الأحد، 21 سبتمبر 2025

04:33 م

بين الإهمال والخيانة، كيف تحولت معامل الترميم إلى ثغرة في المتاحف المصرية؟

الأحد، 21 سبتمبر 2025 01:42 م

المتحف المصري بالتحرير

المتحف المصري بالتحرير

أثارت واقعة سرقة الأسورة الذهبية من داخل المتحف المصري بالتحرير، صدمة كبيرة في الأوساط الأثرية والثقافية، فلم تكن مجرد حادثة فردية، بل جريمة تكشف عن ثغرات أمنية وإدارية خطيرة داخل معامل الترميم، المفترض أن تكون حصونًا لحماية الكنوز والتراث المصري، لا ممرًا لتهديده.

بدأت القصة، ببلاغ رسمي باختفاء قطعة أثرية نادرة عمرها أكثر من ثلاثة آلاف عام، سرعان ما قاد إلى اتهام أخصائية ترميم استغلت الثقة والإجراءات الروتينية، لتتحول الواقعة إلى قضية رأي عام تثير أسئلة ملحة حول أمن المتاحف المصرية ومستقبل حماية كنوزها.

بداية القصة.. بلاغ باختفاء الأسورة

لاحظ وكيل المتحف المصري وأحد أخصائيي الترميم اختفاء أسورة ذهبية نادرة من داخل خزينة حديدية بمعمل الترميم، ليتم على الفور إبلاغ وزارة الداخلية يوم 13 سبتمبر الجاري، ومن هنا بدأت رحلة البحث والتحري لكشف لغز الجريمة.

متهمة من الداخل.. والبيع في مسبك

أثبتت تحريات وزارة الداخلية، ن وراء الجريمة إحدى أخصائيات الترميم، التي تمكنت يوم 9 سبتمبر من سرقة الأسورة مستغلة الثقة والإجراءات الروتينية داخل المعمل.

ووفقًا للتحقيقات، قامت المتهمة ببيع القطعة لصاحب محل فضيات في منطقة السيدة زينب مقابل 180 ألف جنيه، قبل أن تباع لاحقًا لعامل بأحد مسابك الذهب بـ194 ألف جنيه، حيث جرى صهرها للتخلص من معالمها.

السعر الحقيقي للأسورة المسروقة من المتحف

وبحسب تصريحات الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، فإن الأسورة المسروقة تزن نحو 600 جرام من الذهب الخالص، ويصل سعر الجرام الواحد إلى حوالي 5 آلاف جنيه، ما يرفع قيمتها إلى نحو 3 ملايين جنيه، وليس 190 ألف جنيه كما باعها المتهمون.

وأوضح شاكر أن وجود خرزة مفقودة في منتصف الأسورة يضفي عليها قيمة أثرية نادرة، تجعلها أغلى بكثير من مجرد وزنها بالذهب.

ضرورة توثيق إلكتروني دقيق للقطع الأثرية داخل المتحف

ولضمان حماية التراث المصري ومنع تكرار مثل هذه الحوادث، أكد كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، ضرورة إجراء جرد شامل وتوثيق إلكتروني دقيق للقطع الأثرية داخل المتحف، إلى جانب تعزيز المنظومة الأمنية في جميع القاعات والمباني، عبر التأكد من تركيب وتشغيل كاميرات المراقبة بانتظام.

وزير السياحة والآثار يرد: "تصرف دنيء وثغرات خطيرة"

في أول تعليق رسمي، كشف شريف فتحي وزير السياحة والآثار أن الحادثة جاءت نتيجة تراخي في تطبيق الإجراءات الأمنية داخل المتحف، مؤكدًا أن ما قامت به الموظفة "تصرف دنيء" يضر بسمعة مصر وتراثها.

وأشار الوزير إلى أن مفتاح معامل الترميم يخضع عادة لإجراءات صارمة تشمل إشراف الشرطة وتسجيل الاستخدام في دفاتر رسمية، لكن الموظفة استغلت الثقة والعلاقات الشخصية لتجاوز هذه اللوائح، خاصة في فترة تجهيز بعض القطع للسفر إلى إيطاليا.

ثغرات أمنية قديمة.. وغياب الكاميرات

اعترف الوزير بأن مكتب الترميم يعمل منذ أكثر من 21 عامًا دون تركيب كاميرات مراقبة داخلية، وهو ما اعتبره ثغرة خطيرة تم استغلالها.

ومن جانبه، أكد الدكتور محمد عبدالمقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، أيضًا عدم وجود كاميرات مراقبة داخل معامل الترميم، موضحًا أن معظم المخازن والمعامل لا تحتوي على كاميرات مراقبة داخلية بسبب رفض سابق لتركيبها.

إجراءات عاجلة لتأمين المتاحف

أكد الوزير أن الوزارة بدأت بالفعل خطوات عاجلة لمعالجة الأزمة، من بينها تركيب كاميرات مراقبة في المواقع الحساسة كافة، وتشديد الرقابة الإدارية، وإلزام العاملين بالالتزام باللوائح بحزم أكبر.

كما جرى تشكيل لجان عليا لمراجعة أنظمة التأمين في جميع المتاحف المصرية وتطوير آليات التفتيش والحراسة.

العقوبات المنتظرة بحق المتهمين

وبحسب القانون، يواجه المتهمون عقوبات مشددة:

  • تنص المادة 49 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018 على السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على عشرة ملايين جنيه لكل من سرق أثرًا مملوكًا للدولة.
  • كما تنص المادة 90 من قانون العقوبات على أن الموظف العام الذي يختلس أثرًا بحكم وظيفته يُعاقب بالسجن المشدد، مع تغليظ العقوبة في هذه الحالة.

أما المتورطون الآخرون الذين اشتروا الأسورة وساهموا في صهرها، فيواجهون تهمًا تتعلق بإخفاء أشياء متحصلة من جريمة والمشاركة الجنائية، وقد تصل عقوبتهم إلى السجن المشدد.

سمعة مصر الأثرية في الميزان

ورغم خطورة الواقعة، شدد وزير السياحة والآثار على أن الحادث لن يؤثر على سمعة مصر كوجهة ثقافية وسياحية عالمية، مؤكدًا أن الدولة لديها رصيد كبير من النجاحات في حماية واستعادة الآثار.

وأوضح أن نتائج التحقيقات ستعلن بشفافية، داعيًا إلى عدم الانسياق وراء الشائعات وانتظار البيان الرسمي النهائي.

هل بقية الكنوز الأثرية المصرية مؤمَّنة بالفعل؟

وتطرح هذه الواقعة تساؤلًا جوهريًا وهامًا، هل بقية الكنوز الأثرية المصرية مؤمَّنة بالفعل؟، فهي تكشف عن حجم التحديات التي تواجهها الدولة في حماية تراثها الفريد، وتؤكد الحاجة الملحة لإصلاحات جذرية في منظومة التأمين والإدارة داخل المتاحف ومخازن الآثار.

وفي الوقت الذي تمضي فيه التحقيقات في مسارها القانوني لردع الجناة بعقوبات صارمة، يبقى الدرس الأهم أن حماية آثار مصر ليست مسؤولية الأجهزة الرسمية وحدها، بل أمانة وطنية تستدعي يقظة دائمة، وتطويرًا مستمرًا لوسائل التأمين، حفاظًا على هوية مصر الحضارية أمام العالم.

اقرأ أيضًا:

وزارة السياحة والآثار تكشف ملابسات اختفاء الإسوارة الأثرية من المتحف المصري بالتحرير

اختفاء أثر نادر وتكليف مثير للجدل، وزارة السياحة والآثار في مرمى الانتقادات

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
 

Short Url

search