من الفوضى إلى التكيف، كيف تجاوزت الصناعات الكبرى صدمة التعريفات الجمركية؟
الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 09:35 ص
كيف تجاوزت الصناعات الكبرى صدمة رسوم ترامب؟
ميرنا البكري
بعد عام مليء بالضغوط في سلاسل التوريد نتيجة للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على عدد من الشركاء التجاريين، بدأت الصناعات الكبرى تستعيد توازنها، فما كان في البداية حالة ارتباك عامة، تحول الآن إلى تأقلم الشركات مع التكاليف الجديدة، كما أدركت الأسواق كيفية التعامل مع هذا الوضع المستجد.
وأكد مايكل لارسون، المدير المالي لشركة إلينوي تول ووركس، أن "الرسوم ليست الحدث الأبرز الآن، لا من جانب التكاليف ولا الطلب"، مما يعني أن موجة الصدمة الأولى قد انتهت، وبدأ القطاع الصناعي الأمريكي والعالمي يتفاعل مع الأزمة كجزء من روتينه اليومي.
تعافي الأرباح واستقرار الطلب في أمريكا
وكشف تحليل لوكالة رويترز أن الخسائر التي تكبدتها الشركات الصناعية حول العالم بسبب الرسوم تراجعت إلى حوالي 7 مليارات دولار في أكتوبر، وهو رقم أقل بكثير من 17 مليار دولار المسجلة في الربع الذي سبقه، مما يشير إلى أن تكلفة الرسوم بدأت تهدأ وبدأت الشركات تستعيد جزءاً من ربحيتها.
وفي الولايات المتحدة، سجلت الإيرادات الصناعية أعلى معدل نمو سنوي منذ عام 2023 بنسبة 6.3%، وفقاً لبيانات LSEG، وهو مؤشر على بدء دوران عجلة الصناعة مجددًا، ومثال على ذلك، قامت شركة كاتربيلر، إحدى أكبر الشركات الصناعية العالمية، بتخفيض توقعات خسائرها من الرسوم من 1.8 مليار دولار إلى 1.75 مليار دولار بعد تحقيق نتائج قوية في أكتوبر، مما أدى إلى ارتفاع أسهمها بنسبة 12% في السوق.
وفي هذا الصدد، أشار الخبير جوشوا شاختر من شركة "إيسترلي" إلى أن "الشركات الصناعية الأمريكية تتعامل مع حالة عدم اليقين بكفاءة ملحوظة رغم التغيرات المستمرة في المشهد الجمركي".

التكيف اللوجستي على حساب العمالة
اضطرت شركات الشحن العملاقة مثل يو بي إس (UPS) وفيد إكس (FedEx) إلى تقليص التكاليف بشكل كبير بعد إلغاء أمريكا الإعفاء الجمركي على الشحنات الصغيرة القادمة عبر التجارة الإلكترونية، وقد كان لهذا الأمر تداعيات اجتماعية، حيث قامت "يو بي إس" بتسريح حوالي 48 ألف موظف هذا العام، وهو مؤشر واضح على استمرار الضغوط التشغيلية رغم تحسن الإيرادات. فالشركات تحاول الحفاظ على أرباحها بأي وسيلة، حتى لو تطلب الأمر تقليل العمالة والضغط على الكفاءة التشغيلية.
تراجع الطلب الأمريكي وحذر الأسواق الأوروبية
الوضع في أوروبا أقل هدوءًا، حيث تواجه الشركات الأوروبية التي تصدر إلى أمريكا تراجعاً في الطلب على منتجاتها بسبب ارتفاع الرسوم الجمركية. فقد أوضحت شركة إس كيه إف (SKF) السويدية لتصنيع المحامل الصناعية أن الطلب على المدى القصير سيكون ضعيفاً نتيجة للحذر في الأسواق. كما أكدت شركة HIAB المتخصصة في معدات البناء أن الطلبيات تباطأت منذ شهر فبراير بسبب التوترات التجارية.
تهديدات الرسوم الإضافية على الصناعات الألمانية
حذر اتحاد الهندسة الألماني (VDMA) من أن نصف صادرات أوروبا من المعدات الصناعية قد تواجه رسومًا إضافية إذا وسعت واشنطن قائمتها لتشمل الألمنيوم والصلب، وقد وصل متوسط التعريفة الأمريكية في أكتوبر إلى 18%، وهو أعلى مستوى له منذ 90 عامًا، وهذا يوضح أن أوروبا تدفع ثمنًا باهظًا للسياسات الأمريكية، حيث يتحمل مجالها الصناعي فاتورة الحرب التجارية المتصاعدة.
تعريفات جديدة تدخل حيز التنفيذ في نوفمبر
بدءًا من شهر نوفمبر الحالي، ستفرض الإدارة الأمريكية رسوماً جديدة بنسبة 25% على الشاحنات المتوسطة والثقيلة وقطع غيارها، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 10% على الحافلات المستوردة، مما يضيف المزيد من التعقيد إلى المشهد التجاري.
استقرار هش ومخاطر كامنة في الأفق
التعافي الأمريكي: قد تستمر الشركات الأمريكية في اتجاه التعافي طالما ظل الطلب الداخلي قويًا، لكن أي تصعيد جديد في الرسوم قد يعيدها لنقطة الصفر.
العمالة: تظل العمالة الصناعية تحت الضغط، خاصة في قطاعات اللوجستيات والشحن.
الأسواق الأوروبية: ستعاني الأسواق الأوروبية بشدة إذا وسعت واشنطن نطاق تعريفاتها لتشمل الصناعات الثقيلة.
سلاسل التوريد: لا تزال سلاسل التوريد هشة، وأي خلل جديد قد يعيد حالة الفوضى التي سادت في عام 2024.
ما يحدث حاليًا هو مرحلة تأقلم مؤقتة وليست تعافيًا كاملًا، فالرسوم الجمركية غيرت شكل التجارة العالمية، وتضطر الشركات الصناعية للعمل في بيئة مليئة بالمعوقات. الأرباح تتعافى، لكن ذلك يتم على حساب الوظائف والكفاءة التشغيلية، وتتحمل أوروبا الجزء الأصعب من الفاتورة، ورغم أن السياسات الحمائية قد تعطي دفعة قصيرة لاقتصاد ما، إلا أنها في النهاية تكلف العالم بأكمله فاتورة طويلة المدى. إن التوازن الصناعي الذي يحاول العالم استرجاعه قد ينهار مرة أخرى إذا كانت الموجة المقبلة من الرسوم أعنف.
اقرأ أيضًا:
بكين ترد على واشنطن بـ"قائمة المعادن"، سلاح التصدير يهدد صناعات كبرى
ترامب: الولايات المتحدة وكندا لن تستأنفا محادثات التجارة

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
أمين عام «أوابك»: النفط والغاز مصدر أساسي للطاقة العالمية حتى 2050
04 نوفمبر 2025 06:47 م
«إكس.آر.جي» الإماراتية تدخل مشروع الغاز الأرجنتيني مع «إيني»
04 نوفمبر 2025 06:35 م
سفير مصري: افتتاح فرع بنك مصر في جيبوتي له دور محوري في تعزيز العلاقات
04 نوفمبر 2025 06:07 م
أكثر الكلمات انتشاراً