من التعاون إلى التنافس، كيف يعيد كوب 30 رسم موازين القوة في العمل المناخي العالمي؟
الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 08:39 ص
مؤتمر "كوب 30" بالبرازيل
يستعد العالم لانعقاد مؤتمر الأطراف "كوب 30" في نوفمبر المقبل بمدينة بيليم البرازيلية، وسط مشهد دولي متقلب ومعقد. يتسم هذا المشهد بتقاطع حاد بين التحديات المناخية الملحة، والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، والضباب الاقتصادي الذي يلف الأسواق العالمية.
اختبار نظام التعددية والقيادة المناخية العالمية
بعد أن كانت التعددية الدولية هي الإطار الناظم للجهود المناخية على مدى عقود، يواجه هذا النظام الآن اختبارًا حقيقيًا، ويعود هذا الاختبار بقوة إلى انسحاب الولايات المتحدة مجددًا من بعض التزاماتها، مما يثير تساؤلًا محوريًا حول قدرة القوى الأخرى، كالصين والاتحاد الأوروبي والبرازيل واقتصادات مجموعة العشرين، على تولي قيادة التحول المناخي العالمي بشكل منفرد.
التوجه نحو "الإقليمية المناخية" وإعادة ترتيب الأدوار
يرى الخبراء أن العالم يتجه نحو مرحلة جديدة يمكن وصفها بـ “الإقليمية المناخية”، وتتميز هذه المرحلة بتقدم الجهود المناخية عبر تحالفات قطاعية أو إقليمية متباينة، تعكس بوضوح التفاوت في القدرات الاقتصادية والأولويات التنموية للدول، هذا التوجه قد يؤدي إلى إعادة رسم خريطة القيادة في النظام المناخي الدولي.
أهمية المساهمات المحددة وطنيًا لعام 2035
تعتبر المساهمات المحددة وطنياً (NDCs) المحور الأبرز في أجندة مؤتمر بيليم، حيث يُتوقع أن تكشف الدول عن خططها الجديدة الطموحة التي تمتد حتى عام 2035. هذه الالتزامات الجديدة لا تحدد فقط وتيرة التحول الطاقي العالمي، بل ترسم أيضاً مسار الاستثمارات المستقبلية، وتوجهات التقنيات، وتؤثر بشكل مباشر في أسواق العمل والصناعة.
الحاجة إلى بناء الثقة وتأكيد الجدية الجماعية
تزداد الرهانات المعقودة على مؤتمر "كوب 30" بصفته منصة حيوية لإعادة بناء الثقة بين دول الشمال والجنوب، خاصة مع تأخر العديد من الحكومات في تقديم مسودات خططها الجديدة، ويشكل هذا المؤتمر فرصة لإثبات الجدية والالتزام الجماعي تجاه الأهداف المتفق عليها لخفض الانبعاثات الكربونية.
اقرأ أيضًا:
تعرف على مصادر التمويل التي توفرها قمة المناخ “كوب 29”
المسار الثاني.. تمويل المناخ بين الطموح والواقع
خرج مؤتمر كوب 29 في باكو باتفاق مبدئي على تعبئة 300 مليار دولار سنويًا بحلول 2035 لتمويل جهود المناخ، إلا أن التفاصيل التنفيذية ما زالت غامضة، الأسئلة الجوهرية المطروحة هي، من سيدفع؟ وكيف سيتم توزيع الأعباء بين المال العام والاستثمارات الخاصة؟، ويؤكد محللون أن مصداقية مؤتمر بيليم ستقاس بقدرته على تحويل هذا الرقم الطموح إلى تدفقات مالية فعلية ومستدامة.
بالنسبة للمستثمرين، فإن وضوح آليات التمويل يشكل إشارة حاسمة لتوجيه رؤوس الأموال نحو قطاعات الطاقة النظيفة والبنية التحتية المستدامة، ويحدد بدقة المناطق الجاذبة للاستثمار وتلك المعرضة للمخاطر.

المسار الثالث.. التحول الطاقي ومستقبل أسواق الكربون
بعد الزخم الذي أحدثه كوب 28 في دبي بدعوته إلى التحول التدريجي عن الوقود الأحفوري، تتجه الأنظار إلى بيليم لمعرفة مدى استعداد الحكومات لترجمة الوعود إلى التزامات فعلية، وسيكون التركيز على تنفيذ خطط لخفض الاعتماد على النفط والفحم، وتوسيع الطاقة المتجددة، وتقليص انبعاثات الميثان، وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تدخل أسواق الكربون مرحلة التنفيذ الفعلي بعد سنوات من الجدل، فنجاح هذه الأسواق يعتمد على صرامة معاييرها وشفافيتها، إذ يمكن أن تصبح أداة لتعزيز الطموح المناخي أو تتحول إلى نافذة جديدة للمماطلة إذا غابت الضوابط.
اقرأ أيضًا:
"البريكس" تشيد بجهود مصر والإمارات في دعم المناخ، اعرف التفاصيل
التقاطعات الاقتصادية.. المناخ يدخل مجالس الإدارة
ما سيصدر من بيليم لن يبقى في أروقة المفاوضات، بل سينعكس على قرارات الاستثمار وتمويل الشركات، فكل خطة وطنية واضحة تقلل من مخاطر تحول الطاقة وتخفض كلفة رأس المال، بينما تؤدي سياسات التمويل الموثوقة إلى مشاريع قابلة للتمويل تجذب القطاع الخاص. كذلك، فإن قوة التشريعات المنظمة لأسواق الكربون ستؤثر في تقييم الأصول منخفضة الانبعاثات وفي كيفية إدارة الشركات لبصمتها الكربونية وسلاسل توريدها.

بين الحكومات والأسواق.. من يملك زمام المبادرة؟
إن مؤتمر بيليم لن يكون مجرد محطة تفاوضية، بل اختبارًا لقدرة النظام الدولي على الحفاظ على تماسكه وثقة الأسواق، ففي ظل هشاشة الالتزامات الحكومية، تتجه الأنظار نحو القطاع الخاص بوصفه الفاعل الأهم في تنفيذ التحول الأخضر. المعادلة الجديدة واضحة: “القرارات الحاسمة لم تعد تتخذ في القمم الدولية فقط، بل في غرف اجتماعات الشركات والمؤسسات الاستثمارية.”
يأتي كوب 30 في لحظة فارقة من التاريخ المناخي العالمي، إذ تتقاطع فيه الاعتبارات البيئية مع التحديات الاقتصادية والجيوسياسية، ونجاحه لن يقاس بعدد البيانات الختامية، بل بمدى قدرته على تحويل الطموح إلى التزام، والمليارات الموعودة إلى تمويل فعلي، والوعود الوطنية إلى أفعال قابلة للقياس، في عالم تتسارع فيه الإقليمية المناخية، يبدو أن الطريق نحو الحياد الكربوني سيمر أولاً عبر الاقتصاد.. قبل أن يصل إلى السياسة.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
اليابان تزرع الشمس، مشروع أبولو الجديد يشعل سباق الطاقة النظيفة عالميًا
04 نوفمبر 2025 03:00 م
حرب صامتة على شرائح الذكاء الاصطناعي، الصغار يحترقون والعمالقة يجمعون الغنائم
04 نوفمبر 2025 01:00 م
أزمات الرسوم الجمركية تُربك التحالف الصناعي مع واشنطن وتفتح جبهة توتر جديدة
04 نوفمبر 2025 11:00 ص
أكثر الكلمات انتشاراً