة العربية السعودية من أكبر أسواقها.
وفي دليل على حجم الصراع، أقامت “سيمفوني” دعوى قضائية ضد الاتحاد الأوروبي عام 2020 بشأن حظرها للمنتج، لكن المحكمة الأوروبية العامة رفضت الدعوى، بينما نجحت الشركة في دعوى قضائية مماثلة في بيرو عام 2022، مما مهد الطريق لبيع منتجها هناك.
يبدو أن البلاستيك القابل للتحلل الحيوي بالأكسدة هو أداة مؤقتة في أحسن الأحوال، تساهم في تسريع التجزئة بدلاً من التحلل الكامل، وبينما تتشبث الشركات به كوسيلة للحفاظ على أعمالها وحماية البلاستيك، يصر المجتمع العلمي والجهات التنظيمية الكبرى على أن الحل الجذري لا يزال يتطلب خفض الإنتاج وتحسين آليات إعادة التدوير الحقيقية.
اقرأ أيضًا:
النفايات الإلكترونية، ثروة مهدرة تهدد البيئة وتفتح فرصاً بمليارات الدولارات
توفر 400 مليار دولار سنويًا، إدارة المخلفات الصناعية ثورة الاقتصاد العالمي
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
تريليونا دولار إنفاقًا والجدوى قيد الاختبار، انحسار مؤقت لمخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي
07 ديسمبر 2025 04:10 م
السياحة العربية 2025، صعود متسارع يعزز مكانة المنطقة على خريطة السفر العالمية
07 ديسمبر 2025 01:00 م
بعد آلاف السنين من التوسع الزراعي، العالم يتجاوز ذروة الأراضي الزراعية
07 ديسمبر 2025 09:40 ص
أكثر الكلمات انتشاراً