-
الرئيس السيسي مع نظيره الرواندي: ندعم السلطة الفلسطينية ولا نقبل المساس بحقوقنا المائية
-
"البنك الدولي" يدق ناقوس الخطر، تحديات تهدد استدامة التنمية في مصر (تفاصيل)
-
«تجارية القاهرة»: 4.4% نموًا في صادرات الحديد بإجمالي 2.3 مليار دولار نهاية 2024
-
«صناعة الترفيه»، اقتصاد ناعم يقود التحول العالمي والسعودية في الصدارة
الشرطة المدرسية.. القهر والتنمر لا يصنع الانضباط
الثلاثاء، 23 سبتمبر 2025 01:38 م

محمد أحمد طنطاوي
"لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ.. بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ.. ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ.. وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ"، عنترة بن شداد، الشاعر الجاهلي المعروف، وأحد أبرز أصحاب المعلقات السبع، وقد تذكرت أبياته عندما شاهدت العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية تنقل على الهواء في بث مباشر "لايف" لحظات دخول الطلاب المدارس مطلع العام الدراسي الجديد، بمدرسة السعيدية الثانوية العسكرية بنين، والشرطة المدرسية تتعامل بصلف شديد، وقسوة بالغة، وتمد يدها بالقوة لنزع "سلسلة" من أحد الطلاب تحت دعوى مخالفة الزي المدرسي!
لم يستأذن طالب الشرطة المدرسية زميله في أن ينزع سلسلته بنفسه، بل مد يده إليها، وكأنه يتعامل مع مجرم أو لص، لا زميل فصل أو رفيق دفعة واحدة، وكأن المطلوب من هذه الوحدة المدرسية إهانة أبنائها وكسر كبريائهم وإخراجهم على مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات الفضائيات بصورة مذلة تحمل كل أدوات القهر والتنمر، لذلك أناشد كل المواقع الإلكترونية التي بثت هذه الواقعة أن تحذفها، حرصًا على حق هؤلاء الطلاب الذين تعرضوا للتنمر والمعاملة غير اللائقة من جانب أقرانهم في الشرطة المدرسية.
لا أفهم حتى الآن طبيعة الدور الذي تقوم به الشرطة المدرسية ووظيفتها، وما قد تتركه من أثر نفسي في نفوس الطلاب، سواء من كانوا فيها أو من يتعرضون للتنمر والقهر بسببها، وما يمكن أن تسببه من مشكلات ورواسب نفسية في نفوسهم، خاصة أن الفيديوهات كشفت الطلاب وهم يظنون أن القهر يصنع الانضباط، والزي يعطي الهيبة، والعبارات الخشنة وسوء المعاملة دليل على الرجولة وحسن التقدير.
لا أتصور أن أي مدرسة تحتاج إلى نموذج الشرطة المدرسية الذي شاهدته في الصور والفيديوهات التي انتشرت مع بدء الدراسة، لذلك على وزارة التربية والتعليم أن تتدخل فورًا لإلغاء هذا النشاط، الذي انحرف عن مساره، خاصة أن المجتمع ينادي بنبذ التنمر ومواجهة القهر النفسي والبدني بكل أشكاله وصوره، وأظن أن استمرار هذه التجربة يعني تخريج مجموعات مشوهة من المرضى النفسيين..
ليس من حق أي مدرسة أن تمنع طالبًا استيقظ فى الصباح وحمل حقيبته ليتعلم، بسبب ارتداء سلسلة أو "حظاظة"، مادام كل ماسبق لا ينال من الآداب العامة، ولا يخدش حياء الناس، ولا يستهجنه المجتمع، خاصة أنه لا توجد في أي قوانين أو أعراف أو نصوص أو أديان ما يمنع الناس من ذلك، فهذه "حرية" الفرد، وله أن يرتدي ما يشاء، ما دام لا يعتدي على حقوق الآخرين، أو يمس منظومة القيم المتفق عليها، لذلك يجب إحالة كل من منع طلاب مدرسة السعيدية من دخول المدرسة في يومهم الأول بسبب السلاسل أو الكاب أو قص الشعر، للتحقيق من جانب وزارة التربية والتعليم، فهذه مدرسة وليست سجنًا، مكان للتعلم وليست إصلاحية أو منشأة شرطية أو عسكرية.
مدرسة السعيدية الثانوية لها سمعة معروفة، وتضم دائمًا الطلاب المتفوقين، ولها تاريخ طويل من تخريج أجيال عديدة، لكن ما رأيته الأسبوع الجاري في تلك المدرسة العريقة خطر يهدد أمن المجتمع ويفتئت على منظومة القيم، ويهدد صورة التعليم، ويدعم أفكار التسرب، ويجعل المدرسة بيئة منفرة وغير صالحة للتعلم، خاصة إن كان الطالب يجد هذا الحجم من الإهانة والتنمر من أقرانه ماداموا يلتحفون زيًا مصطنعًا، يعطيهم تجربة مشوهة، فنتحول من المدرسة إلى الغابة، ومن محراب العلم إلى سجن كبير..
كنت أتمنى لو أن الشرطة المدرسية في أول أيام الدراسة تحمل باقات الزهور والورود وتقدمها للطلاب الجدد وضيوف المدرسة الوافدين من الأحياء المختلفة في محافظة الجيزة، أو تقدم لهم هدايا تذكارية باسم الشرطة المدرسية، قلم، مسطرة، صورة للمدرسة، ميدالية، علم، في هذه اللحظة ستتغير الصورة تمامًا ويشعر الطالب بقيمته، ومن هم في الشرطة العسكرية كذلك سيشعرون بإنسانيتهم وقيمة ما يقدمونه من عطاء ومحبة لأقرانهم، دون أن يكون الأمر مجرد ادعاء واهم بالقوة، أو سوء استغلال للسلطة أو الوظيفة.
لا أعرف ماذا فعل أولياء الأمور الذين تعرض أبناؤهم للقهر والتنمر خلال اليومين الماضين، لكني لو كنت في موضعهم لهممت بمقاضاة المدرسة، ووزير التربية والتعليم، والمواقع الإلكترونية والصفحات التي بثت ونشرت الحدث، وتعدت على حقوق طلاب في مقتبل العمر، وكسرت نفوسهم، وتركت لهم ندبات في المستقبل، وجراح نفسية ستظل سنوات وسنوات.
أرجوكم لا تربطوا قيمة الناس بما يلبسون، ولا تشيطنوا أفكار الطلاب والشباب وتقدموا لهم التهور باعتباره شجاعة، والغرور والصلف على أنه ثقة وتقدير للذات، أو الخروج عن اللياقة وقلة الذوق بأنه انضباط وإقرار للنظام، شتان بين هذا وذاك، علموهم دائمًا ماقاله سقراط في عبارته الشهيرة "الفضيلة علم والرزيلة جهل"..
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
"بيض بالتقسيط"، كاريكاتير جديد لـ"إيجي إن"
19 سبتمبر 2025 08:15 م
دكتور محمد عسكر يكتب: نتنياهو كفى وهمًا.. هاتفي ليس قطعة من إسرائيل
19 سبتمبر 2025 02:08 م
محمود صالح يكتب: مولانا الملك "أمنمؤوبي".. السوار ساح!!
18 سبتمبر 2025 06:26 م
أكثر الكلمات انتشاراً