بعد أطول إغلاق حكومي في التاريخ، أمريكا تعود للعمل في ظل إرهاق اقتصادي
الخميس، 13 نوفمبر 2025 01:57 م
أمريكا تعود للعمل في ظل إرهاق اقتصادي
ميرنا البكري
بعد أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، فتحت أمريكا أخيرًا أبوابها مرة أخرى، فوقع الرئيس دونالد ترامب قانونا يسترجع تمويل الحكومة حتى نهاية يناير أي هدنة قصيرة وليس حلا نهائيا، فالإغلاق الذي استمر 43 يوما أسفر عن تعطيل خدمات أساسية مثل مراقبة الطيران، ووقف مرتبات آلاف الموظفين، وجعل ملايين الأسر تحتاج لمساعدات غذائية كانت متوقفة.
وبرغم أن الدولة تعود للعمل تدريجيًا، فالاقتصاد الأمريكي خرج من الأزمة بعلامات إرهاق واضحة، ومعه أسئلة كبيرة عن شكل الشهور المقبلة، فهل أمريكا مقبلة على استقرار، أم هناك أزمة أخرى تتكون في الكواليس؟

التكلفة الاقتصادية، الإغلاق جعل الاقتصاد يسعل
كان هذا الإغلاق بمثابة نزيف اقتصادي يومي، فبحسب تقديرات اقتصاديين أمريكان، كل أسبوع من الإغلاق كان يكلف الناتج المحلي أكثر من عُشر نقطة مئوية، أي إجمالي خسائر قد تصل لـ 0.6% من الناتج الأمريكي خلال فترة الإغلاق.
هذا بخلاف الخسائر غير المباشرة، فتوقف البيانات الاقتصادية جعل المستثمرين لا يدركون لاتجاهات السوق، فتراجع الاستهلاك خاصةً مع توقف مرتبات الموظفين الفيدراليين، فشركات الطيران والمتاجر تأثرت قبل موسم "البلاك فرايدي".
فواشنطن كانت تتحرك بطريقة غير واضحة، مما جعل المستثمرين يتعاملون بحذر أكثر خاصةً أن الاتفاق الحالي مؤقت، حتى 30 يناير فقط.
الدين العام، "هدنة قصيرة" تضيف جبل جديد من الديون
يمد القانون الجديد تمويل الحكومة مؤقتًا، لكنه في نفس الوقت يزود الدين العام الأمريكي بنحو 1.8 تريليون دولار سنويًا، مما يعني أن الدين الأمريكي الذي وصل لـ 38 تريليون دولار، سيكمل طريقه بدون فرامل.
المعضلة هنا أن إدارة ترامب تحاول تمول برامجها وسياساتها وسط انقسام حزبي حاد، لكن كل تمديد يمثل ضربة جديدة لتصنيف أمريكا الائتماني، خاصةً بعد تحذيرات وكالات التصنيف من "فقدان الثقة في الحوكمة المالية الأمريكية"، ببساطة الإغلاق توقف، لكن الديون أصبحت القصة الجديدة.
عودة العمل، استئناف تدريجي لكن بخسائر بشرية ومعنوية
من يوم الخميس بعد توقيع القانون، بدأ الموظفون الفيدراليون يعودون لعملهم، لكن استعادة الخدمات الحكومية بالكامل ما زالت بطيئة، وفي قطاعات مثل الطيران والموانئ والبيانات الاقتصادية، العمل يعود بالتقسيط، مما يؤخر استعادة النمو في الربع الرابع من العام، أيضًأ هناك ضرر نفسي داخل الجهاز الإداري الأمريكي نفسه، فالموظفون شعروا بأنهم أدوات في معركة سياسية ليست محسوبة، مما يؤثر على الكفاءة والدافعية.
الخلاف الحقيقي، الرعاية الصحية والوجه الإنساني للأزمة
بخلاف أرقام الاقتصاد فكان ملف الرعاية الصحية أشبه بالشرارة التي جعلت الأزمة تشتعل، وحاول الديمقراطيين تمديد إعانات التأمين الصحي التي تنتهي بنهاية العام، لكن الجمهوريين بدعم ترامب رفضوا إدخال هذا البند في الاتفاق.
أي ما حدث ليس حلا بل وقفا مؤقتا للتوتر الذي نتج من الإغلاق، مما يجعل شهري ديسمبر ويناير المقبلين مرشحين لمواجهة جديدة خاصةً إذا فشل مجلس الشيوخ في تمرير قانون تمديد الإعانات.
تأثير الإغلاق على ثقة الأسواق والمستثمرين
تعاملت الأسواق الأمريكية مع الأزمة بحذر، رغم أن مؤشر داو جونز وستاندرد آند بورز لم ينهارا بشدة، إلا أن حالة القلق واضحة في عوائد السندات الأمريكية التي بدأت ترتفع بسبب الشكوك في استقرار الحكومة، فما يحدث حاليًَا يخلق بيئة "ضبابية" للمستثمرين من عدم الوضوح في السياسة المالية، واحتمال عودة الإغلاق قائم، للديون التي تتزايد بدون خطة واضحة للسداد، مما يدفع الاحتياطي الفيدرالي ليتخذ موقف أكثر حذرًا في اجتماعه المقبل، فمن الضروري يأجل أي خفض محتمل للفائدة حتى يجد ان الاقتصاد نتعافى بالفعل؟ أم لايزال متأثر؟
أبرز سيناريوهات الفترة المقبلة في أمريكا
السيناريو الأول، هدوء مؤقت قبل عاصفة جديدة
إذا لم يحدث في الكونجرس على تمديد التمويل بعد 30 يناير، قد تدخل أمريكا في إغلاق مرة أخرى، وهذا سيكون ضربة قوية للثقة في إدارة ترامب، خاصةً وهو مقبل على عام انتخابي محتدم.
السيناريو الثاني، صفقة كبرى لإنقاذ الاقتصاد
قد يستغل ترامب هذا الاتفاق المؤقت كفرصة لفرض صفقة مالية كبيرة تشمل خفض إنفاق وزيادة ضرائب على الشركات، لكي يوازن الموازنة مؤقتًا ويعيد الثقة في الأسواق.
السيناريو الثالث، اضطراب سياسي واقتصادي ممتد
هذا الاحتمال قائم إذا استمرت الخلافات حول ملف الرعاية الصحية والدين العام، ففي هذه الحالة الأسواق تظل في حالة توتر والفيدرالي سيتجنب أي خطوات جريئة، مما يعني أن النمو الأمريكي قد يتباطأ خلال النصف الأول من 2026.
خرجت أمريكا من أطول إغلاق حكومي في تاريخها، لكن الذي عادت ليس دولة مستقرة بقدر ما هو نظام يحاول اللحاق بأنفاسه، فالاتفاق الحالي مجرد ضمادة على جرح مالي عميق، والدين العام أصبح خطر استراتيجي وليس مجرد رقم في الميزانية.
ستحدد الأسابيع المقبلة هل إدارة ترامب قادرة على إثبات أنها بالفعل تستطيع إدارة دولة كما قال، أم ستدخل أمريكا في دوامة جديدة من الإغلاقات والديون والمساومات السياسية.
اقرأ أيضًا:-
الذهب يستعيد بريقه عالميًا بعد توقيع إنهاء الإغلاق الحكومي الأمريكي
البيت الأبيض: ترامب يوقع اليوم مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
من مكة إلى أنجولا، نوكيا تقود ثورة الاتصال الذكي في أكثر من 40 دولة ناشئة
13 نوفمبر 2025 04:26 م
%156 رسوم على واردات السكر، قرار يعيد رسم ملامح السياسة التجارية في المكسيك
12 نوفمبر 2025 06:10 م
هل يدوم منتجك لعام واحد فقط؟ اكتشف كيف يغير السعر قواعد اللعبة
12 نوفمبر 2025 05:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً