خبراء لـ«إيجي إن»: الهيدروجين الأخضر هو المستقبل والبيانات الدقيقة وقود الصناعة

الإثنين، 06 أكتوبر 2025 04:12 م

الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات- تعبيرية

محمد السيد

تشهد الصناعة العالمية تحولًا جذريًا تقوده التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، وأصبحت المعلومات الدقيقة الوقود الجديد لزيادة الإنتاج ويبرز الهيدروجين الأخضر كمحور أساسي لمستقبل الصناعات الثقيلة في ظل سباق عالمي نحو الطاقة النظيفة، بينما تتسارع جهود إدارة المخلفات الصناعية بطرق ذكية تعيد تدوير الموارد وتقلل الأثر البيئي، لتشكل تلك التحولات مجتمعة ملامح عصر صناعي جديد يعتمد على التكنولوجيا كأداة لتحقيق الكفاءة والاستدامة والنمو الاقتصادي في آن واحد.

رئيس التنمية الصناعية الأسبق: الهيدروجين الأخضر مستقبل الصناعات

قال المهندس مجدي غازي، رئيس هيئة التنمية الصناعية الأسبق وخبير التنمية المستدامة، إن البيانات أصبحت اليوم المحرك الأساسي لكل نشاط اقتصادي، وليست حكرًا على الصناعة وحدها، والاعتماد على قواعد بيانات دقيقة يمكن صانع القرار من تحديد الصناعات التي تحتاج إلى دعم أو تطوير، ويتيح الكشف عن القطاعات التي تُستنزف فيها الموازنة العامة بسبب الاستيراد، وعندما تتوافر المعلومات الكافية حول الإنتاج المحلي والواردات، يصبح بالإمكان توجيه السياسات الصناعية نحو تشجيع الصناعات الأكثر احتياجًا، مثل صناعة السيارات أو الحديد، لتقليل الفجوة الاستيرادية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتجات الاستراتيجية.

تحليل البيانات أداة جوهرية لرفع كفاءة الإنتاج الصناعي

أكد “غازي” في تصريحات خاصة لـ"إيجي إن"، أن نظم تحليل البيانات تمثل اليوم أداة جوهرية لرفع كفاءة الإنتاج الصناعي وتقليل الفاقد داخل المصانع، وكل معلومة دقيقة تتيح قراءة أعمق لعمليات التصنيع، وتحليل أداء خطوط الإنتاج، وتحديد مصادر الهدر أو القصور، والمؤسسات التي تمتلك قاعدة بيانات قوية تصبح قادرة على اتخاذ قرارات أكثر دقة في التوسع أو التطوير، بما يعزز تنافسية الصناعة المصرية على المستوى الإقليمي والعالمي.

الذكاء الاصطناعي في تطوير الصناعة

وأوضح رئيس هيئة التنمية الصناعية، أن دور الذكاء الاصطناعي في تطوير الصناعة، ما يزال في مراحله الأولى داخل السوق المصري، لكنه يمثل مستقبل اتخاذ القرار الصناعي، وفعالية تلك التكنولوجيا مرهونة بتوافر بيانات ضخمة ودقيقة، والنظم الذكية لا تبتكر قراراتها ذاتيًا بل تعتمد على تحليل ما يُقدَّم إليها من معلومات، وبناء قاعدة بيانات وطنية متكاملة شرط أساسي لأي تحول صناعي قائم على الذكاء الاصطناعي، سواء في التنبؤ بالأعطال أو في تحسين كفاءة خطوط الإنتاج.

الهيدروجين الأخضر

أشار “غازي”، إلى أن الهيدروجين الأخضر طاقة نظيفة واعدة يمكن أن تغيّر مستقبل الصناعات الثقيلة في مصر مثل الحديد والكيماويات، لكنها تتطلب بنية تحتية خاصة وتوافر كميات ضخمة من المياه لاستخلاص الهيدروجين من خلال التحليل الكهربائي للماء، والتوسع في هذا المجال يجب أن يتركز على المناطق الساحلية، إذ يمكن استخدام مياه البحر في عمليات الاستخلاص، ومصر تمتلك بديلًا أكثر جدوى في الوقت الحالي وهو الطاقة الشمسية، نظرًا لتوافر مساحات صحراوية واسعة وعدد ساعات سطوع مرتفع، مما يجعل الاستثمار في محطات الطاقة الشمسية خيارًا اقتصاديًا واستراتيجيًا أكثر استقرارًا.

تقليل الملوثات الصناعية

أضاف “غازي”، أن ملف إدارة المخلفات الصناعية لا يجب أن يُنظر إليه فقط من زاوية العائد الاقتصادي، بل من البعد البيئي أولًا، فإعادة التدوير لا تسهم فقط في خلق موارد جديدة، بل تساهم في تنظيف البيئة وتقليل الملوثات الصناعية، ومع التحول نحو الإدارة الرقمية للمخلفات، يمكن تتبع دورة حياة المواد منذ دخولها خط الإنتاج حتى إعادة تدويرها، مما يعزز كفاءة استخدام الموارد ويخلق فرصًا اقتصادية جديدة من نفايات كان من الممكن أن تُهدر.

تحقيق عوائد مالية واقتصادية

أكد “غازي” خبير التنمية المستدامة، أن إدارة المخلفات لها أبعاد اقتصادية كثيرة، وكانت تنفق في السابق أموال طائلة من أجل دفن المخلفات، وبالتالي لا تحقق الاستفادة الاقتصادية المطلوبة، ولكن إعادة التدوير تحقق الكثير من الفوائد، وتحقق الكثير من العوائد الاقتصادية من خلال التخلص من المخلفات، والحفاظ على البيئة، والأثر الأكبر يكون في الاستفادة من المخلفات في إعادة التصنيع، وبالتالي تحقيق عوائد مالية واقتصادية كبيرة.

منصة «إبداع مصر» بوابة الشركات نحو الاستثمارات الأجنبية

قال الدكتور تامر سعيد، أستاذ إدارة الأعمال والمحاضر بالدراسات العليا بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إنه وفي خضم أهمية المعلومات ودورها الكبير في نجاح الشركات وخصوصا الناشئة، أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عن قرب إطلاق منصة «إبداع مصر EgyptInnovate» بنسخة محدثة، والمنصة تضم اليوم أكثر من 70 ألف مستخدم، يجرى تطويرها من قبل شركات ناشئة.

خريطة تفاعلية مدعومة بالبيانات

أضاف أستاذ إدارة الأعمال، في تصريحات خاصة لـ"إيجي إن"، أن المنصة تضم فرصًا واعدة لتشبيك الشركات الناشئة مع المستثمرين المحليين والدوليين، وتمكينها من جذب استثمارات من خلال خريطة تفاعلية مدعومة بالبيانات متاحة بشكل مفتوح ومن مصدر موثوق، سيكون له الأثر الكبير على تدعيم فكرة ريادة الأعمال ويفتح المجال أمام المستثمرين، للتعرف على الأفكار الإبداعية في ريادة الأعمال وتبني ومساعدة تلك الأفكار إلى الخروج إلى النور والاستثمار فيها، وبنك الأفكار أهم بكثير من بنك النقود لأن الأفكار الإبداعية تصنع القيمة وتحقق النمو والربحية.

صُناع القرار

أضاف “سعيد”، أن المنصات الرقمية عبارة عن بنية تحتية من خلال الإنترنت، وتعتمد على البرامج وتسهل تفاعلات الجمهور المستهدف لهذه النوعية من المعلومات، وتعتبر نموذج أعمال جيد وقائم على استخدام التكنولوجيا، بطريقة سهلة وبسيطة، وتسمح بتبادل المعلومات والتواصل بين كافة الأطراف المعنية.

وأشار “سعيد”، إلى أن المعلومات أهم عنصر في اتخاذ كافة أنواع القرارات، وهي الضوء الذي ينير الطريق إلى صانعي ومتخذي القرارات، والأمر لا يقتصر فقط على الشركات والمؤسسات بكافة أنواعها ولكنه يمتد أيضا إلى الأفراد، عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرار هام وله تأثير على المستقبل.

تأثير المعلومات على التجارة والصناعة

أوضح أستاذ إدارة الأعمال، أن المعلومات ضرورة ملحة في التجارة والصناعة والاستثمار، لأنها تعزز صنع القرار المبني على أساس سليم، وتسهم بشكل كبير في زيادة الكفاءة والفاعلية، وتعزز فكرة الإبداع والابتكار خصوصًا عند اتخاذ قرارات من شأنها الدخول في أسواق جديدة.

تحديد الفرص والتهديدات

أشار الدكتور تامر سعيد، إلى أن تحليل المعلومات الصحيحة عن الأسواق وبيئتها الخارجية، وما تنطوي عليه من بيئة خارجية تتمثل في البيئة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية والتكنولوجية، وخاصة فيما يتعلق بالصناعة، يساعد الشركات والمؤسسات بكافة أنواعها في تحديد الفرص والتهديدات الموجودة في البيئة الخارجية، كي تستخدم نقاط قوتها في الحصول على الفرص، وتجنب التهديدات، وتقوية نقاط ضعفها، حتى لا تكون عائقًا في الحصول على الفرص، أو تكون أرض خصبة للتهديدات التي من شأنها أن تقضي على المؤسسة أو الشركة وخصوصًا الشركات الناشئة، وتحليل المعلومات بشكل جيد يتيح للشركة استخدام واختيار الاستراتيجيات السليمة وتحديد البدائل التي تساعدها على الاستمرار والنمو وتعزيز قدرتها التنافسية.