الأحد، 05 أكتوبر 2025

08:45 ص

محمد الصو يكتب: الذهب استثمار ذكي في زمن المخاطر

الأحد، 05 أكتوبر 2025 12:05 ص

محمد الصو

محمد الصو

محمد الصو

على مر التاريخ، ظل الذهب محتفظاً بمكانته كأحد أكثر الأصول موثوقية في أوقات الأزمات، فكلما اشتدت الأوضاع السياسية أو الاقتصادية، لجأ الناس إلى المعدن الأصفر باعتباره ملاذاً أمناً.

وبالرغم من هذا الثقل، لا يخلو الأمر من أصوات معارضة ترى في الذهب مجرد أصل عقيم لا يدر دخلاً، كما وصفه المستثمر الأسطوري «وارن بافيت».

شخصياً، أجد أن هذا التوصيف للذهب لم يعد دقيقاً، خاصةً في ظل التغيرات العميقة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، فالمعدن الذي اعتُبر يوماً مخزناً للقيمة فقط، أصبح اليوم أداة استثمارية نشطة، تحقق عوائد حقيقية، وتنافس الأصول التقليدية في الأداء.

الذهب

وبالعودة إلى عامي 2024 و2025 ستوضح هذه النقلة النوعية، حيث ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 45% في عام واحد فقط، بعد أن سجلت زيادة بنحو 27% في العام السابق.

هذه الأرقام ليست مجرد تحركات عرضية، بل تعكس تحولاً هيكلياً في طبيعة الطلب على الذهب، مدفوعاً بعدة عوامل يصعب تجاهلها.

من وجهة نظري، ما يحدث اليوم هو نتيجة مباشرة لمزيج غير مسبوق من العوامل، ضعف الدولار الأميركي، الضغوط الجيوسياسية المتصاعدة، السياسة النقدية التوسعية في الولايات المتحدة، وعودة الحديث عن خفض أسعار الفائدة بشكل أعمق من المتوقع.

كل ذلك جعل الذهب، ليس فقط ملاذاً، بل فرصة استثمارية حقيقية، يصعب تجاهلها حتى من قبل من كانوا يستهينون به سابقاً.

الأمر اللافت أن البنوك المركزية نفسها  والتي تمثل الجهة الأكثر تحفظاً عادة في السوق، أصبحت من كبار المشترين للذهب، في مسعى واضح لتنويع احتياطاتها بعيداً عن الدولار الأميركي، بعد أن أظهرت العقوبات المالية على روسيا هشاشة الاعتماد على العملات الأجنبية كاحتياطي.

وهنا أطرح سؤالاً بسيطاً، إذا كانت المؤسسات الكبرى، التي تتخذ قراراتها بناءً على دراسات معقة ومصالح استراتيجية، باتت تنظر إلى الذهب كمصدر أمان ونمو في آنٍ واحد، فلماذا لا يفعل المستثمر الفرد الشيء ذاته؟

صحيح أن الذهب لا يولد تدفقات نقدية مثل الأسهم أو السندات، لكنه يقدم شيئاً آخر لا يقل أهمية، وهو الأمان في وقت التراجع والخسائر، والنمو في زمن التقلبات.

الذهب

الأهم من ذلك، أن الذهب لا يخضع لسياسات البنوك المركزية أو ضغوط الحكومات، وهذا ما يمنحه ميزة نسبية فريدة في نظام اقتصادي عالمي يعاني من تصدعات واضحة.

في رأيي، تصنيف الذهب كأصل عقيم هو رؤية قديمة لم تعد صالحة لعصرنا الحالي، فالمعدن الأصفر أثبت خلال الأعوام الماضية أنه ليس فقط وسيلة للتحوط، بل أداة لتحقيق المكاسب، خصوصاً لمن يُجيد قراءة المشهد الاقتصادي وتحركات السوق.

وبينما ينظر البعض للذهب كأداة دفاعية، أراه اليوم هجوماً استثمارياً ذكيًا في زمن تغيب فيه الرؤية، وتعلو فيه المخاطر، فالذهب ليس فقط أماناً، بل فرصة ذهبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

Short Url

search