تطبيق «Tik Tok»، من أداة ترفيه إلى ورقة تفاوض جيوسياسية
الإثنين، 29 سبتمبر 2025 02:51 ص

تيك توك وترامب
تحولت صفقة تيك توك الأخيرة بين الولايات المتحدة والصين إلى أكثر من مجرد اتفاقية تجارية، فهي تعكس تطورات المشهد الاقتصادي والتقني العالمي، وتكشف عن طبيعة التحولات في موازين القوة.
ولم تعد التطبيقات مجرد أدوات ترفيهية، بل صارت أوراقًا استراتيجية تستخدم في المفاوضات الكبرى بين القوى العظمى.

صفقة ظاهرها تقني.. وباطنها سياسي
في الظاهر، الصفقة تسمح لمستثمرين أمريكيين بشراء حصة الأغلبية في عمليات تيك توك داخل الولايات المتحدة، مع تقليص ملكية بايت دانس ByteDance الصينية إلى أقل من 20%.
كما تنقل إدارة البيانات والخصوصية إلى شركة أوراكل Oracle، فيما تؤول السيطرة على مجلس الإدارة إلى أمريكيين (6 من أصل 7 مقاعد)، هذه الترتيبات تمنح الولايات المتحدة غطاءً قانونيًا للقول إنها نزعت الطابع الصيني عن التطبيق.
لكن ما وراء هذا الاتفاق هو الأهم اقتصاديًا، وتمثل الصفقة تنازلاً نادرًا من الصين في قطاع تقني تعتبره أحد أعمدة قوتها الناعمة، لكنها جاءت مقابل مكاسب أكثر أهمية من مجرد الاحتفاظ بملكية تيك توك.
الصين تبيع تيك توك.. لتشتري نفوذًا أعمق
بينما يبدو أن بكين وافقت على التخلي عن سيطرتها الشكلية على التطبيق، فإنها في الحقيقة تحتفظ بأهم ما في تيك توك وهو الخوارزمية.
فالخطة تنص على ترخيص الخوارزمية لتكتل أمريكي يعيد بناء نسخة محلية منها من الصفر، وبهذا الشكل تحصل الصين على تدفقات مالية ثابتة من حقوق الاستخدام، دون تحمل أعباء سياسية أو تنظيمية.
هذا الترخيص المدفوع قد يدر على بايت دانس مئات الملايين من الدولارات سنويًا، ويمنح الصين ما تحتاجه الآن بشدة، من سيولة ورأس مال للاستثمار في تقنيات أكثر أهمية، مثل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتقدمة.

ترامب يحصل على منصة.. والصين تربح الوقت والمرونة
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان قبل سنوات من أشد منتقدي تيك توك، غير موقفه بالكامل، والسبب بسيط، المنصة أصبحت أداة فعالة للوصول إلى الناخبين الشباب، وقد ساهمت باعترافه في تعزيز حضوره السياسي.
لذلك، كان حرصه على إنقاذ التطبيق سياسيًا بقدر ما هو اقتصادي، لكن في سبيل ذلك، تنازل عن كثير من شروط الحظر الفعلي التي كان من الممكن أن تفرض خروجًا كاملاً للصين.
فتمديد المهلة النهائية للتخارج أربع مرات، والتوقيع على أمر تنفيذي يقنن الصفقة، يشيران إلى أن ترامب قدم تنازلات فعلية للحصول على مكاسب رمزية.
اقرأ أيضًا:
صفقة تيك توك 2025.. سيطرة أمريكية كاملة (فيديو)
ما الذي تعنيه مكاسب للجميع؟
عندما وصفت وسائل الإعلام الصينية الصفقة بأنها مكاسب للجميع، لم تكن تبالغ، ففي الحقيقة، المكاسب الصينية قد تكون مضاعفة.
فهي حافظت على ملكية خوارزمية تعتبرها كنزًا استراتيجيًا، وستجني منها عوائد مالية، بينما تخلصت من أعباء سياسية كانت تجر عليها العقوبات والضغوط.
وفي الوقت نفسه، فتحت بكين بابًا لحوار أوسع مع واشنطن، يشمل قضايا الاستثمار والتجارة وتهدئة التوتر في قطاعات أخرى مثل الرقائق الإلكترونية والمعادن النادرة.

الاقتصاد الرقمي يعاد تشكيله بالتفاهمات لا بالمواجهة
ما جرى في صفقة تيك توك يمثل تحولًا في طريقة إدارة الصراع بين القوتين، فبدلًا من المواجهة المباشرة كما حدث في قضية هواوي أو إنفيديا، اختارت واشنطن وبكين طريق التفاهم المرحلي.
وقد يكون هذا النموذج قابلاً للتكرار في قطاعات أخرى تشهد توترات مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وحتى شبكات الجيل السادس.
اقرأ أيضًا:
ترامب يوقع أمرًا تنفيذيًا جديدًا يهدف لتسهيل عملية بيع تطبيق «تيك توك»
من تيك توك إلى دوباو.. الصين تغير أولوياتها
على الجانب الآخر، يبدو أن الصين لم تعد ترى في تيك توك أصلًا استراتيجيًا لا يمكن التخلي عنه، فشركة بايت دانس نفسها بدأت تحول مواردها نحو الذكاء الاصطناعي، حيث أطلقت روبوت المحادثة "دوباو" الذي بات يتفوق من حيث عدد المستخدمين في الصين.
بل إن أحدث نماذجها في الذكاء الاصطناعي جاءت في مرتبة تسبق علي بابا وديب سيك، وتنافس مباشرة نماذج أمريكية كبرى.
ما يعني أن الصين تعيد ترتيب أولوياتها، ومن وجهة نظر اقتصادية، فإن التخلي عن أصل ناضج مثل تيك توك لا يعد خسارة بقدر ما هو إعادة توزيع للموارد نحو قطاعات النمو الأسرع.

صفقة تيك توك ليست النهاية.. بل بداية جولة جديدة
اقتصاديًا، لم تكن صفقة تيك توك سوى تسوية مؤقتة تضمن للجميع الحد الأدنى من المكاسب وتمنح الوقت لتصفية الخلافات الأعمق.
لكن من الواضح أن الصين دخلت هذه الصفقة وهي تدرك تمامًا أنها تكسب على المدى البعيد، سواء عبر الخوارزمية، أو عبر إعادة توجيه استثماراتها نحو الجيل التالي من التكنولوجيا.
أما الولايات المتحدة، فرغم نجاحها في أمركة التطبيق، إلا أن ما حصلت عليه قد لا يكون كافيًا لضمان السيطرة الكاملة على المحتوى أو النفوذ الرقمي.
الأمور واضحة جليًا للجميع.. المشهد مستمر، والتكنولوجيا ما زالت هي ساحة المعركة المقبلة.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
أرباح الصناعات الصينية ترتفع، تحسن مستدام أم فقاعة مؤقتة؟
27 سبتمبر 2025 04:00 م
تصعيد جمركي محتمل، الروبوتات والمستلزمات الطبية في مرمى رسوم ترامب
27 سبتمبر 2025 03:00 م
الصين تتنازل عن امتيازات الدول النامية.. نضج اقتصادي ومناورة سياسية
27 سبتمبر 2025 01:31 م
أكثر الكلمات انتشاراً