ديون الصين تصل إلى 336% من الناتج المحلي، فقاعة اقتصادية تهدد الحلم المالي لبكين في 2025
الخميس، 23 أكتوبر 2025 03:00 م

إجمالي الدين في الصين وصل لمستوى قياسي 336%
ميرنا البكري
تبدو الصين حاليًا في لحظة فارقة من تاريخها الاقتصادي، فتسعى لتصبح قوة مالية عظمى تنافس أمريكا وبريطانيا واليابان، وفي نفس الوقت غارقة في جبل ديون يقلق المستثمرين، وأيضًا خطابات الرئيس الصيني شي جين بينج تجمع بين الثقة والطموح من جانب، والقلق والتحذير من جانب آخر، فيحاول أن تتصدر بلاده النظام المالي العالمي، لكن مدرك بأن الطريق مليء بالديون المتضخمة، ورقابة ضعيفة، وحرب تجارية تنهش في عصب الاقتصاد.

فقاعة الديون، الخطر الذي يكبح الحلم
تكشف أحدث بيانات معهد التمويل الدولي أن إجمالي الدين في الصين وصل لمستوى قياسي 336% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من 2025، وهذا أعلى رقم في تاريخها، كما ارتفعت هذه النسبة بحوالي 78% في 10 سنوات فقط وبالتالي يتضح أن النمو في الصين قائم على “الاستدانة” أكثر من الإنتاج الحقيقي.
تتحمل الشركات غير المالية أكبر حمل من الديون بنسبة 142% من الناتج المحلي، تليها الحكومة المركزية والمحلية بحوالي 93% من إجمالي الناتج المحلي، كما تتكبد الأسر ديون بـ 60% من الناتج المحلي الإجمالي وأغلبها قروض إسكان، وهو ما يجعلها شديدة التأثر بأي هذه تصيب العقارات، وتسيطر ديون المؤسسات المالية على حوالي 41% من الناتج المحلي.
الحرب التجارية والعقوبات، ضغط من الخارج والداخل
مع تصاعد الحرب التجارية مع أمريكا، لم تعد الصين تحارب في جبهة الاقتصاد فحسب، لكن أيضًا في جبهة “الأمن المالي”، كما تعكس خطابات شي الأخيرة خوفه من العقوبات الغربية التي قد تستهدف البنوك الصينية أو النظام المالي بالكامل.
تواجه الصين الآن معضلة صعبة من كيفية حماية نظامها المالي من العقوبات التي قد تعزلها عن الدولار، مع السعي لفتح أسواقها للعالم وتوسيع نفوذ اليوان، فهذا توازن حساس للغاية خاصةً بعد أن زودت أمريكا الرسوم الجمركية وقيود التكنولوجيا التي تضغط على الشركات الصينية المثقلة بالديون.
ديون محلية ضخمة ومشاريع غير مربحة
تعد واحدة من أكبر مشاكل الصين أن الحكومات المحلية استدانت بشكل ضخم لتمويل مشروعات عقارية وبنية تحتية لم تحقق العائد المتوقع، ونتج عن ذلك ديون ضخمة لم تُسدد وموارد تتسرب.
وفي نوفمبر 2024، حاولت بكين إنقاذ الوضع بإطلاق برنامج مبادلة ديون بقيمة 12 تريليون يوان لتخفيف الضغط على الحكومات المحلية.
الديون الخارجية، القيد العالمي
بنهاية يونيو 2025، بلغت الديون الخارجية غير المسددة حوالي 2.44 تريليون دولار و 52.1% منها مقوم باليوان، مما يعكس محاولات الصين لتقليل اعتمادها على الدولار، لكن في نفس الوقت، يكشف ضعف الطلب العالمي على عملتها.
أيضًأ ارتفعت نسبة الديون المتوسطة والطويلة الأجل لـ 42.4%، مما يعني أن هذه الأزمة ليست لحظية، بل ممتدة ومتشابكة على مدى سنوات.
طموح الزعامة المالية، الحلم الصيني الكبير
رغم كل التحديات التي تواجهها الصين، كان شي جين بينج واضح وصريح، فهو يسعى لتحويل بلده لقوة مالية كبرى تنافس أكبر اقتصادات العالم، وبالفعل هناك خطوات حقيقية على أرض الواقع من إصلاحات مالية وتوسيع نفوذ اليوان:-
1. شبكة تجارة ضخمة تغذي الطموح
أصبحت الصين الشريك التجاري الأول لـ44 دولة، وأحد أهم 3 شركاء لأكثر من 100 دولة، كما وصلت تجارتها الإجمالية في 2024 لـ 6 تريليونات دولار، مما يمنحها نفوذ اقتصادي يُترجم لقوة مالية، والأهم من ذلك أنها تستخدم شبكتها التجارية لتوسيع استخدام اليوان في المعاملات الدولية، خاصةُ في الطاقة والمعادن، كما وصلت نسبة التجارة المقومة باليوان لـ 29% في 2024.
2. حضور متزايد في النظام المالي العالمي
الصين لا تعمل داخل النظام القائم، بل تسعى لتعديله أيضًا، ففي قمم بريكس ومجموعة العشرين، شدد شي على ضرورة “إصلاح النظام المالي الدولي” الذي يخدم الغرب أكثر من اللازم، بجانب هذا، وسعت بكين نفوذها في بنك التنمية الجديد التابع للبريكس، وقامت بعقد اتفاقيات تبادل عملات مع 42 دولة بقيمة 3.8 تريليون يوان، مما يعطي الدول سيولة وقت الأزمات ويزود نفوذ اليوان عالميًا.
3. أدوات تنظيمية مرنة وغير تقليدية
منذ أزمة البورصة في 2015، ابتكرت الصين أدوات رقابية جديدة، فهي تستخدم البنوك الحكومية كأذرع تنفيذية للسياسة النقدية، وتدخل من خلال “الفريق الوطني” الذي يضم صناديق ثروة حكومية تشتري أسهم وقت الانهيارات لكي تهدىء الأسواق، وهذه الأساليب تعطيها قدرة على التحكم السريع في السوق، لكن تقلل الشفافية وتزود المخاوف من “التحكم المفرط”.
بين القوة والهشاشة، صورة الصين المالية المعقدة
بالنظر على المشهد بأكمله، سنجد أن النظام المالي الصيني يتكون من 4 نقاط ضعف و3 نقاط قوة يسيران في خطين متوازيين، فتكمن نقاط الضعف في الديون المتاركمو، والرقابة الغائبة، وضحالة الأسواق، والعقوبات المحتملة، في المقابل ترتكز القوة على شبكة تجارية كبيرة، ونفوذ دولي متنامي، وقدرة تنظيمية مبتكرة، أي الصين لديها مقومات الزعامة، لكن في نفس الوقت تقف على أرض مالية هشة جدًا.
معادلة القوة المالية المستقبلية للصين
إذا استطاعت الصين السيطرة على ديونها وزيادة ثقة العالم في اليوان، قد تصبح بالفعل قوة مالية كبرى، لكن إذا حدث انفجار في فقاعة الديون أو تصاعدت العقوبات الغربية، قد يتحول هذا الحلم لكابوس عالمي جديد.
وفي النهاية، تُعد الصين مثال حي على الصراع بين الطموح والواقع، فلديه اقتصاد ضخم يحلم بالقيادة، لكنه مكبل بقيود صنعها بنفسه.
اقرأ أيضًا:-
التنين الصيني يتراجع خطوة، تباطؤ النمو يضع بكين أمام اختبار صعب
الاقتصاد الصيني بين ضعف الإنتاج وارتفاع المخاطر، هل تحقق بكين هدف 5% للنمو؟

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
بين الحلم والحقيقة، لماذا لم تتحقق السيارات النووية حتى الآن؟
21 أكتوبر 2025 03:00 م
تداعيات الإغلاق الأمريكي على سوق الإسكان، قروض متوقفة ومخاطر تمتد إلى البنوك
20 أكتوبر 2025 03:53 م
لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي شرطًا للبقاء في سوق صناعة المنتجات الاستهلاكية؟
20 أكتوبر 2025 03:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً