كيف أعادت السعودية رسم خريطة الشرق الأوسط؟
الأربعاء، 12 نوفمبر 2025 09:11 ص
الاقتصاد السعودي
تعد المملكة العربية السعودية أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، لكنها اليوم تخوض تجربة اقتصادية غير مسبوقة للانتقال من الاعتماد على النفط إلى اقتصاد متنوع ومستدام.
منذ إطلاق رؤية 2030 عام 2016، تبنت الدولة سياسات جريئة تهدف إلى خلق مصادر دخل جديدة، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتحويل المملكة إلى قوة استثمارية وسياحية عالمية، ورغم التحديات التي فرضتها جائحة كورونا وتذبذب أسعار النفط، أظهرت المؤشرات مرونة الاقتصاد السعودي وقدرته على التكيف مع الأزمات.

عام 2020.. اختبار الصمود الاقتصادي
في خضم أزمة عالمية خانقة، انكمش الاقتصاد السعودي بنسبة 1% في الربع الأول من 2020، متأثرًا بانخفاض قطاع النفط بنسبة 4.6%، لكن في المقابل، حقق القطاع غير النفطي نموًا إيجابيًا بنسبة 1.6%، ما يعكس بداية التحول الهيكلي في بنية الاقتصاد الوطني.
وبفضل حزم التحفيز التي تجاوزت 48 مليار دولار ورفع ضريبة القيمة المضافة إلى 15%، تمكنت الحكومة من احتواء آثار الأزمة، مع توقعات بعودة النمو إلى 3.6% في العام التالي، كان هذا العام بمثابة امتحان حقيقي لمرونة رؤية 2030، أثبتت فيه السعودية أنها قادرة على إدارة التحولات الكبرى دون أن تفقد توازنها المالي.
بيئة أعمال جديدة.. إصلاحات جذرية وجاذبية متزايدة
قبل عقد من الزمان، لم تكن السعودية وجهة مفضلة للمستثمرين بسبب تعقيدات الإجراءات، لكن الصورة تغيرت جذريًا، فوفقًا لتقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2020 الصادر عن البنك الدولي، نفذت المملكة عددًا قياسيًا من الإصلاحات جعلها ضمن أفضل 10 دول في العالم من حيث تحسين بيئة الأعمال، وقفز ترتيبها من المركز 92 إلى 62 عالميًا.
وأصبحت كلفة إنشاء الأعمال لا تتجاوز 5.4% من دخل الفرد، بعد أن كانت تفوق 1000% قبل 15 عامًا ،هذه الإصلاحات أسست لمرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي، ووفرت بيئة تشريعية وتنظيمية أكثر جاذبية لرأس المال المحلي والأجنبي.

القطاع الخاص.. شريك أساسي في النمو
تستهدف رؤية 2030 رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي من 40% إلى 65%، ولتحقيق ذلك، أطلقت الحكومة برنامج الخصخصة في قطاعات الطاقة، والنقل، والتعليم، والصحة، بهدف تعزيز الكفاءة وتحفيز الاستثمار.
وتسعى المملكة إلى جمع أكثر من 13 مليار دولار من بيع الأصول العامة خلال السنوات الخمس المقبلة، كما يجري العمل على تطوير التمويل المبتكر وتمكين رواد الأعمال عبر تسهيلات ائتمانية وحاضنات أعمال، ما يجعل القطاع الخاص قاطرة النمو في العقد القادم.
اقرأ أيضًا:
السعودية تقود الاستثمارات الجريئة في الشرق الأوسط بمليار دولار، والذكاء الاصطناعي يهيمن
مشاريع كبرى ترسم ملامح المستقبل
تعمل السعودية على تنفيذ مشاريع عملاقة تمثل القلب النابض لرؤية 2030، أبرزها:
- نيوم: مدينة ذكية تمتد على مساحة 26,500 كم²، لتصبح مركزًا عالميًا للابتكار والتقنية.
- مشروع البحر الأحمر: تطوير أرخبيل يضم أكثر من 90 جزيرة بهدف جذب السياحة الفاخرة.
- القدية: مدينة ترفيهية ضخمة توفر أكثر من 17 ألف وظيفة.
- بوابة الدرعية: مشروع ثقافي سياحي يستعيد تراث العاصمة التاريخي.
هذه المشاريع ليست مجرد بنى تحتية، بل روافع اقتصادية لإطلاق قطاعات جديدة في السياحة، والتكنولوجيا، والثقافة، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل.

السياحة والترفيه.. من الحلم إلى الصناعة
لم يعد الحج والعمرة وحدهما محور السياحة في المملكة، وتسعى السعودية إلى جعل 70% من زوارها سياحًا غير دينيين بحلول 2030، عبر تطوير الوجهات الساحلية والتراثية.
ومن خلال تخفيف قيود التأشيرات وتنظيم الفعاليات الثقافية والحفلات الموسيقية وافتتاح دور السينما، أصبحت المملكة وجهة سياحية صاعدة في المنطقة، هذه الخطوات لا تعزز فقط الإيرادات، بل تحسن الصورة الدولية للمملكة وتفتح آفاقًا جديدة للشباب في مجالات الضيافة والترفيه والإبداع.
الاستثمار الأجنبي.. انطلاقة جديدة مع وزارة الاستثمار
أنشأت المملكة وزارة الاستثمار (MISA) لتحل محل الهيئة العامة للاستثمار (SAGIA)، في خطوة تهدف إلى توحيد جهود جذب الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال.
في الربع الأول من عام 2020، تم ترخيص 348 مشروعًا استثماريًا جديدًا، بزيادة سنوية بلغت 19%، وتأتي أغلب المشاريع في القطاعات الناشئة مثل التعليم والخدمات المالية والتكنولوجيا، وهو مؤشر على تحوّل نوعي في أولويات المستثمرين تجاه اقتصاد المعرفة.
اقرأ أيضًا:
النفط يقود وقطاعات جديدة تدعم، الاقتصاد السعودي ينمو 5% بالربع الثالث من 2025
صندوق الاستثمارات العامة.. ذراع السعودية في العالم
تحول صندوق الاستثمارات العامة (PIF) إلى أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، بإستراتيجية تجمع بين الاستثمار المحلي والدولي، واستثمر الصندوق أكثر من 8 مليارات دولار في الأسواق العالمية خلال الربع الأول من 2020، وشارك في تمويل مشاريع تكنولوجية كبرى مثل SoftBank Vision Fund وJio Platforms الهندية.
كما عزز الصندوق قدرته المالية بعد بيع حصته في “سابك” لأرامكو مقابل 69 مليار دولار، ما وفر سيولة ضخمة للاستثمارات المستقبلية، وينظر إلى الصندوق اليوم كمحرك رئيسي للتنويع الاقتصادي وداعم لخطط التحول الوطني.

التحول قيد التنفيذ
رؤية السعودية 2030 لم تعد مجرد وثيقة طموح، بل برنامج عمل فعلي يعيد صياغة بنية الاقتصاد والمجتمع، التحديات لا تزال قائمة، من تقلبات أسواق الطاقة إلى المنافسة الإقليمية، لكن سرعة الإصلاحات وكفاءتها تجعل المملكة اليوم في موقع متقدم لقيادة موجة التغيير الاقتصادي في الشرق الأوسط، فبين مشروع نيوم ورؤية الاستثمار العالمي، تتجه السعودية بخطى ثابتة نحو اقتصاد متنوع، وتنافسي، ومستدام نحو اقتصاد المستقبل.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الذهب يتخلى عن مكاسبه وانفراج سياسي أمريكي يحد من جاذبية المعدن الثمين
12 نوفمبر 2025 10:23 ص
الذهب يستفيد من التداعيات الاقتصادية بالإغلاق الحكومي
12 نوفمبر 2025 01:30 ص
«داو جونز» يصعد لمستوى قياسي بختام التعاملات بعد انتهاء الإغلاق الحكومي
12 نوفمبر 2025 12:24 ص
أكثر الكلمات انتشاراً