الخميس، 16 أكتوبر 2025

11:18 م

الفضة تتألق على عرش المعادن.. قراءة اقتصادية لصعودٍ تاريخي

الخميس، 16 أكتوبر 2025 08:25 م

الذهب والفضة

الذهب والفضة

في عام تميز بتقلبات حادة في الأسواق المالية، وتزايدت فيه المخاوف من الركود والتوترات الجيوسياسية، كان من المتوقع أن يتصدر الذهب المشهد، بوصفه الملاذ الآمن الأول للمستثمرين، غير أن معدنًا آخر، لطالما عاش في ظل الذهب، خطف الأضواء هذا العام وسجل أداءً فاق كل التوقعات.. وهو الفضة.

وبقفزة تجاوزت الـ78% منذ بداية 2025، تجاوزت الفضة الذهب من حيث الأداء السنوي، لتسجل سعرًا قياسيًا بلغ 53.55 دولارًا للأوقية، مقارنة بارتفاع الذهب بنسبة 58%، فما الذي يقف خلف هذا الأداء المذهل؟ وهل نحن أمام تغير بنيوي في سوق المعادن الثمينة؟

الذهب والفضة

أزمة إمدادات.. وطلب غير مسبوق

اللافت في صعود الفضة، أنه لم يكن مجرد استجابة عاطفية لتقلبات الأسواق، بل جاء مدفوعًا بمزيج من العوامل الأساسية، التي شكلت عاصفة مثالية لصعود المعدن الأبيض، حيث تشير بيانات رابطة سوق السبائك في لندن (LBMA) إلى أن مخزونات الفضة، تراجعت بنحو الثلث منذ منتصف 2021.

ويرجع ذلك التراجع إلى فجوة متواصلة بين الإنتاج والطلب العالمي على مدار أربع سنوات، ما أدى إلى أزمة سيولة حادة في السوق، وندرة في العرض، رفعت الأسعار بشكل طبيعي، كما قد تسببت هذه الأزمة، في اتساع غير مسبوق للفارق بين الأسعار الفورية والعقود الآجلة، حيث بلغت العلاوة السعرية أكثر من 2.5 دولار، وهو مستوى نادر في أسواق المعادن. 

كا أن هذه الفجوة خلقت فرصًا مغرية للمضاربة والنقل السريع بين الأسواق، لدرجة أن بعض التجار نقلوا الفضة جوًا من نيويورك إلى لندن للاستفادة من الفارق السعري.

الفضة

 

الفضة.. جوهرة الصناعات النظيفة

وفي الوقت ذاته، تعزز الطلب الصناعي على الفضة بفعل الطفرة في قطاعات الطاقة المتجددة، وخصوصًا الألواح الشمسية، والرقائق الإلكترونية، والسيارات الكهربائية، وتعتمد هذه القطاعات على الفضة بسبب خصائصها الفائقة في نقل الكهرباء والحرارة، ما يجعلها مادة لا يمكن الاستغناء عنها في مستقبل منخفض الكربون.

ورغم هذا الطلب القوي، لم يشهد الإنتاج نموًا موازيًا، بفعل تراجع الاستثمارات في التعدين، وارتفاع تكاليف التشغيل، وصعوبة تطوير مناجم جديدة في وقت سريع، ما عمق أزمة العرض.

اقرأ أيضًا:-

من مصفاة واحدة إلى مركز إقليمي للتكرير والتصدير، مصر تخطو نحو ريادة الذهب

الصناديق والأسواق.. شهية مفتوحة

ولم يقتصر الصعود على الطلب الصناعي، بل شمل أيضًا المستثمرين الماليين، فقد أظهرت الصناديق المتداولة في البورصات (ETFs)، شهية غير مسبوقة، حيث أضافت نحو 95 مليون أوقية من الفضة إلى حيازتها في النصف الأول من العام، أي ما يفوق إجمالي تدفقات العام الماضي بأكمله.

وتعكس هذه التدفقات، إدراكًا متزايدًا لدى المستثمرين لأهمية الفضة، كمعدنٍ يجمع بين خصائص الاستثمار طويل الأجل، والاستخدام الصناعي النشط، وهو ما يمنحه طابعًا دفاعيًا وهجوميًا في آن واحد.

الذهب والفضة

 

شهية شرقية.. الهند تدخل على الخط

ولم تكن الهند بعيدة عن هذا الحراك، فوفق البيانات، تضاعفت واردات الفضة الهندية خلال العام الجاري، مع توجه صائغي المجوهرات، إلى تجديد مخزوناتهم رغم ارتفاع الأسعار، واللافت أن المشترين الهنود أصبحوا يدفعون علاوات تصل إلى 10% فوق السعر العالمي، في إشارة إلى أن الطلب لا يهدأ رغم ارتفاع الأسعار، بل ربما يزداد قوة بفعل التوقعات الصعودية.

اقرأ أيضًا:-

مكاسب تاريخية للذهب تصل لـ60% تثير قلق الاقتصاديين من جمود الأموال

تحول هيكلي في سوق الفضة

وتقول إيوا مانثي، محللة أسواق السلع في بنك ING، إن الفضة هذا العام، تؤكد على طبيعتها الهجينة، كمعدن صناعي واستثماري في آن واحد، وهي رؤية بدأت تتعزز منذ سنوات، لكن 2025 جاء ليثبتها بشكل قاطع.

ويعكس هذا الأداء القوي تحولًا هيكليًا في خريطة الطلب العالمي على المعادن، حيث أصبح الاستثمار في الفضة لا يرتبط فقط بالتحوط من التضخم أو ضعف الدولار، بل أيضًا بالرهان على مستقبل الاقتصاد الأخضر والتقنيات النظيفة.

الذهب والفضة

 

إلى أين تتجه الأسعار؟

ومع استمرار الفجوة بين العرض والطلب، ووجود محفزات هيكلية قوية، رفع بنك أوف أمريكا، توقعاته لسعر الفضة إلى 65 دولارًا للأوقية بحلول عام 2026، أما المستثمر الشهير روبرت كيوساكي، فقد ذهب أبعد من ذلك، متوقعًا صعودًا إلى 75 دولارًا للأوقية، بل وصرح مؤخرًا، لو كان لدي 100 دولار فقط، سأشتري بها الفضة.

وسواء تحقق هذا السيناريو أم لا، فإن الواضح أن العام 2025، قد يكون العام الذي تحررت فيه الفضة من ظل الذهب، لتؤسس مكانتها، كأصل مستقل يجمع بين الرؤية المستقبلية والمكانة التقليدية، واليوم الفضة ليست مجرد معدن ثمين، بل أصل إستراتيجي تتقاطع فيه خطوط الاستثمار، والصناعة، والتحول الأخضر، والتحوط المالي. 

ومع دخول الأسواق في مرحلة جديدة من التغيرات الاقتصادية والتقنية، يبدو أن الفضة قد استعادت بريقها القديم، وربما، وللمرة الأولى منذ عقود، بدأت تسير في مسار مستقل عن الذهب، لتروي قصتها الخاصة من الصعود والتألق.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search