هل تطلق أمريكا النار على عقولها؟ رسوم H-1B بين الابتكار والابتزاز
السبت، 27 سبتمبر 2025 10:20 ص

تأشيرات H-1B
في خطوة فجائية قلبت معادلة الهجرة المهنية رأسًا على عقب، فرضت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، رسومًا صادمة بقيمة 100 ألف دولار على تأشيرات H-1B، التي لطالما اعتبرت شريان الحياة لقطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة.
وهذه الخطوة لم تكن مجرد تعديل بيروقراطي، بل إشارة حادة إلى تغيير عميق في فلسفة الهجرة الاقتصادية التي شكلت لعقود أحد أعمدة التفوق الأمريكي.

من أداة جذب إلى عبء مالي
كانت تأشيرة H-1B لعدة سنوات، بمثابة بطاقة دخول إلى الحلم الأمريكي لعشرات الآلاف من المبرمجين والمهندسين والباحثين من مختلف أنحاء العالم، فالرسوم السابقة التي لم تتجاوز 8 آلاف دولار، جعلت منها خيارًا عمليًا للشركات الأمريكية الباحثة عن مواهب نادرة.
لكن قرار رفع التكلفة إلى 100 ألف دولار قلب المعادلة، فشركات التكنولوجيا، التي تعتمد بشكل كبير على الكفاءات الأجنبية، تجد نفسها الآن أمام خيارين أحلاهما مر، إما دفع كلفة باهظة لاستقطاب العقول، أو الاكتفاء بالمواهب المحلية، التي لا تكفي لسد فجوة الابتكار.
الأرقام لا تكذب
الإحصاءات تكشف فداحة القرار:-
- 86 ألف تأشيرة تصدر سنويًا.
- 1.3 مليون حامل حاليًا.
- 730 ألفًا يعملون مباشرة في شركات أمريكية.
- 86 مليار دولار مساهمة سنوية لهؤلاء في الاقتصاد الأمريكي.
- أما الأبرز، 920 ألفًا من حاملي التأشيرة من الهند وحدها، وهو ما يسلط الضوء على البعد الديمغرافي للقرار.

صدمة الشركات.. وارتباك الإدارة
وبحسب بشار الكيلاني، مؤسس شركة AI360، فإن طريقة الإعلان تعكس غياب التنسيق والرؤية، والتصريحات المتناقضة، فهل الرسوم سنوية أم لمرة واحدة؟ وذلك الأمر زاد من حالة الغموض، حيث أربك حتى الشركات الكبرى التي تعد أكثر المتضررين مثل جوجل، ومايكروسوفت، وميتا، وأمازون.
وهذه الشركات تعتمد على العقول الأجنبية لدفع عجلة الابتكار، فالقرار الجديد قد يجبرها على نقل مراكز البحث والتطوير إلى دول أقل تكلفة وأكثر ترحيبًا، ما يعني خسائر مستقبلية لا تقدر بثمن.
اقرأ أيضًا:-
هل يهدد قرار ترامب بزيادة رسوم تأشيرات "H-1B" قطاع الأطباء؟
خسارة للهند.. وخسارة لأمريكا
الهند، التي تعد المورد الأكبر للعقول المهاجرة إلى وادي السيليكون، قد تكون الخاسر الأول، لكن الخسارة الأكبر تبقى أمريكية، فالهند لم تعد مجرد مصدر أفراد، بل أصبحت شريكًا بنيويًا في نجاح شركات أمريكية عملاقة، يقودها مديرون تنفيذيون من أصول هندية.
كما أن إضعاف هذا الجسر، لا يعني فقط إغلاق الأبواب أمام الكفاءات، بل مهدد للعلاقات الإستراتيجية بين البلدين، في وقت تتصاعد فيه التحديات الجيوسياسية والتكنولوجية.

ابتكار بدون عقول.. معادلة مستحيلة
الذرائع التي تروج لها الإدارة الأمريكية، مثل سوء الاستخدام أو أولوية المواطن، لا تصمد أمام واقع سوق العمل، أما الشريحة الشابة التي تستهدفها تأشيرة H-1B، فتمثل غالبًا المبتكرين في مجالات البرمجة والذكاء الاصطناعي، وهي الفئة التي تعاني السوق الأمريكية من نقص حاد فيها.
ويبدو القرار أقرب إلى رسالة سياسية موجهة للداخل الأمريكي، هدفها كسب نقاط انتخابية، لكنه يتجاهل حقيقة أن الريادة في القرن الحادي والعشرين، تبني على العقول لا الجدران.
اقرأ أيضًا:-
الهند: زيادة رسوم لـ100 ألف دولار على تأشيرة H-1B له عواقب إنسانية
العالم يتحرك.. وأمريكا تتراجع
وفي وقت تشهد فيه دول مثل كندا، والصين، وألمانيا، ودول الخليج، سباقًا محمومًا لجذب المواهب التكنولوجية، حيث تأتي واشنطن لتفرض ما يشبه ضريبة على الابتكار، والنتيجة، نزوح محتمل للعقول إلى أسواق أكثر دعمًا وتقديرًا، ما يفتح الباب واسعًا أمام منافسين يسعون بكل طاقتهم لسحب البساط من تحت وادي السيليكون.
وتشير تقديرات أولية إلى أن القرار قد يؤدي إلى خسائر تصل إلى 14 مليار دولار سنويًا، من حيث الإنتاجية والإيرادات الضائعة، أضف إلى ذلك الأثر غير المنظور على صورة أمريكا، كوجهة أولى للمهاجرين الموهوبين.

هل تطلق أمريكا النار على قدمها؟
وفي خضم السباق العالمي على الذكاء الاصطناعي والتفوق التكنولوجي، تبدو الولايات المتحدة وكأنها تتنازل طوعًا عن أعظم مواردها، المتمثل في العقول المهاجرة، فالقرار قد يرضي بعض الأصوات المحلية على المدى القصير، لكنه يحمل في طياته تهديدًا وجوديًا للريادة الأمريكية.
والسؤال الحتمي يبقى، هل تستطيع أمريكا أن تحافظ على تفوقها التكنولوجي دون العقول المهاجرة؟ فإذا كان الجواب لا كما يرجح، فإن فرض رسوم باهظة على H-1B، قد يكون أكثر من مجرد قرار خاطئ، بل قد يكون نقطة تحول تغير وجه الاقتصاد العالمي.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الصين تتنازل عن امتيازات الدول النامية.. نضج اقتصادي ومناورة سياسية
27 سبتمبر 2025 01:31 م
من الساعات إلى السيارات، ألياف الكربون مادة خارقة تتفوق على الصلب
25 سبتمبر 2025 02:00 ص
السوشيال ميديا تسرق عقلك، المعركة الخفية على انتباه الأفراد
25 سبتمبر 2025 08:25 ص
أكثر الكلمات انتشاراً