استشاري نظم المعلومات: خدمات التعهيد فرص واعدة وتحديات لا يمكن تجاهلها

الأربعاء، 15 أكتوبر 2025 03:57 م

الدكتور محمد عسكر استشاري نظم المعلومات والأمن السيبراني

محمد السيد

قال الدكتور محمد عسكر، استشاري نظم المعلومات والأمن السيبراني، إن مع تسارع خطوات الحكومة المصرية نحو التحول الرقمي وتطوير منظومة الخدمات العامة، بدأ الحديث يتسع داخل أروقة الإدارة الحكومية حول مفهوم “التعهيد” أو الاستعانة بجهات خارجية متخصصة لتقديم بعض الخدمات الحكومية، سواء كانت إدارية أو رقمية، بهدف تحسين الكفاءة وخفض التكاليف، ورغم أن التعهيد يعد ممارسة شائعة عالميًا في الدول المتقدمة، إلا أنه لا يزال في مراحله الأولى داخل مصر، وسط تحديات بيروقراطية وتنظيمية، لكن أيضًا مع فرص كبيرة يمكن أن تُحدث تحولًا جذريًا في طريقة تقديم الخدمات العامة للمواطنين.

تنفيذ المهام نيابة عن الجهاز الإداري للدولة

وأضاف استشاري نظم المعلومات والأمن السيبراني، في تصريحان خاصة لـ"إيجي إن"، التعهيد الحكومي يعني أن تقوم الجهات الحكومية بإسناد بعض خدماتها إلى مؤسسات خاصة أو شبه حكومية، تتولى تنفيذ المهام نيابة عن الجهاز الإداري للدولة، وفق عقود واضحة ومحددة النتائج، ويشمل ذلك خدمات مثل الدعم الفني، ومراكز الاتصال، وتطوير البرمجيات، وإدارة الموارد البشرية، وحتى بعض الخدمات اللوجستية.

تواجه مصر تحديات ضخمة تتعلق بتضخم الجهاز الإداري

وأوضح "عسكر"، أن مع وجود ما يقرب من 4 مليون موظف حكومي، تواجه مصر تحديات ضخمة تتعلق بتضخم الجهاز الإداري، وتكاليف تشغيلية مرتفعة، إلى جانب الحاجة لتحسين جودة الخدمات الحكومية بشكل يتماشى مع طموحات "رؤية مصر 2030".

التعهيد أداة إصلاح فاعلة

ويري “عسكر”، أن التعهيد يمثل أداة إصلاح فاعلة، تساعد الدولة على التركيز على وظائفها الأساسية، مع تسريع وتيرة التحول الرقمي، وتقديم خدمات ذات جودة أعلى وبكلفة أقل.

تقليل العبء على الموظفين الحكوميين وتقديم خدمة أسرع للمواطن

وأكد “عسكر”، أن بعض الوزارات والهيئات الحكومية بدأت بالفعل في تطبيق نماذج محدودة من التعهيد، واستعانت وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات بشركات قطاع خاص لتطوير بعض بوابات الخدمات الإلكترونية، كما تتعاون وزارة الداخلية ووزارة الصحة مع شركات خاصة لإدارة مراكز الإتصال وخدمات الدعم الفني واستقبال الشكاوى والاستفسارات، ما يساعد في تقليل العبء على الموظفين الحكوميين وتقديم خدمة أسرع للمواطن، في بعض الهيئات الحكومية، مثل هيئة السكك الحديدية، وتم التعاقد مع شركات خارجية لإدارة بعض الخدمات اللوجستية أو صيانة المعدات، وهذا يهدف إلى خفض التكاليف التشغيلية وزيادة الكفاءة.

خدمات تحصيل الرسوم الحكومية

وأشار “عسكر” إلى أن التعهيد يقدم خدمات تحصيل بعض الرسوم الحكومية مثل رسوم المرور، الضرائب، ورسوم الخدمات الإدارية عبر شركات متخصصة أو بنوك بهدف التسهيل على المواطنين وتسريع عمليات الدفع، ولكن هذه التجارب لا تزال مجزأة وليس لها أطر ضمن سياسة وطنية واضحة، لذا فإننا نطالب بوضع إطار تشريعي وتنظيمي شامل يحكم عملية التعهيد الحكومي، ويضمن الرقابة على جودة الخدمات المقدمة.

ضعف في الرقابة أو مشكلات في حماية البيانات

وأضاف “استشاري نظم المعلومات” إن فوائد التعهيد لا تقتصر فقط على خفض التكاليف، بل تشمل، تسريع تقديم الخدمات ورفع كفاءتها، وتقليل الضغط على الموارد البشرية الحكومية، والإستفادة من الإبتكار والتكنولوجيا المتوفرة في القطاع الخاص، وتحسين رضا المواطنين عن الخدمات الحكومية، ولكن في المقابل أحذر من تطبيق غير مدروس لهذا النموذج، ما قد يؤدي إلى ضعف في الرقابة، أو مشكلات في حماية البيانات، أو تعاقدات غير عادلة إذا غابت الشفافية.

أُطر قانونية وتنظيمية واضحة

وأكد “عسكر”، إن نجاح التعهيد في مصر يتطلب وضع أُطر قانونية وتنظيمية واضحة، تشمل، قوانين تنظم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومؤشرات أداء (KPIs) ملزمة في العقود، ورقابة محاسبية ومتابعة فنية دقيقة، وتأهيل الكوادر الحكومية لإدارة ومراقبة التعاقدات.

تحسين مستوى الخدمة المقدمة للمواطن

واختتم “عسكر”، إن الهدف الرئيسي من التعهيد هو تحسين مستوى الخدمة المقدمة للمواطن، وجعلها أكثر سهولة وسرعة وفاعلية، سواء في مكاتب الحكومة أو عبر المنصات الرقمية، ويظل السؤال المطروح حاليًا: هل تتحرك مصر بخطى واضحة نحو نموذج تعهيد حكومي مستدام ومنضبط؟ أم أن التخوف من فقدان السيطرة والرقابة سيظل حجر عثرة أمام هذا التحول الضروري في الإدارة العامة؟